الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكن هذه ليست حقيقتي!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2021 / 9 / 3
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


أنا أكتب في السينما والأدب والأديان والهجرة وعن العالم كله، وعن التسامح وعن هموم وشؤون مختلفة؛ فأحصد لايكات واحتجاجات، انتقادات ومديحا، ازدراءًا واستحسانا، لكن صُلب اهتماماتي وما يشغلني ويؤلمني ويوجعني يتصدى له أكثر الأصدقاء، وترفضه التجمعات الفيسبوكية والمنتديات الالكترونية، ويعتذر الصرحاء المتعاطفون عن عدم التعليق أو التعقيب أو حتى لايك صغيرة لا تراها العين المجردة. وينفر منه الإعلاميون والمثقفون، وترصده أجهزة الأمن، ويسخر منه حشّاشو الإنترنيت، وتـُشغل القراءَ عنه جماعات الذباب والخفافيش والمرشدين والمتعاونين.
اهتمامي منذ خمسين عاما ينصبّ في حقوق الإنسان وما يحدث في السجون والمعتقلات والعلاقة المريضة بين الحاكم والرعية، بين الديكتاتور والشعب.
اهتمامي هو التنوير بدون خوف أو مطاردة أو تصفية أو استدراج أو خسارة.
اهتمامي هو انسانيتي التي لا تكتمل إلا بإنسانية الآخرين، وصمتي، مع افتراض حدوثه، على الظلم سيرثه أبنائي ثم يبصقون على قبري، ونفاقي للسادي المتوحش الذي يضع شعبا تحت حذائه، فيصفق له الإعلاميون والقضاة والأكاديميون والكُتاب والوصوليون والكوهينيون.
اليوم استدعيت عشرات الأسماء لأشخاص وأصدقاء وجماعات اختاروا في العقود القليلة المنصرمة الانحياز للديكتاتور مبارك وطنطاوي ومحمد مرسي(الديكتاتور الدرويش) والسيسي وبالتالي لأجهزة الأمن ونبضات الخوف في القلوب والأمان والأمن بامتداح الديكتاتور بما ليس فيه.
أي مقال لي تُشَم فيه رائحة السيسي أو يُفهَم منه عدم رضاي عن جرائمه، فأنا أخسر به مزيدًا من الأصدقاء.
الممنوعات والمحرمات أكثر مما كانت في عهود سابقة ودول واقعة تحت أقدام ديكتاتوريات شرسة، فقد كان المصري في أبشع العهود يتنفس على استحياء، ويصرخ في غرفته المعزلة، ويلمّح في الهاتف لاعتراض، ويثق في أخيه وأمه وأبيه وصديق طفولته.
لو باع كل حاكم لمصر في الخمسة آلاف سنة الأخيرة نهر النيل وجُزُرا واستقلال مصر وصفع الدستور وبدل مواده واقترض من الأثرياء ليرهن مستقبل مصر، فربما ارتفع صوت خافت محتجا.
كان المصري يعترض على الإعلام والسقوط الثقافي وعشرات الآلاف من الشباب المعتقلين بدون تهمة؛ أما في عهد السيسي فأنا على يقين بأنه يستطيع أن يذبح كل أفراد الشعب في ليلة وضحاها؛ ولا يرتفع صوت واحد بصرخة مكتومة.
كيف عرف السيسي كلمة السرّ التي خدّرت أو أماتت أو خنقت شعبًا من أعرق حضارات الأرض وهو لا يملك ما يؤهله لحُكم قرية من الأميين.
كتاباتي التي تروق للمتابعين في موضوعات مختلفة تسعدني لكنها ليست حقيقتي التي سأقابل بها مالك المُلك؛ فأنا أريد أن أكتب عن المظلومين، وعن القضاء الفاسد، وعن الإعلاميين من الحيوانات البشرية وعن البرلمانيين من خريجي محو الأمية وعن إهدار وطن ووضعه في حساب الأثرياء الذين سيمتلكون مصر بعد حين.
طوال نصف قرن لم أسمع قلوب المصريين وهي تقفز من مكانها كما أسمعها الآن، وكل مصري يبرر موقفه اللأخلاقي بالخوف على الأسرة والعائلة والمنصب، فحتى الذي يظهر على شاشة العفن التلفزيوني يفقد الكثير إنْ لم يُشر إلى توجيهات وعبقرية الرئيس.
الإنسان وحقوقه وكرامته وحريته وسكنه وعمله وأمواله وخروجه من مصر ودخوله إليها في أي وقت .. تلك جل اهتماماتي.
في ذهني أسماء مثقفين وأصدقاء وأدباء وسياسيين وأبطال حروب وطنية وموسوعات متحركة فضّلوا الصمت والأرنبة والانزواء في ركن قصي لئلا يلمحهم كلاب الحراسة البشرية.
شكرا لكل الذين أرسلوا يطالبونني بالاستمرار في كتابات التنوير وفضح قوى الارهاب الديني والابتعاد عن القصر وكل طوبة فيه حتى يتابعونني، لكن هذه ليست حقيقتي!
كل الأصدقاء والجمعيات والمنتديات الذين حظروني أو حظرتهم؛ هل كانوا أصدقاء حقيقيين؟
أنا أكتب؛ فأنا أتنفس الأرض!
أنا أكتب داخل الخطوط الحمراء للديكتاتور؛ فأنا أتنفس السماوات والأرض!
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 2 سبتمبر 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن