الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم القانوني لعقود الإيجار في ظل جائحة كورونا

عمار القداح
باحث ومستشار قانوني

2021 / 9 / 3
دراسات وابحاث قانونية


الحكم القانوني لعقود الإيجار في ظل جائحة كورونا (كوفيد/19)
لقد تسبب فيروس كورونا بخسارة كبيرة عمّت أرجاء العالم, وأقرت الحكومات تباعاً فرض حظر جزئي أو كامل على العديد من المحال التجارية والأنشطة الاقتصادية المختلفة, مما استتبع بالضرورة ضرر مادي خاص وعام فضلا عن الأضرار الأخرى لهذا الوباء, فما هو الحكم القانوني لعقود الإيجار خلال هذه الأزمة ؟ وهل يستطيع المستأجر أن يفسخ العقد؟ أو أن يطلب بتخفيض قيمة الإيجار؟
هذه الواقعة لا تخرج عن نطاق نظرية قانونية أخذت بها كل التشريعات الوطنية وهي نظرية الظروف الطارئة, لذلك سنسلط الضوء بإيجاز على هذه النظرية من وجهة نظر قانونية :
إن نظرية الحوادث الطارئة تسعف المتعاقد المغبون ـ وإن صح التعبيرـ المنكوب؛ (المستأجر) وذلك عندما يختل التوازن في العقد, ففي التشريع الفرنسي الحديث وعلى أثر تبدل الأوضاع الاقتصادية بعد الحربين العالميتين دعت الحاجة أخيراً إلى إصدار قوانين لحالات خاصة أوجد فيها حلولاً صريحة تقوم على تطبيق نظرية الظروف الطارئة والتي تقضي بإعادة التوازن العقدي بين الأطراف المتعاقدة, وقد قننت القوانين العربية هذه النظرية في نظمها الداخلية، وأقرتها، واعترف بها غالبية الفقهاء واتفقوا على أن الأساس الذي تقوم عليه هذه النظرية هو فكرة العدالة، فنظرية القانون والفكر القانوني لا يقبلان أن يرهق المتعاقد بتنفيذ التزام يهدده بخسارة فادحة لأسباب خارجة عن إرادته ظهرت بعد التوقيع على العقد.
وقد نصت المادة (148/2) وما يقابلها من نص المادة (147/2) من القانون المدني المصري على تطبيق أحكام هذه النظرية لكن ضمن شروط خاصة, فما هي الشروط القانونية لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة :
1ـ أن يكون العقد من زمرة العقود المستمرة التنفيذ أو متراخية التنفيذ:
ويستخلص من ذلك أن هذه النظرية تطبق عادةً في ظل عقود الإيجار أو عقود التوريد. كما يمكن أن يكون ذلك أيضاً في ظل عقود فورية التنفيذ حينما يكون تنفيذها مؤجلاً لأي سبب من الأسباب كالبيع بثمن مؤجل.
2ـ أن يقع حادث استثنائي عام لم يكن في الوسع توقعه:
كالزلازل والحروب وانتشار الأوبئة وهذا ما ينطبق على (كوفيد/19).
3ـ أن يكون الحادث الاستثنائي غير متوقع الحصول وقت إبرام العقد:
فالحكمة من نظرية الظروف الطارئة هي عنصر المفاجأة والغبن اللاحق لإبرام العقد؛ لأن المتعاقد إن كان بإمكانه توقع الحادث عند التعاقد يسقط حقه في طلب تعديل الالتزام استناداً إليه؛ لأنه يكون قد ارتضى الالتزام بوجود هذا الحادث .
4ـ أن يكون الحادث الاستثنائي مما لا يمكن تفاديه:
حيث ليس من المعقول أن يحمل الدائن نتيجة تقصير المدين حين يكون بإمكانه ذلك, فانقطاع خدمة النقل انقطاعاً عارضاً بحيث يمكن التغلب عليه باستعمال طرق أخرى للنقل لا يعد حادث استثنائي مرهق للمدين.
5ـ أن يؤدي الحادث الاستثنائي إلى جعل تنفيذ التزام المدين مرهقا دون أن يصل الأمر إلى حد استحالة تنفيذه:
وهذا ما يميز نظرية القوة القاهرة عن نظرية الظروف الطارئة، فالأولى تؤدي حتماً إلى استحالة تنفيذ الالتزام في حين أن الثاني لا يؤدي إلا إلى الإرهاق في تنفيذه, كما أن القوة القاهرة يجوز أن يتفق على أن يتحمل المدين تبعتها، في حين أن الظرف الطارئ بصفاته القانونية سيؤدي حتماً إلى تعديل التزام المدين، وتعديل الالتزام هو من متعلقات النظام العام، لا يمكن للدائن والمدين أن يتفقا مقدماً على استبعاده (المادة 148/3 من القانون المدني السوري).
فإذا توافرت الشروط السابقة للنظرية فإن للقاضي ـ وتبعاً للظرف وبعد إجراء الموازنة بين مصلحة الطرفين ـ أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول وللقاضي هنا سلطة تقديرية في هذه المسألة، فله أن يوقف تنفيذ العقد خلال فترة الحادث الاستثنائي حين تكون آثار الحادث استثنائية مؤقتاً (تأجيل المستحقات الإيجارية)، ولا يعدّ ذلك ضرراً بالدائن. وعلى العكس قد يرى القاضي الحكم بتنفيذ العقد؛ ولكن مع إنقاص الالتزام المرهق للمدين (تخفيض القيمة الإيجارية). وليس هناك ما يمنع القاضي من إعادة النظر في التعديل القضائي للعقد إذا ما اشتد الظرف الطارئ أو خف في وقت لاحق .

الباحث القانوني/ عمار القداح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: المجاعة تخيّم على غزة رغم عودة مخابز للعمل.. وانتظار ل


.. مع مادورو أكثر | المحكمة الدولية لحقوق الإنسان تطالب برفع ال




.. أزمات عديدة يعيشها -الداخل الإسرائيلي- قد تُجبر نتنياهو على


.. وسط الحرب.. حفل زفاف جماعي بخيام النازحين في غزة




.. مظاهرة وسط تونس تدعو لإجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء