الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في قصيدة حواف الحرقة

السمّاح عبد الله
شاعر

(Alsammah Abdollah)

2021 / 9 / 4
الادب والفن


قراءة في قصيدة:
قصيدة (حواف الحرقة) للشاعر السمّاح عبد الله.
بقلم: فتحي محفوظ

أولا: القراءة
يعود إلينا شاعرنا الرائع السماح عبدالله بعد غيبة طويلة وفي جعبته ديوان جديد : ثلاثاءات عابر سبيل، من قصائد هذا الديوان نتوقف أمام قصيدة (حواف الحرقة)
الجانب الشعري في القصيدة يتدفق بسلاسة فائقة بلا تعقيدات ولا يطغي علي الجانب السردي في القصيدة، إنها إحدي ملكات شاعرنا المرهف الحس .
يتمتع السماح عبدالله بملكات عديدة: البساطة المتناهية، الروح الانسانية، قدرته الفائقة علي الإيجاز والتعبير علي الرغم من ضآلة مساحة الإنشاد في النص، وأزعم أن قدرته علي البناء التعبيري لا يكاد ينازعه فيها شاعر آخر.
في تلك القصيدة، وبفعل بسيط وصريح يقول إن الجند ذهبوا الي الحرب، فيعلن بذلك عن غياب الرجال :
(وتبقى في فضا هذي الجداراتِ النساءْ
يتمشَّينَ على حاشيةِ الأسواقِ
خفيفاتٍ
ويتركن المشدّاتِ على طاولة البهوِ)
ومن تبقي بعد غياب الرجال هم النساء، وهي البقايا التي ظلت قائمة وحاضرة ومطبوعة علي جدارية التوثيق التاريخي الاجتماعي، توثق الجدارية أبعاد الغياب والحضور داخل المشهد، ذهاب الرجال الي الحرب وبقاء النساء داخل المشهد، يتحرر النساء من ارتداء المشدات، ولا تذهب القصيدة الي أبعد من ذلك، إنه التحرر من أربطة المشدات، ليس في سبيل البحث عن ما هو بديل للفقد، ليس من أجل النزق المستتر خلف طبائع وغرائز مكبوتة، لا توجهنا القصيدة إلي ذلك، وإنما تقودنا بسلاسة ورقة الي جهة أخري، إلي حضور آخر بديل :
(يراقبن الرجال الغرباء
يحتسين القهوة المُرَّةَ في الصبحِ
وفي الليلِ الطويل
يرتشفن الخمر سِرّا)
وهم الرجال الذين لم يتح لهم الفرصة للذهاب إلي الحرب، فجلسوا يشربون القهوة المرة ويحتسون الخمر، فسجلوا حضورهم داخل المشهد، فيما ظل الآخرون بعيدا في أتون الحرب مسجلين غيابهم عن إطار الجدارية، وبقيت النساء في حالة من التمزق بين حدي الحضور والغياب، دون ضغينة، دون بروز دوافع الشبق والنزق، يرقص النساء فرادي دون رفقة، فالاختيار بين الغياب والحضور ترف لا قبل لهن به، يذكر النص أنهن يسعين إلي ما فقد منهن، الوجد والفرح المنقوص، ففي ظل وجود حرب ليس ثمة كمال في الفرحة، أيضا لا مكان للوجد، إنها تعاسة الوحدة وأوزارها، وينمن وفي قلوبهن تعاسة تلك الوحدة، ولا يأملن سوي فيض من المتعة يأتي عن طريق حلم عابر بائس.
(فإنْ جاء ملاك الحلمِ في حُلّته الخضراء
يتمشى في حشيش الشجر المبلولِ
قدمن له خبزا
وماء)
إنها تكثيف معبر عن أقسي مشاعر الحرقة، الصورة بكاملها تبتعد عن الزمن، وبذا فهي تبتعد عن التاريخ، والسلوك الاجتماعي غير محدد بطابعه النمطي، فالرذيلة مفقودة في هذا النص، والفضيلة لا تتجاوز حدود الحلم.
الحرب غير حاضرة علي مشهد الجدارية، ولكنها مطبوعة علي القلوب الخافقة بالوجد والفرح، وربما تكون تلك البارقة التعسة هي الرؤيا المستترة عن أوزار الحرب تلك التي نسجها شاعرنا الكبير السماح عبدالله، بدقة وتمعن واقتدار.
ثانيا: القصيدة

حَوَافُّ الْحُرْقَةْ
شعر:
السمّاح عبد الله

يذهب الجندُ إلى الجبهةِ في الحربِ
وتبقى في فضا هذي الجداراتِ النساءْ
يتمشَّينَ على حاشيةِ الأسواقِ
خفيفاتٍ
ويتركن المشدّاتِ على طاولة البهوِ
يراقبن الرجال الغرباء
يحتسين القهوة المُرَّةَ في الصبحِ
وفي الليلِ الطويل
يرتشفن الخمر سِرًّا
ويعاتبن الرجالَ الغائبين
ويرقصن فرادى
يشترين الوجدَ من بيّاعه
والفرحَ المنقوصَ من بيّاعه
وينمنَ في منتصفِ السّكَّةِ بين البوْحِ والذكرى
وبين الجرحِ والشكوى
فإنْ جاء ملاك الحلمِ في حُلّته الخضراء
يتمشى في حشيش الشجر المبلولِ
قدمن له خبزا
وماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل