الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تدبك إن كان قربك ميّت

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 9 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


نجيد الدّبكة ، و الاستماع إلى الأهازيج البدائية ، أحدنا يرقص من أجل الحسين، و الآخر من أجل نصرة الرّسول ، و البعض ضاع في معمعة التّخلّف . أسمع بعض أخبار أفغانستان من صديقتي الافتراضية " ماجدة جاد " التي أتابعها كونها سويدية ، وتعمل كمراسلة صحفية في أفغانستان ، كما أنني أقرأ مقالات للنساء الأفغانيات اللواتي يكتبن في الصحف الغربية بالإنكليزية ، وقد قرأت مقالة على الأتلانتك تقول فيها الكاتبة أن النساء في أفغانستان يمزّقن شهاداتهن ، و الفنانين يمزقن رسومهم ، و الصحفيين يتخفون ، مع أن طالبان وعدت بديموقراطية وفق الشريعة الإسلامية . إحدى النساء الأفغانيات قالت: كنت إنسانة ذات قيمة، و أصبحت لاجئة بائسة . أكتب عن أفغانستان كي أقارن الوضع بينها وبين الوضع في سورية ، مع العلم أن أمريكا أجلت مئة ألف أفغاني أغلبهم من ذوي االخبرات ، وكذلك إنكلترا ، وكل الدول الغربية، بينما غامر السّوريين في البحر و البر ، والجو، و أغلب السوريين من ذوي الخبرات لم يأتوا عن طريق الأمم المتحدة، أو عن طريق المنظمات الإنسانية ، فأغلب من تبنته المنّظمت الإنسانية هم من المنتفعين من النّظام السّابق ، أو من الإسلاميين . أي أن العقول السّورية لجأت إلى الغرب كي تمارس عملها الهام هناك ، وغامرت في الوصول ، وهنا تعكس نسبة الأطباء من طالبي اللجوء تلك النسبة ، وكأن سورية غير معنية بالطبيب، بل إن عدد من قتل من الأطباء يبعث على الرّعب .
هل يوجد في سورية ما يشبه طالبان أفغانستان؟ بالطبّع ، وربما السّوريين أكثر تشدّداً ، حيث أصبح الإرهاب مهنة تحت ستار الدّين .
لا شكّ أن لكلّ فعل ردة فعل ، وقد كان لتطهير الأماكن السنية من سكانها ردّة فعل مماثلة ، جعلت مسار الثورة يتحول إلى مسار ديني . اليوم الدّور على درعا ، وقد سمعنا الكثير عن مجلس العشائر حتى أن البعض عقد عليه أهمية قصوى، و إذ به اليوم يكتب رسالة إلى ملك الأردن يستعطفه كي ينتقلون إلى الإردن ، ومن باب التضامن مع درعا تم التكبير في الجوامع وتوزيع المصاحف ، لكن ماذا عن الشّباب الذي فقد حياته ؟ لا أحد يجيب . يكفي أمه أن تقضي حياتها بين المقبرة ، و المنزل .
عندما يموت الناس جماعة ليس من حقك أن تدبك حتى على أهازيج حماسية ، فأنت تسخر من أهل الميت، ونحن لسنا " أعراباً ننازل بعضنا البعض" نحن أفراداً أمام آلة قتل دولية، ومحليّة .
أتساءل أحياناً سواء قسّمت سورية أم لم تقسّم ، و التقسيم غير مهم ، فلو وجد قسم من سورية آمن وفيه إدارة تستطيع أن تؤمن العمل بحده الأدنى و التعليم الحقيقي، وليس تحفيظ القرآن ، وفيه ضمان صحيّ ، للجأنا جميعاً إليه ، وطورناه ، وكان أفضل من اللجوء للغرب ، لكن عندما ضاقت السبل كان ماكان. نحن اليوم مقسّمون كطوائف، كمناطق ، كقوميات، فهل هناك تقسيم أكبر من هذا ؟ إنه الواقع .
هناك شقّ مغيب في هذه المعادلة، وهنّ النساء ، عندما تنظر إلى النساء في المحرّر تتمنى لو أنّك تعيش في كابول ، فنساء كابول قمن بتحدي طالبان وتظاهرن بلباس طبيعي ودون نقاب ، لكن نساء المحرّر لن يفعلن ذلك. طبعاً اسم المحرّر هو تنمّر على الواقع .
أعتقد أنه لو نكفّ جميعاً عن الرّقص من أجل النصر لكان الوضع أفضل . يجب أن نعيش الواقع كي نستطيع الخروج منه ، وهنا أرغب أن أقول أن هناك فرقاً بين الإيمان الذي هو قضية روحانية ، و التمسّك بأشياء أغلبها تتعلّق بالنساء، و ببعض الأفكار الإرهابية . كن مؤمناً قدر ما ترغب ، ولا تكن إرهابياً . قد يقول قائل إنها تهمة لصالح النّظام؟ عن أي نظام تتحدثون؟ هل نظام الولي الفقيه ، أم نظام بوتين؟ النظام السّوري غير موجود، وكذلك المعارضة، وباقي الناس يتضورون جوعاً ، فقط نطلب أن ترحموا ذلك الشعب المسكين، وتكفوا عن الرّقص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية