الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التضخم و علاقته بأجمالي الناتج المحلي للدول الصناعية

آدم الحسن

2021 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


اجمالي الدخل القومي في أي دولة صناعية متطورة لا يعتمد على كمية و نوع و كفاءة السلع و الخدمات التي يتم إنتاجها فيها فقط و انما يعتمد ايضا على كلف انتاج هذه السلع و الخدمات و بالتالي فأن أي زيادة في كلف الإنتاج التي لا تُخْرِجْ هذه السلع و الخدمات من سوق المنافسة وفق قانون العرض و الطلب ستؤدي بشكل مباشر الى زيادة في الدخل القومي .
و عليه يمكن الاستنتاج أن التضخم يساهم في زيادة قيمة الناتج القومي , لأن الناتج القومي لا يقاس بالقيم الاستعمالية لأجمالي السلع و الخدمات المنتجة محليا و انما يقاس بإجمالي القيم التبادلية لهذه السلع و الخدمات .
و المعادلة التي يدخل فيها عامل التضخم في احتساب قيمة اجمالي الدخل القومي تطبق فقط في البلدان التي لا تعاني من الحاجة المستمرة لعملات الدول الأخرى لأغراض تحقيق ديمومة النشاط الاقتصادي .
فمثلا في امريكا صاحبة اكبر اقتصاد من بين الدول التي تعتمد على نظام و قوانين اقتصاد السوق الحر , نجد أن زيادة المستوى العام للأجور يسبب زيادة في كلفة الإنتاج المقاسة بالدولار الأمريكي للسلع و الخدمات المنتجة في امريكا و بالتالي يؤدي ذلك الى زيادة في اجمالي الناتج المحلي لأمريكا .
و من هذه العلاقة التي تربط التضخم بأسعار السلع و الخدمات بإجمالي الناتج المحلي نستنتج معادلة تبدو للوهلة الأولى غريبة و هي أن جزء مهم من الناتج المحلي في البلدان الصناعية المتطورة مصدره التضخم التراكمي , و هذا في حد ذاته يُشَكلْ بالون اقتصادي كبير ينتفخ بشكل مستمر , و لا شك أن هذا البالون سينفجر في المستقبل عندما يصل الى مرحلة لا يتحمل فيها مزيدا من الانتفاخ , و حين سينفجر هذا البالون ستنهار قيمة الدولار لأمريكي في سوق النقد العالمي , و ستلحقه انهيارات لِعُمَلْ الدول الأخرى الأساسية السائدة في النظام النقدي العالمي كالين الياباني و اليورو و غيرها من العُملاتْ و سيكون العالم امام حاجة حقيقية لوضع اسس جديدة لنظام نقدي عالمي جديد .

أما اذا قارنا الحالة الصينية بالحالة في أي بلد صناعي متطور يعتمد على نظام اقتصاد السوق الحر كأمريكا مثلا فسنجد أن هنالك في الصين نظام اقتصادي و نقدي صارم تتحكم الدولة فيه بقيمة العُملة المحلية الصينية الوان بحيث تبقي سعر هذه العُملة منخفض امام العُملاتْ الأساسية الأخرى ... و بالتالي تتحكم الدولة الصينية بحجم التضخم من خلال إبقاء أسعار السلع و الخدمات المنتجة في الصين منخفضة ايضا مقارنة بالسلع المكافئة لها في الدول الصناعية الأخرى .
إن إبقاء أسعار السلع و الخدمات المنتجة في الصين منخفضة هو ركن اساسي من أركان الاستراتيجية الاقتصادية للصين في تعاملها مع كافة اسواق العالم , لذلك نجد أن مستوى التضخم في الصين منخفض و مسيطر عليه بشكل كبير من قبل الدولة الصينية .
لكن الصين تواجه مشكلة كبيرة جدا لا يمكن حلها أو تجاوزها مستقبلا و هي ان البنك المركزي الصيني مضطر و عليه شراء للدولار الأمريكي و الين الياباني و اليورو و غيرها من العُمَلات الأجنبية الأساسية الأخرى بشكل مستمر .
إن شراء الصين المستمر للنقد الأجنبي يتطلب ضخ مزيد من عُمْلتها الوطنية , الوان الصيني , في السوق حيث يؤدي ذلك الى تراكم مستمر بمخزون الصين من النَقْدْ الأجنبي , اذ على الصين الآن شراء و خزن بحدود ما قيمته مئة مليون دولار في الساعة الواحدة ... مبلغ هائل جدا و إن أي توقف للبنك المركزي الصيني عن شراء النَقْد الأجنبي و خزنه سيؤدي الى ارتفاع سريع بقيمة العملة الصينية الوان امام جميع العملات الأساسية في العالم و هذا سيؤدي الى ارتفاع سريع للقيمة التبادلية للخدمات و السلع الصينية ..... و هذا ما لا تريده الحكومة الصينة في هذه المرحلة حيث انه يخالف و يعاكس استراتيجيتها في غزو اسواق العالم بالسلع الصينية الرخيصة .
إن ارتفاع قيمة العملة الصينية أمام جميع العملات الأساسية في العالم مستقبلا هو أمر حتمي حيث سيؤدي الى تضخم كبير في القيم التبادلية للأجور في سوق العمل في الصين و بدوره سيؤدي حتما لزيادة القيم التبادلية للخدمات و السلع المنتجة في الصين ... و مردود كل هذا سيكون زيادة في حجم الناتج المحلي للصين الذي قد يجعله ليس اكبر اقتصاد في العالم فقط و انما قد يصل حجم اجمالي الناتج المحلي للصين الى حدود نصف مجموع الناتج الإجمالي لدول العالم ...!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |


.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي




.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة


.. الشرطة تعتقل طالبا مقعدا في المظاهرات الداعمة لفلسطين في جام




.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال