الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما سبب خشية امريكا من طريق الحرير الجديد ... ؟

آدم الحسن

2021 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


اصبح طريق الحرير الجديد المشروع الأكبر الذي تنشئه الصين ليشمل في مرحلته الأولى حوالي ستين دولة في ثلاث قارات اسيا , اوربا و افريقيا مصدرا لقلق كبير للولايات المتحدة الأمريكية .
حاولتْ أمريكا و لازالتْ تحاول ايقاف تنفيذ مشروع طريق الحرير الجديد , هذا المشروع العملاق , بشتى الوسائل لكن دون جدوى حيث لم تنجح ليس فقط في وقف تنفيذه بل حتى في اعاقة أو تأخير تنفيذه لسبب أساسي هو إن معظم دول العالم لم تقتنع بطروحات امريكا و تبريراتها من إن هذا الطريق سيعزز من الهيمنة الاقتصادية للصين على اسواق الدول التي يمر بها و يجعل من اقتصادها رهينة بيد الحكومة الصينية و نظامها الشيوعي الذي تصفه امريكا بالنظام المستبد و الديكتاتوري و المنتهك لحقوق الأنسان و غيرها من الادعاءات التحريضية ضد الصين و تجربتها في الاشتراكية ذات الخصائص الصينية .
لقد وجدت معظم الدول أن تنفيذ مشروع طريق الحرير الجديد يصب في مصلحتها الوطنية و إن كل ما يقوله الأعلام الأمريكي هو مجرد فبركات دعائية فاشلة لا قيمة لها .

الدول التي نجحت في الانضمام لمشروع طريق الحرير هي ذات أنظمة و اتجاهات مختلفة فبعضها حلفاء لأمريكا و أخرى في خانة اعدائها و دول أخرى لا هذا و لا ذاك , اذ إن من بين الدول التي انضمت لهذا المشروع : ايران و اسرائيل و تركيا و دول خليجية و باكستان و دول في الاتحاد الأوربي و روسيا و دول افريقية , هذه الدول اصبحت فعلا اطرافا و مرتكزات اساسية في طريق الحرير الجديد الذي سينعش التجارة البينية في ما بينها و ذلك بتقليص الوقت اللازم لنقل البضائع بين هذه الدول و تخفيض تكاليف النقل .

ما يجب معرفته عن طريق الحرير الجديد هو انه عبارة عن شبكة طرق برية لشاحنات نقل البضائع و سكك حديد تربط المدن الرئيسية للدول المشمولة بهذا الطريق بالإضافة الى إنشاء موانئ بحرية جديدة أو تطوير و توسيع العديد من الموانئ البحرية الحالية و كل فرع من فروع هذا الطريق له اكثر من بديل ضمن تصاميم هذا المشروع .
أما الدول التي ستستخدم طريق الحرير لأغراض التجارة البينية بينها فهي جميع الدول التي يمر منها هذا الطريق أو التي لا تبعد كثيرا عن مقترباته و أن هذا الطريق سوف لن يكون محتكرا من قبل دولة أو مجموعة دول حيث ستنتقل من خلاله البضائع العائدة الى كل الدول التي ترغب باستخدامه دون قيود أو شروط سياسية تضعها الصين أو أي دولة أخرى لذا يصبح السؤال التالي و جوابه أمرا مهما لمعرفة ماذا وراء سياسة امريكا الرافضة لإنشاء هذا الطريق :
إذا كان طريق الحرير الجديد طريقا متاحا لجميع الدول و انه لن تكون هنالك هيمنة للصين على اسلوب استخدامه و إن حمايته ستكون من قبل الدول التي يمر بها ... اذن ... ما سبب خشية امريكا من تنفيذ هذا الطريق ... ؟
للتوصل الى اجابة مقبولة لابد من تناول الأمرين التاليين :
اولا : إن الولايات المتحدة الأمريكية مهيمنة حاليا و بشكل كبير على النقل البحري بين دول العالم المختلفة و لديها اكبر و اقوى الأساطيل في العالم للأغراض التجارية و العسكرية و لديها قدرة كبيرة على حماية الممرات المائية أو التحكم بها حسب المتطلبات الاستراتيجية التي تعتمدها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتحقيق مصلحة امريكا اولا .
ثانيا : لدى الولايات المتحدة الأمريكية قدرة كبيرة على فرض العقوبات الاقتصادية على بعض الدول من خلال حصار بحري بسبب امكانياتها للسيطرة على حركة البواخر لنقل البضائع بين الدول و كذلك السيطرة على حركة ناقلات النفط و غيرها عبر البحار و المحيطات .

ببساطة يمكن استنتاج أن أي تطوير للطرق البرية بين دول العالم المختلفة سيقلل من اعتماد التجارة العالمية على النقل البحري , و لأن طريق الحرير الجديد سيكون السبب وراء استخدام الطرق البرية في التجارة بين الدول بديلا عن النقل البحري و بنسبة كبيرة , حيث سيجعل من النقل البحري اسلوبا ثانويا و مكملا للنقل البري عبر الشاحنات و القطارات التي ستكون هي الأساس و سيجعل من النقل البحري و موانئه الحالية أو تلك التي سبتم إنشائها ضمن مشروع طريق الحرير الجديد عبارة عن نقاط ارتكاز مكملة للنقل البري بين هذه الدول و ليس العكس ... !
لذا فأن ما يمكن استنتاجه هو :
أن طريق الحرير الجديد سيقلل كثيرا من الاعتماد على النقل البحري للتجارة البينية بين الدول , أي سيقلل من أهمية النقل البحري و الذي سيؤدي بالتأكيد الى فقدان أمريكا للميزة الاستراتيجية التي اكتسبتها منذ بدايات القرن الماضي من خلال السيطرة على البحار و المحيطات .
أما بخصوص فرض العقوبات الأمريكية على الدول :
فمع انجاز طريق الحرير الجديد تصبح عملية فرض العقوبات الأمريكية على الدول اشد صعوبة و تعقيدا و قد لا تكون ممكنة أطلاقا فطريق الحرير سيطور الطرق البرية للشاحنات و القطارات لأغراض نقل البضائع .
و من بين ما تخشاه ايضا امريكا من طريق الحرير الجديد هو توطيد علاقات الصين مع الدول المشمولة بهذا الطريق في كافة المجالات التجارية و الاقتصادية و الثقافية و تبادل الخبرات العلمية و التكنولوجية و الذي سيمنح الصين دورا مؤثرا في السياسة الدولية و سيفقد امريكا هيمنتها على قرارات الدول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي