الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا التطبيع مع العرب حلال؟

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2021 / 9 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


لماذا التطبيع مع العرب حلال؟
الكاتب: نضال نعيسة
الحوار المتمدن 07/09/2021
Lattakia City 15:53 GMT

يعترف العرب المسلمون، علناً، وبشيء من المباهاة، والزهو، والفخر المقدس، بأنهم، قاموا، بعملية "فتح" (احتلال وغزو وعدوان عسكري مسلح نجم عنه ضحاياً أبرياء مدنيون)، لبلدان كثيرة، خارج معاقلهم الرئيسية في الجزيرة العربية، وقالوا بأنهم نشروا رسالة نور للبشرية، وأوصلوا للعالمين أمانة كلـّفتهم بها، وحمـّلتهم إياها السماء وقوى غيبية أخرى، لا ترى، ولا أحد يعرف عنها شيئاً، ولا يوجد أي دليل مادي عليها (هكذا، أي وأيم الحق الذي فيه يمترون). وأدى هذا الغزو والاحتلال لسفك دماء وسبي نساء وأسر بشر وانتهاك أعراض(حلال) ودمار ولاندثار حضارات ولغات وثقافات وتراث لأمم عريقة وعظيمة وشعوب مبدعة، قدّمت للبشرية إبداعات شتى لا تنسى، كالحرف، والموسيقاً، وفنون عريقة، كلها باتت محظورة، وممنوعة، وحتى "ملعونة" من قبل سلطات الاحتلال "الدينية" في واحدة من أكبر وأوسع عمليات التطهير العرقي والثقافي والفكري، بالتاريخ، وكلها تدرج اليوم، وبالقانون الدولي، تحت عنوان، الجرائم ضد الإنسانية..

ولقد أسفر الاحتلال العربي والإسلامي عن نتائج جمة وخطيرة لا يمكن حصرها بالمطلق، لاسيما لجهة التزييف والتغيير واللعب بالتراث الإنساني العالمي، ومحاولة طمسه وشيطنته لصالح الخرافات والخزعبلات والشعوذات والأساطير والحروب والصراعات والثارات والانقسامات التي شرذمت سكان الإقليم والتي حملها معهم المحتلون القادمون من الصحراء، وفرضوها بالقوة والقهر والإرهاب كحقائق كونية مطلقة ومقدسة، بالتوازي مع نشوء حالة من التخلف والتردي والانحطاط وانهيار القيم والأخلاق وإحلال قيم الصحراء وثقافة الغزو والفساد والسطو والسبي ووو والخراب والرثاثة وانتشار القذارة والفقر وأنفاق الجهل المقدس الذي دخلت فيه شعوب المنطقة منذ بداية ذاك الاحتلال والعدوان والاستعمار الذي يعتبر الأطول على مر التاريخ.

والسؤال الذي يتبادر لذهن السائل هو: لماذا التطبيع مع إسرائيل فقط حرام، ويتم تجريمه، وإدراجه كخيانة عظمى وشيطنة الدول والأفراد والمؤسسات التي تقوم به، فيما التطبيع مع بقية الدول الاستعمارية الموجودة لليوم،، في المنطقة وخارجها، كأمريكا وروسيا وفرنسا وتركيا وإيران وأهم وأطول وأشد وطأة من الكل وهو الاحتلال العربي والإسلامي لمصر وسوريا والعراق وشمال إفريقيا وبقية الدول حلال زلال وما شاء الله؟ مع العلم أنها كلها دول احتلال تغتصب أراضي الغير بالقوة والتسلط والإرهاب ؟

لماذا نطبّع مع "العرب" المحتلين بالجزيرة العربية، ولا نعتبر احتلالهم وهيمنتهم، وتزويرهم للتاريخ وحرهم الثقافية الضروس ونشر الجهل والخرافات حراماً وغير شرعي وتجب مقاومته، كما يصدح غلاة التصلعم وعتاولة الاستعراب وتهزج به شمطاوات المماتعة وحيزبونات الطرب السرسوني الأصيل؟

لماذا نطبـّع، ونقيم العلاقات الدبلوماسية وتفتح السفارات ونرسل السفراء المستعربين "المخبرين" مع أوراق الاعتماد ونحج "سياحياً" لتركيا التي تحتل اجزاء عزيزة من سوريا والعراق وقبرص وارمينيا واليونان وتتوسع حتى أفغانستان وليبيا وسودان المغفور له شيخ الإخوان عمر البشير ملهم الجنجويد وسفاح دارفور المغوار الذي لا تقاس مجازره هناك بمجازر شارون وعناقيد غضب بيريز بلبنان؟

لماذا نطبـّع مع "الامبراطورية الفارسية" التي تحتل من ايام الشاه جزرا إماراتية وإقليم الأهواز "العربي" (والكلام للكنة العربية واسمع يا جار)، وباتت تسيطر، اليوم، وتحتل عدة عواصم عربية وتديرها وتتحكم بها من الباب للمحراب؟ وذات الأمر ينطبق على روسيا باوكرانيا والبلقان والقرم و"كانتونات" و"مستعمرات" الاتحاد الروسي مجموعة الدول المستقلة وووو؟

وأما أمريكا "الإمبريالية"، فلا حصر، ولا عدد للدول التي لها فيها قواعد وتواجد عسكري؟
لماذا فقط الاحتلال الإسرائيلي ملعون، وبغيض، وحرام؟

بعيداً عن ذلك كله، وفي واقع الحال الإجرائي والعملياتي، ووسط تهليل وفرحة رسمية سورية عارمة، لا تعادلها ربما فرحة وزغاريد أم العروس يوم عرس ابنتها، تعتزم بعض الدول المسماة بـ"العربية، إعادة سفاراتها إلى سورية، وإعادة العلاقات الرسمية و"الطبيعية كاملة مع "الشقيقة" سوريا، (رجاء ممنوع الضحك)، وبعد قطيعة استمرت لعقد كامل، رغم أن الجانب السوري الرسمي، اتهم مراراً وتكراراً هذه الدول بالعدوان على سوريا، وتقديم الدعم الكامل لـ"المسلحين" الإرهابيين،(والتعبير من الإعلام الروسي السوري)، الأمر الذي كان من شأنه التسبب بدمار هائل في البنية التحتية والعمرانية في قسم معتبر من سوريا، ومقتل أعداد مهولة من الضحايا على جانبي ضفتي المواجهة، وأدى لنشوء إزمة إنسانية ومعيشية هي الأقسى اليوم على صعيد العالم... ألا يبلغ، مثلاً، أعداد اللاجئين السوريين، والمهجرين من سوريا، أضعاف أضعاف اللاجئين الفلسطينيين عام 1948 و 1967، وكله بسبب دعم العرب لـما تسمى بـ"الثورة السورية"،(وهي العدوان الإرهابي المسلح على سوريا حسب الإعلام الرسمي السوري نفسه الذي دعمته الدول العربية)، وما نجم عنه من دمار وخسار هائل لم تتسبب به دولة إسرائيل لا في الجولان ولا في ما تسمى بـ"فلسطين"،،و على مر عقود الصراع معها؟ وأرجو تجنب سوء الظن، وخبث الطوية والنوايا، لأن في ذلك إثماً عظيماً، وطبعاً سيحصل هذا التطبيع مع العرب بدون أية معاهدات سلام، ومفاوضات، وشروط وتعويضات للضحايا، إنما فقط بـ"شوية" ابتسامات، وتبويس لحى وشوارب، على الطريقة العربية التقليدية، ويا دار ما دخلك شر، ومن يتابع وجنتي المسؤولين الرسميين الفرحين الجزلين بحفل رجوع (وما أحلى الرجوع إليه؟) أحد سفراء الاستعراب، سيعتقد لوهلة، أنه في حفل زار وعرس شاب يطلـّق العزوبية، وليس في هولوكوست ومخنقة استمرت لعشرة لأعوام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي