الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفاق الديني بين الدولة والمعارضة!

احمد جمعة
روائي

(A.juma)

2021 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


تتشَدَّق بعض الأنظمة العربية مؤخرًا بالليبرالية، بعد تظاهرها الإفلات من تحت جناح التيار الديني، ومن موروثه الراسخ في عمق التربة العربية منذ قرون حرق الكتب ومعهم الكُتاب، لتّتظاهر هذه الأنظمة بالسنوات الأخيرة بأنّها بدأت تتحرَّر من عتق الماضي وقيود الايدولوجيا الدينية بأبعادها المذهبيّة المختلفة، والحقيقة الصارخة أنها لم تتخطَ في الواقع الحيّ تملُص سطحي من بعض المظاهر المتطرفة التي تتعارض مع مصلحة هذه الأنظمة.
أما تحالفها التاريخي البعيد والاستراتيجي فهو ما يزال قائمًا مع هذه التيارات التي تدعي وتتظاهر بالاعتدال، وتحتل للأسف المؤلم سدَّة مواقع بغاية الحساسيّة في أجهزة الدولة ومفاصل المجتمع، وتتمثل بفجاجة كذلك في مؤسسات المجتمع المدني بكلِّ مكوِّناته وأيديولوجياته حتى بلغنا حقبة راهنة لم نعد نفهم مغزى التحالف الديني اليساري والعلماني في الكثير من الدول العربية التي تتظاهر أمام الغرب بأنها تحارب التطرف وتؤمن بالتسامح والاعتدال ولكن لا تستطيع أن تبرِّر تحالفاتها تحت الطاولة وفوقها أيضًا من قوى دينية ضد مسار التاريخ الذي تصنعه عادة الطلائع الفكرية ذات الأفق الواسع .
الساحة الراهنة تشبه حالة الغليان بالقرون الوسطى، حين تفاقم النفاق الفكري والسياسي وتزاوج مع التيارات الظلامية وقَبِل بأن يكون ذيل الدولة الدينية ولم يخرج من عباءتها إلا حين سقطت بفعل الاهتراء وليس لسبٍّبٍ نضالي تقدمي وطليعي، لأن قادة الطليعة حينها أما أُحْرِقوا أو شُنقوا أو نفوا، وظلَّ مرتزقو المال والنفوذ بذيل هذه الدولة المتهرئة حتى سقطت في أشكالها المتعدِّدة منذ الأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية وحتى دولة البشير- الترابي في السودان.
صمدت الدولة العربية ذات الطابع المدني وهميّة، لأنها في جوهرها ظلَّت ذات المنظومة القديمة بقشرة عصرية وهذه هي الدولة الحاضرة الآن التي لا تختلف عن طالبان وداعش إلا في المظهر الخارجي وفي الثوب المدني الذي مجرَّد أن يتعرض ما تحته للتعري حتى ينتفض وينتقم من أي تحدي يتعرض له مصيره.
فهناك دول في العلن تتظاهر بأنَّها على خط الليبرالية ولكن إن طالبتها بتقييد صوت مكبرات صوت المآذن لفتحت عليك النار ولن تجد من جهاز الدولة الذي يدعي الليبرالية سوى التخلي عنك بل وربما يعاتبك ويتهمك بخرق قانون التسامح الذي يحمي فقط الأديان وليس وسيطًا بينها كما هو مُفترض...بل ثمّة دولة تتظاهر في العلن بأنها علمانية ولكن عندما تتقدم تفرض النقاب على المجتمع باعتباره حرية، وتسمح بوجود طبيبة منقبة بمستشفى حكومي، تكشف وتعالج وتكتب الدواء ووجهها مستور وراء السواد، وبذات الوقت ترى بذات المجتمع دائرة حكومية تمنع رجل من دخولها بحجّة أنه يرتدي الجينز القصير، فلا تجد صوت أو منبر في هذه الدولة يسأل ولو من باب الطرافة عن هذه المفارقة.
هذا المشهد ينتشر في كلّ الدول العربية تقريبًا وحتى في دول تدعي بأنها ليبرالية!!
ما مفهوم الليبرالية؟
منذ الربيع العربي! تفتَّت الأقطار العربية إلى أشلاءٍ بشرية وحجارة ونهب وجز رؤوس، واستثنيت دول من هذا المصير...هل ما زالت هذه الليبرالية محتفظةً بنضارتها؟
لنزيح النقاب أو الحجاب عنها بعد هذه السنوات الدامية وفي سياق التغييرات الراهنة بالإدارة الأمريكية.
هل كانت هذه الحسناء المسَماة بالليبرالية،لعنة أم نعمة؟ انقسم العرب من بين راغباً فيها وبين كارهًا لها، لكنها في النهاية صارت عقدتهم منذ أن لعبت برؤوسهم ورقصت أو تراقصت وفي النهاية ضاعت مع الريح، لأنها ببساطة وُلِدت في تربة غير صالحة...مع نظام رسمي يتظاهر بل ويدعي الليبرالية ولكنه بعيد عنها بعد الأرض عن المريخ...والمعارضة العربية بمجملها غير صالحة، بل تالفة تمامًا، لأنها أما ذيل للولي الفقيه الإيراني، أو وليدة الأصولية الداعشية، أو يسارية قومية لا هوية لها...
باختصار النظام العربي والمعارضة العربية، هما وجهان لعملة واحدة هي النفاق الديني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة


.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا




.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة


.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه




.. ما وقع رسائل الناطق العسكري باسم سرايا القدس أبو حمرة على ال