الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....18

محمد الحنفي

2021 / 9 / 8
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


تخلف جماعاتنا نتيجة لاعتماد الفساد الجماعي:.....2

ج ـ والغاية المتوخاة، من ممارسة الفساد الجماعي / الترابي، ومن وراء تحقيق الأهداف المشار إليها، هي التي تمكن الفاسدين الكبار، والمتوسطين، والصغار، هي جعل الفساد مشروعا، وجعل مشروعيته، تسري في كل لحظة، وفي كل حين، تمكن فيه الفاسدون من ممارسة فسادهم، ودون حرج، يصيب ممارسي الفساد، لا تجاه المواطن البسيط، الذي يجري كل شيء أمامه، ولا تجاه الشعب، الذي تنهب ثرواته، في عز النهار.

فتمكن الفاسدين الصغار، والكبار، والمتوسطين، من جعل الفساد مشروعا، ناجم عن عدم وعي الشباب، بخطورة مشروعية الفساد، الذي سيصبح مشروعا، تمر به، إلى مختلف العائلات، والأسر، حتى يصير الاعتقاد بمشروعية الفساد. مع العلم، أن الفساد يبقى فسادا، مهما كانت الشروط التي تحكم ممارسة الفساد، من قبل الفاسدين، الذين صاروا يصدقون مشروعية ممارستهم للفساد.

وهذه الغاية، التي يعمل الفاسدون، على الوصول إليها، هي غاية مردود عليها، خاصة، وأن القوانين المعمول بها في الانتخابات، تعتبر أن عرض الناخبين لضمائرهم، على رصيف الانتخابات، غير مشروع، كما تعتبر أن السمسرة في الضمائر الانتخابية، أو التجارة فيها، من قبل السماسرة، أو التجار في ضمائر الناخبين، غير مشروع، كما تعتبر، كذلك، أن شراء ضمائر الناخبين، إما مباشرة، أو من سماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، من قبل المرشحين، لأي انتخابات، غير مشروع. إن السلطات المحلية، أو الإقليمية، أو الجهوية، لا تفعل القوانين، حتى لا يقال: إن الانتخابات، غير حرة، وغير نزيهة، بسبب الفساد الذي عرفته، في مراحلها المختلفة. وهو ما يعني، في عمق الأشياء، أن السلطات فاسدة، وأن فسادها، يجعلها تغض الطرف عن ممارسة الفساد الانتخابي، من ألفه، إلى يائه.

د ـ والفساد في أقسام، ومصالح إدارة الجماعة الترابية، يأتي امتدادا للفساد في الإدارة المغربية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية؛ لأن الإدارة الجماعية، التي تعرف أن الإدارة المغربية، في مستوياتها المختلفة، فاسدة. ولذلك، فهي لا يمكن أن تبقى نظيفة من الفساد، ولا بد أن تندمج في فساد الإدارة المغربية، خاصة، وأن جميع الخدمات، التي تقدمها الإدارة الجماعية، لا بد فيها من ممارسة الفساد الإداري، على مستوى الأفراد، وعلى مستوى الجماعات، وعلى مستوى الممارسة، الإدارية اليومية، كل في مجال عمله. الأمر الذي يترتب عنه: تحول وضعيات العاملين في الجماعة الترابية، الذين يصيرون من الطبقات الثرية، أو من الطبقة المتوسطة، مع أن راتب كل واحد منهم، لا يتجاوز ثلاثة آلاف درهم، في أحسن الظروف. ومع ذلك، نجد منهم من فتح بيتين، وتزوج بامرأتين، وله ثلاثة أولاد، أو أربعة، مع كل امرأة، بالإضافة إلى إعالة أمه، وأبيه، وإخوته، في بعض الأحيان. ومع ذلك، يوفر الأموال، التي يستثمرها، في مشاريع مختلفة، ولا أحد يسأله، أو يحاسبه، من أين لك هذا، والمفروض فيهم، أن يسألوه من أجل أن يعرفوا: أن كل ذلك من فساد الإدارة الجماعية، التي تمكن، بفسادها، من رفع دخل العاملين فيها، ولا يهمهم أن يوصفوا بالفساد الإداري؛ لأن الفساد الإداري، هو الذي يمكنهم من الدخل الفردي المرتفع، الذي قد يصل إلى الملايين، في الأسبوع الواحد.

والمشكل القائم في بلادنا، هو أن السلطات، في مستوياتها المختلفة، تعرف أن الإدارة الجماعية، فاسدة، وأن العاملين في الإدارة الجماعية، فاسدون، وأن فسادهم، يمكنهم من جني الملايين، كل أسبوع، أو كل شهر، أو كل سنة، مما يترتب عنه: تراكم خاص، ملفت للانتباه، ويتناقض جملة، وتفصيلا، مع قيمة الراتب الشهري، الذي لا يمكن أن يستجيب لحاجياته الضرورية فقط، إذا بقي وحده في البيت؛ ولكنه الفساد، الذي استشرى في الجماعة الترابية، أي جماعة ترابية، هو الذي يمكن من كل ذلك، وأكثر. أما إذا كان العاملون في الإدارة الجماعية ،من الأطر العليا، فإن قيمة إرشائه، أو ارتشائه، تصير مضاعفة، بأكثر من ثلاث مرات، أو أربع مرات، ليتفوق في دخله، الذي قد يعد بعشرات الملايين كل شهر. وهو ما يمكن توظيفه، في امتلاك المزيد من العقارات، التي تجعله من كبار الأثرياء الفاسدين، في أي جماعة.

ه ـ والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها العاملون في الإدارة الجماعية، تتمثل في بلوغ مستويات متوسطة، أو عليا، من الثراء غير المشروع. وهم يعرفون: أنه غير مشروع، خاصة، وأنه يأتي من:

أولا: نهب الثروات الجماعية، المخصصة لإيجاد مشاريع اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، التي لا تعرف طريقها إلى التجسيد، على أرض الواقع.

ثانيا: الإرشاء، والارتشاء، الذي يجب أن يتناسب مع طبيعة الخدمة، ومع مستوى مقام تلك الخدمة، حتى لا يؤثر ذلك، على مستوى دخل الإطار، أو العامل البسيط، في الإدارة الجماعية، ولا يستطيع أن يراكم ما يختزنه، من أجل امتلاك عقار معين.

إن العمل في الإدارة الجماعية، مربح، ولذلك، نجد أن مناصب العمل، في الإدارة الجماعية، يبيعها الرؤساء الجماعيون، بما يفوق عشرة ملايين سنتيم، أو أكثر، وهو ما يترتب عنه: أن الموظف الجماعي، أو العامل في الإدارة الجماعية، يحرص على أن يسترد، بطرق غير مشروعة، ما دفعه للرئيس، ويزيد عليه، ويتعود على تلقي الرشاوى، والعمولات، مما يمكنه من مراكمة أموال طائلة، ترفعه إلى أعلى عليين، على مستوى الثراء، كما تمكنه من امتلاك المزيد من العقارات: الحضرية، والقروية، ويجعله لا يهتم إلا بتنمية ثروته، وقد يتحول، في يوم ما، من مجرد موظف، أو عامل جماعي، إلى كون ثروته من النهب، ومن الإرشاء، والارتشاء، إلى رئيس لإحدى الجماعات الترابية، ليصير منصبه صوريا، يتلقى أجرته، بدون القيام بأي عمل يذكر، لصالح الجماعة، التي هو موظف، أو عامل فيها، أو لصالح سكانها، الذين الذين يؤدون أجور الموظفين، التي تفرض عليهم قيمتها، كضرائب مباشرة، أو غير مباشرة، لصالح الجماعة.

و ـ والأهداف، التي يتم تحقيقها، لا تكون إلا لصالح الموظفين، والعاملين في الإدارة الجماعية؛ لأنهم، هم المستفيدون، من نهب مخصصات الإدارة الجماعية، وهم الذين يتلقون قيمة الإرشاء، والارتشاء، وهم الذين يبنون الشباك للإيقاع بالمواطنين، من أجل إرشائهم، أو من أجل القبول بدفع الرشوة لهم.

إننا أمام تشكيل، من عصابات النهب، والارتشاء، العاملين في الإدارة الجماعية، في مختلف الأقسام، وفي مختلف المصالح: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، الخاصة بالإدارة الجماعية، أي إدارة جماعية، وفي أي مكان من بلاد المغرب. وهؤلاء الموظفون، أو العمال، يحرصون على جمع المال، إما من النهب، وإما من الارتشاء، من أجل أن يصيروا من ذوي الأملاك العقارية، ومن أصحاب الثروات، الذين يوظفونها من أجل الوصول إلى تحقيق التبرجز، الذي يضر المجتمع، ولا ينفعه في شيء. ولأن التبرجز الحقيقي، هو الذي يخدم الاقتصاد البورجوازي، والاجتماع البورجوازي، والثقافة البورجوازية، والسياسة البورجوازية. وليس مجرد تكديس للثروات، عن طريق النهب، وعن طريق الارتشاء، ومن أجل قلب الحقائق، التي يتضرر منها الكثير، ويستفيد منها البعض، ممن يدفع أكثر، إلى الموظف، أو إلى العامل الجماعي، الذي يحتل مكانة معينة.

وإذا كان الموظفون، والعاملون في الجماعة، هم المستفيدون من تحقيق الأهداف، المشار إليها، فإن استفادة هؤلاء، لا تتم إلا في ظل استفادة الأعضاء الجماعيين، وفي مقدمتهم: الرئيس، الذي يجري الفساد الإداري الجماعي، تحت إشرافه، وباسمه.

والفساد الذي يلحق الجماعة، على يد الأعضاء الجماعيين، أو على يد موظفي، وعمال الإدارة الجماعية، لا يمكن أن يتم إلا بإرادة، وتحت إشراف الرئيس، وباسمه، أو باسم من انتدبه إلى التوقيع، على الوثائق الفاسدة.

والفساد الترابي / الجماعي، وفساد الإدارة الجماعية / الترابية، هو أساس تخلف جماعاتنا الترابية، التي أغرق فسادها البلاد، والعباد، على حد سواء. ولم يعد أحد يرى إلا الذي يقف وراء فساد جماعاتنا الترابية، التي لا تتقدم أبدا، ولا يمكن أن تتقدم أبدا، إلا بزوال الفساد.

وزوال الفساد، قرار سياسي، تتخذه الدولة القائمة، التي لا تتحمل شيوع فساد جماعاتنا الترابية، التي تحول دون تقدم شعبنا، ودولتنا، ووطننا.

وإذا أرادت الدولة، أن تتخذ قرارا سياسيا، بالقضاء على الفساد، في جماعاتنا الترابية، فإن على دولتنا، التي تعتبر نفسها غير فاسدة، أن تعمل على تجريم كل أشكال الفساد، في كل إداراتها، وفي القضاء، وأن تحرص على عدم تصعيد الفاسدين إلى البرلمان، وإلى الجماعات الترابية؛ لأن فساد إدارة الدولة، هو الذي امتد إلى الإدارة الجماعية. وعدم حرص الدولة على تجريم تصعيد الفاسدين إلى البرلمان، وإلى المسؤوليات الجماعية، هو الذي يعطينا فساد أعضاء البرلمان، وفساد الأعضاء الجماعيين، وفساد الحكومة، وفساد القضاء، مما يمكن اعتباره فسادا للدولة.

وفساد الدولة، معناه: فساد القضاء، الذي يعول عليه في محاربة الفساد، خاصة، وأن الفاسد لا يمكن، أبدا، أن يحارب الفساد.

ح ـ وإذا كان تخلف الشعب، من تخلف جماعاتنا الترابية، فإن تقدم هذا الشعب، لا يتم إلا من خلال تقدم جماعاتنا الترابية. وتقدم جماعاتنا الترابية، لا يتم إلا من خلال القضاء على الفساد الجماعي، بصفة نهائية.

والفساد الانتخابي، وفساد الأعضاء الجماعيين، وفساد الإدارة الجماعية. والقضاء على الفساد في جماعاتنا الترابية، يقتضي القضاء على الفساد الانتخابي، الذي لا يتم إلا بالقضاء على بيع الضمائر الانتخابية، والسمسرة فيها، أو الاتجار فيها، وعدم قبول وترشيح الفاسدين، من ذوي الماضي الأسود.

ولذلك، فتقدم الشعب المغربي، وتطوره، نقيض للفساد الانتخابي، الذي يمحو، من الوجود، كل معالم التقدم، والتطور، عندما يسود في الواقع.

وتقدم الشعب المغربي، في حالة سيادته، يزيل كل معالم التخلف، والتراجع إلى الوراء، التي من جملتها: الفساد الانتخابي؛ لأن التقدم، والتطور، لا يقبل، أبدا، بوجود الناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، كما لا يقبل بوجود سماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، كما لا يقبل بالمرشحين، ذوي الماضي الأسود. لأن القبول بهؤلاء، معناه: التنكر للتقدم، والتطور.

والبشرية عندما اعتمدت الانتخابات، كصيغة لاختيار الحاكم، أو لاختيار ممثلي الشعب، في المؤسسات الجماعية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، اعتبرت نفسها متقدمة، ومتطورة، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. إلا أن الفاسدين، من بين الكادحين، ومن بين المعتبرين أنفسهم انتهازيين، يستطيعون القيام بالسمسرة، أو بالتجارة في ضمائر الناخبين، ومن ذوي الثروات الهائلة، حولوا الانتخابات، من التعبير عن تقدم، وتطور البشرية، إلى التعبير عن تعميق التخلف: المادي، والمعنوي. الأمر الذي يقتضي: وضع شروط، لا بد من الالتزام بها، لاعتبار الانتخابات تعبيرا عن تقدم الشعب، وتطوره.

وهذه الشروط، تتمثل في:

الشرط الأول: تجريم بيع الناخبين لضمائرهم.

الشرط الثاني: تجريم الاتجار في ضمائر الناخبين.

الشرط الثالث: تجريم شراء ضمائر الناخبين، من قبل المرشحين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟