الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشرين وعقلنة الشعائر الشعبوية

محمد رسن

2021 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تعج الذاكرة بمعطيات في منتهى الوعي افرزتها احتجاجات ملحمة تشرين، والتي تركت بالغ الأثر على تضاريس هذا الوطن، وتحولت الى أفكار ومنهاج في الحياة، وسلوكيات وقيم أخذت تترسخ في بنية المجتمع وفكر الناس، احدى ثمار هذا الوعي بانت في الذكرى السنوية لاستشهاد الامام الحسين ع والتي كان لتشرين دوراً مهماً في تحفيز أذهان المواطنين باتجاه عقلنة الشعائر الشعبوية،بجعلها شعائر مطلبية حقة واستثمارها كمناسبة للوقوف بوجه الظلم بشتى انواعه والمطالبة ببناء دولة عادلة تسودها قيم التسامح والتعايش السلمي، رغم خطورة اللعب بهذه المناطق من قبل الأحزاب المتأسلمة والجماعات المسلحة والمؤسسات اللادينية لأن هذه الجهات تمنع اي ارتقاء بالوعي او الذوق او الروح خارج اطار التجهيل المقدس او المتعمد حتى لايشكل خطراً عليها ويهدد وجودها وينذر بزوالها لأنها ببساطة اي المؤسسات الأسلاموية من يغذيها ويحافظ على ديمومتها هو الجهل والحطب هم العوام اعتدنا في مثل هذه الأيام من كل عام ان نستذكر واقعة الطف الأليمة عبر احياؤها من خلال عدة طقوس منها اقامة مجالس العزاء والمواكب الحسينية والتشابيه والبكاء والنعي والندب واللطم، لكن مايبعث على الأسى ويدعو للحزن ان نشاهد الكثير من هذه الطقوس والشعائر بعيدة كل البعد عن الأهداف السامية والغايات النبيلة التي اراد الامام الحسين بدماءه الطاهرة ترسيخها. اليوم التشرينيون بوعيهم الحاد وثقافتهم المغايرة وعراقيتهم التي لايزاودهم عليها أحد عقلنوا هذه الشعارات حتى اصبحت شعارات مطلبية حقة (وبات الصوت الأعلى لجملة ان الحسين عِبره) بعدما كانت كلمة عَبره هي الشائعة وعلى الرغم من قلة عددهم بالمقارنة مع الكثر الذين لايفقهون المناهج التي اراد الامام الحسين ترسيخها في اذهان البشرية، موقف الأحرار في عاشوراء ورفعهم المطاليب التي تعلموها من مدرسة الطف تعجز الكلمات عن وصفه، فهي تعتبر وسام شرف أكبر من صدر كل صامت ومتخاذل ووحدها خطوة الوقوف أمام ضريح الإمام مطالبين بوطن معافى مع إدانة القتلة وذكر الدول التي ذبحتنا من الوريد الى الوريد هي بمثابة إعادة الأعتبار للمطالب الحقيقة التي تضيء كل هذا الظلام وتبلسم كل هذه الجراح وتعيد الوطن لابناءه وترمم ما خربته ايادي الغرباء وهي ذات المطالب التي خرجت بها ثورة ابا الاحرار اضافة الى تهذيب الشعائر وتنقيتها بما يتناسب وحجم القيم والعدالة الاجتماعية التي افرزتها هذه الثورة العظيمة، مايبعث الأمل في النفوس ان خطاب المحتجين لم ينحرف عن سكة الاعتدال وعقلانيتة وهدوء الهتافات ووسطيتها، الأمر الذي يساهم في تعزيز مبدأ المواطنة والاعتدال والانسجام، حتماً سيكون لهذه الذكرى صوت أعلى من اليوم وصدىً واضحاً في نفوس كل العراقيين، في حال بقيت الاحتجاجات على نفس هذا المنوال الذي جسد في الاحتجاجات الاخيرة في سوح الاحتجاج، والتي استلهمت من ثورة الحسين عزيمتها وعدالتها، حيث شارك فيها السني والشيعي والمسيحي والصابئي والايزيدي والمندائي الأمر الذي جعلها لا تختزل، بأفراد الجماعة الشيعية فقط بل ان تصبح هوية لكل العراقيين بمختلف توجهاتهم العقائدية والمذهبية و الفكرية والمذهبية، قد يتبادر لاذهان البعض ان غاية هذه المقالة تستبطن في داخلها غاية مذهبية !؟ اقول لهؤلاء البعض اولا تشرين أكبر من كل العناوين ثانيا لو قرأتم بتجرد تام ماجاء أعلاه وبتأمل نظري نزيه الى حدٍ ما ستجدون ان الموضوع بعيد كل البعد عن تصوراتكم، ماأروم الوصول اليه هو ترميم ولملمت جراح ماعانته وتعانيه ذواتنا الوطنية العراقية في عهودها السالفة وأزمنتها المعاصرة جراء تعاقب الأنظمة الفاشية علاوة على حجم الركام والتجهيل الذي لعبته المؤسسات الدينية حتى باتت منبتاً لمدارس التطرف قديما وحديثا، مانبتغيه أعادة الإعتبار للقيم الحسينية ولكل احتجاج يضع في أعلى سلم أولوياته ضمان وعي أمثل للذات الوطنية وإدراك أعلى للمسؤوليات العامة ولنشوء أرقى لروح التفاهم والتناغم والتواصل المجتمعي بين كل المكونات والطوائف، وهذا الأمر لو تحقق من شأنه ان يخلق مجتمع فاعل لاتستطيع السلطة تجاهله بالتالي سيحصل على حياة تليق به ووفق هذه الاستنتاجات ستكون ذكرى عاشوراء بمثابة ذكرى سنوية احتجاجية يشارك فيها الجميع بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية لتبلسم جراح الحسين واتباعه لا باللطم والبكاء وندب الحظ فقط بل للتذكير بمسؤولية الفرد بالوقوف بوجه الاستبداد من أجل حياة كريمة آمنه ومستقرة في ظل دولة عادلة تعيد العراق الى مكانته الحقيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تسارع وتيرة الترشح للرئاسة في إيران، انتظار لترشح الرئيس الا


.. نبض أوروبا: ما أسباب صعود اليمين المتشدد وما حظوظه في الانتخ




.. سبعة عشر مرشحا لانتخابات الرئاسة في إيران والحسم لمجلس الصيا


.. المغرب.. مظاهرة في مدينة الدار البيضاء دعما لغزة




.. مظاهرات في تل أبيب ومدن أخرى تطالب بالإطاحة بنتنياهو