الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماء في التراث الثقافي للشعوب - العراق أنموذجاً-

رمضان حمزة محمد
باحث

2021 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الماء هو مصدر الحياة وسبيل ديمومتها . لذلك ترتبط كافة المواقع الأثرية والتاريخية والعديد من الصُروح ارتباطاً مباشراً بتوفر
الماء؛ وبالتالي ترتبط أيضاً هذه المواقع والصروح منذ بواكير التاريخ العراقي بإدارة المياه. وبسبب وَفْرَة الماء في المواقع التي ما تزال محفوظة جيداً والبيئات التقليدية الطبيعية المحيطة بها إضافة إلى التطورات التقنية والتقاليد عبر آلاف السنين فإنه يمكن توثيق الاستخدام الداخلي ودراسته. حيث ومن عهد قريب جداً واكَبَت الطرقُ التقليدية في الوصول إلى المياه والري والتصريف لمعظم احتياجات البلاد من التزويد المائي. هذا الإرث الممتد منذ آلاف السنين جديرٌ بالصون وإعادة التأهيل وتطوير استرا تيجيات لإدماجه في التقنيات الحديثة المصمَّمة بشكل أفضل كثيراً ولكن على المدى الطويل لأن البُعدُ غيرالملموس للتراث المائي يُمَكِّن الوصول من خلاله إلى المعتقدات الغامضة والسلوكيات المقدَّسة للمجموعات الاجتماعية. مثل تقديم القرابين للجداول والأنهار في مختلف مناطق العالم. كذلك يصل تأثيرُ العديد من هذه العناصر إلى العلوم وتمثيلاته كما في أنواع "المياه الشافية" و"أعواد اكتشاف المياه". بالتالي يَحِقُّ القول بوجود عالَم ثَريّ غير ملموس مُرتبطٍ بتراث الماء يقتضي تحليلاً للوصول إلى تثبيت قِيم المواقع.
تَتمثَّلَ التعامل مع التراث المائي من المَسقط المائي وصولاً إلى تخزين المياه، مبيناً قِيَمها الرمزية، من معرفة تاريخ استخداماتها وتحليل أساطيرها. وهذا يعدُ تراث ثقافي رئيسي موروث من حضارات الماضي خاصة تلك التي قامت وعُمِّرَت على أراضي شَحَّت فيها المياه فيما بعد كما هو الحال في العالم العربي ، ويرتبط موضوعُ التراث ارتباطاً مباشراً بالواقع الحالي خاصة المتعلق بالتنمية المستدامة. ولبيان التواصلية بين الماضي والحاضر. حيث مَكَّنت الوسائلُ التقنية البسيطة جداً لكن التي حُسِّنَت استعمالاتُها عبر قرون من الخبرة العملية أجيالاً متعاقبة عديدة من العيش بتناغم مع بيئتها الطبيعية. حديثاً وخاصة منذ الطفرة النفطية تضافرت سلسلةٌ من العوامل لتُضاعِفَ الصعوبات في مجال المياه واستخداماتها ومنها النمو السكاني، الزيادة في الاحتياجات المرتبطة بتغير أنماط الحياة، الزيادة في الاستهلاك للغايات والإستخدامات الزراعية. وللمياه خَواص ثقافية متباينة، لكن في نفس الوقت هناك ثمة ثوابت فهي تستخدم في إسكان السكان وتحسين الحياة الإجتماعية. وعامل محدد لتخطيط وعمارة المدن. و كمُدْخل في الزراعة والري وصيد الأسماك وغيرها. وكذلك لتوليد الطاقة الهيدروليكية والصناعة وغيرهما. ووسيلة النقل في البحار والقنوات وغيرها وهناك العديد من المُحَدِّدات وكيفية السيطرة على المياه الطبيعية كما في المناطق الجافة أو القاحلة وإدارة النقص المائي والحلول التقنية والاجتماعية لذلك. وتوفير مياه الشرب، او السيطرة على مياه الفيضان، والأمطار الغزيرة، او التصريف من المناطق الرطبة كالاهوار، وكذلك دورالمياه في تعزيز الصحة العامة من خلال تحديد نوعية المياه بمعرفة مفاهيم نقاء المياه والنظافة كون المياه كعامل نظافة وصحة عامة فيما يتعلق بمفاهيم الجسم والصحة والمنتجعات السياحية وغيرها. ودورالمياه كناقل للأمراض عند تلوث المياه. وكذلك دورالمياه وما يرتبط بها من معارف ودراية تطبيقية في تحليل أساطير ورموز المياه كمسألة علمية ومسألة تقنية. او من خلال توقعات الموارد المائية والتنبؤ المائي. وللمياه دور اساس كرمز وموضوع ديني كذلك. ولكن هناك في المدن، يتعرّض التراث المائي لخطر التوسّع العمراني العشوائي الذي قلّما يهتم بذاكرة المكان. مما يستوجب صون وإدارة ممتلكات تراث الماء علماً من انه حتى الآن لم يُنفَّذ استقصاءٌ منتظمٌ ومُرَكَّز على تراث الماء في العراق. على الرغم من أُجرِاء مسوحات أثرية على القنوات المُقامة خلال الحقبة الآشورية الحديثة. َ في موقِع "خنس" و"جروان" الأثريان الهامان حيث أُبْرِز نظامُ القنوات الذي يرجع غالباً إلى عهد الملك سنحاريب على أنه مؤهل للإدراج على قائمة التراث العالمي. مما يتطلب العمل بجدية وخططٌ مدروسة لصون النقوش البارزة في "خنس". علماً بان الحكومةُ العراقية " تَقدَّمت بطلب تصنيف أهوار جنوب العراق ومواقع "إريدو" و"أور" وأوروك" الأثرية لتصنف تراثاً عالمياً، وقد صُنِّفت خلال الدورة الأربعين للجنة التراث العالمي. وهذا يشجع للعمل على وضع خطط من أجل إطلاق مزيد من الأبحاث وتنفيذ مشروعات لصون المَشْهديات الطبيعية والمواقع الأثرية وترويج باتخاذ تدابير صون لأعمالُ ترميمات في جسر "دلال" في زاخو" الأثري.
موقع العراق ضمن المناطق المناطقُ القاحلة وشبه القاحلة جعلها تعتمدُ كلياً على مياه النهرين الرئيسيين في هذا البلد وهما دجلة والفرات ورافدهما والتي نقع معظمها خارج الحدود السياسية مما يجعل العراق رهينة إلى مواقف هذه الدول من إدارة المياه. تغيرات المناخ الآخِذ بالتحول إلى المزيد من الجفاف في العقود الأخيرة أثرٌ كبيرٌ على فرص الري بل إنه يتفاقم ليصبح تهديداً وشيكاً خاصة في جنوب العراق. وبالتالي التهديدُ على منطقة الأهوار العراقية الفريدة والهشة بل يشمل أيضاً المَشْهديات الطبيعية العتيقة في بلاد الرافدين بشكل عام. وهنا تبرز الحاجة الى من خلال أساليب بسيطة للغاية لكن مردودها كبير كما يتبين من أمثلة عديدة موثقة من فترات ما قبل التاريخ. ومن أهم هذه الأساليب حصاد وتخزين وتوزيع أمطار الشتاء (مياه السيول) التي كثيراً ما تُسبِّب فيضانات موسمية سريعة يمكن لها أن تُحوِّل الأودية الجافة إلى مناطق خصبة. إلا أن الاستخدام البشري للمناطق القاحلة وشبه القاحلة يقتضي إدارة مائية ولكن غالباً ما يتم تجاهل الجوانب التاريخية للمنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحطم طائرة الرئيس الإيراني.. أبرز ما حدث في الساعات الأخيرة


.. مصادر إيرانية: جميع ركاب الطائرة الهليكوبتر التي كانت تقل ال




.. الصور الأولى لحطام طائرة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي ووزير


.. العثور على حطام طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على قمة




.. جيش الكونغو الديمقراطية يحبط محاولة انقلابية