الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤشرات عافية الاقتصاد الوطني

محمد رضا عباس

2021 / 9 / 15
الادارة و الاقتصاد


هناك عدد من المؤشرات الاقتصادية تستخدمها الدول المتقدمة صناعيا لقياس حالة اقتصادها المحلي ومنها حجم الإنتاج المحلي , الطلب على العمل , سوق الاوراق المالية , نسبة التضخم في البلاد , نسبة العاطلين عن العمل , ومؤشرات الاقتصادية الرئيسية. صناع القرار الاقتصادي من العادة لا يؤخذون بمؤشر واحد لقياس حالة الاقتصاد المحلي وانما عدة مؤشرات في وقت واحد من اجل ضمان صحة قراراتهم المستقبلية , وضمان الوصول الى هدفهم الأعلى وهو تحقيق اعلى حجم من الإنتاج مع السيطرة على حركة الأسعار , أي استقرارها قدر الإمكان.
الأكثر استخداما لقياس حالة الاقتصاد الوطني هو مؤشر اجمالي الإنتاج المحلي والذي يعرف على انه القيمة السوقية للسلع والخدمات المنتجة محليا خلال فترة زمنية , من العادة سنة واحدة. ومن اجل التأكد من صحة الاقتصاد الوطني باستمرار, تعودت الدول الصناعية على انجاز هذا المؤشر أربع مرات في السنة الواحدة , كل واحد منه يغطي ثلاثة أشهر. وهكذا , فان تراجع الإنتاج المحلي لفصلين متتالين يعتبر ان الاقتصاد الوطني قد دخل في مرحلة الركود الاقتصادي , فيما ان زيادة الإنتاج يستنتج منه ان الاقتصاد في ازدهار وتقدم.
الا ان هذا المؤشر يجب استخدامه بعناية فائقة , لأنه قد يعطي صورة عن الاقتصاد الوطني مخالفة عن الواقع. ففي زمن التضخم المالي ينتفخ هذا المؤشر حتى وان كان الإنتاج يتراجع , وبذلك يصر الاقتصاديون على استخدام الأسعار الحقيقية للسلع والخدمات المنتجة بدلا من أسعارها السوقية. لتوضيح الفكرة ان ارتفاع سعر السيارة الجديدة من 30,000 دولار الى 50,000 دولار بسبب التضخم المالي سوف يؤدي الى انتفاخ في قيمة الإنتاج المحلي ويعطي صورة مشوهة غير حقيقية عن الاقتصاد الوطني , ومن اجل الوصول الى الحجم الحقيقي للإنتاج الوطني هو رفع تأثير نسبة التضخم من قيمة الإنتاج.
وهنا يقودنا الحديث الى تعريف التضخم المالي والذي يعرف على انه الزيادة في معدل أسعار السلع والخدمات المنتجة. هناك طريقتين لمراقبة الأسعار وهو مؤشر معدل أسعار الإنتاج والذي يعكس أسعار المواد الداخلة في الإنتاج , والمؤشر الاخر هو أسعار اجمالي الإنتاج , وهو مقياس يرفع تأثير التضخم من قيمة الإنتاج المحلي.
مؤشر اجمالي الإنتاج المحلي قد لا يعطي حقيقة سوق العمل , حيث ليس من الغريب ان يزداد الإنتاج الوطني بدون زيادة اعداد العاملين في الاقتصاد الوطني. أي هناك احتمال ان تبقى نسبة العاطلين عن العمل مرتفعة حتى وان ازداد حجم الإنتاج الوطني. على سبيل المثال , زيادة الإنتاجية تزيد من الإنتاج الوطني بدون زيادة الطلب على الايدي العاملة. زيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية سوف يزيد دخل العراق وينعش ميزانية الدولة , ولكن زيادة أسعار النفط سوف لن يؤدي الى زيادة الطلب على العمال داخل العراق , لان القطاع النفطي يستخدم الآلات وأدوات متخصصة بإنتاج وتصدير النفط بدون الحاجة الى عمال إضافيين.
فيما ان المؤشرات السابقة تكشف عن حالة الاقتصاد الانية , فان مؤشر Leading economic indicators مفيد جدا للكشف عن حالة الاقتصاد في للسنوات القادمة. هذا المؤشر يشمل عشر مؤشرات وهي معدل ساعات العمل الأسبوعية , عدد طلبات الإعانات من قبل العاطلين الجدد, الطلبيات الجديدة للبضائع الاستهلاكية , سرعة استجابة مجهزي المواد الأولية , عدد الطلبيات على البضائع الرأسمالية , عدد اجازات البناء, أسعار الأسهم , عرض النقد , نسبة الفائدة , وتوقعات المستهلكين والزبائن.
عراقيا , الاقتصاد العراقي يعتمد يكاد يكون كليا على صادرات النفط وان عافية الاقتصاد العراقي تعود الى عافية الطلب العام على النفط الخام واسعاره. بكل تأكيد ان قطاع الخدمات في ازدهار وذلك بسبب السبات الذي أحاط بالقطاع الزراعي والصناعي واضطرار المواطن العراقي العمل في هذا القطاع لتوفير معيشته وعياله , الا ان كل المؤشرات تؤشر الى ان الاقتصاد العراقي سيكون في بحبوحة عام 2022 , حيث من المتوقع ان يستمر ارتفاع الطلب على النفط الخام وارتفاع أسعاره. معدل سعر البرميل برنت يقارب 74 دولار وهو مبلغ يزيد على سعره في السنة الماضية بحوالي 30 دولار. هذه الزيادة في الأسعار من المؤمل ان تستخدم في عدة طرق منها دفع المستحقات للمقاولين والفلاحين , إطفاء جزء من الديون المحلية والأجنبية , وانشاء الله يصرف البعض منه على الاستثمار الداخلي والذي تعطل كثيرا. العراق في حاجة الى 100 مليار دولار من اجل إعادة البنى التحتية فيه , وان الحاجة الى إعادة التعمير فيه حاجة ملحة جدا , حيث بدء صبر المواطن العراقي ان ينفذ وهو يشاهد تدهر الخدمات بكل اسماءها , إعادة تعمير الطرق العامة , زيادة الطرق الرئيسية التي أصبحت مكتظة بالسيارات من كل أنواعها , وبناء دوائر حكومية تليق بتاريخ وتضحيات المواطن العراقي. لقد ضحى المواطن العراقي سبعين عام من حياته وهو يعيش القهر والحرمان والقتل والتهجير , ولابد له ان يرى ثمار هذه التضحيات قبل ان ينفجر بتظاهرات تشرين اخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 26-4-2024 بالصاغة




.. أمين عام -الناتو- يتهم الصين بـ”دعم اقتصاد الحرب الروسي”