الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعود الكاذبة لاتّفاقيات التطبيع

بوناب كمال

2021 / 9 / 16
القضية الفلسطينية


العنوان الرئيسي: The False Promise of the Abraham Accords
By Jeremy Pressman
Foreign Affairs – 15/09/2021

أشار مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ التّطبيع لم يعُد مرتبطا بوضع الفلسطينيين، وهي العَقبة التي حالت ،لعقود، دون اندماج إسرائيل في المنطقة؛ ورغم أنّ الصفقات التي أبرمتها الدول العربية مع الاحتلال أشارت إلى أنْ تَمتنعَ إسرائيل عن ضمّ أراضٍ إضافية من الضفة الغربية، إلا أنّ الإمارات وباقي المُوقّعين لم يطالبوا بمزيد من التنازلات بعيدة المدى، مثل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي أو إقامة دولة فلسطينية.
في وقتٍ لاحق؛ شكَّلَ العدوان على غزة ، في ماي 2021، الاختبار الحقيقي لمَا إذا كان يُمكن فصل عملية التطبيع عن القضية الفلسطينية؛ فبحلول وقتِ وقفِ إطلاق النّار قُتل 260 فلسطينيًا ونَزحَ عشرات الألاف من بُيوتهم، وملأت صور معاناة الفلسطينيين شاشات الإعلام، وانتشرت مشاهد استهداف إسرائيل للمباني السكنية والمكتبات؛ وهي أدلّةٌ على احتلالٍ إسرائيلي لا يزالُ بطبيعتهِ عنيفًا وغير مُستقر.
في ذلك الحين؛ وجّهَ مسؤولون إماراتيون انتقاداتٍ لمعاملة إسرائيل للفلسطينيين؛ غير أنّ الإمارات لم تقطع علاقاتها مع تل أبيب أو تُجمّد الانفتاح الدبلوماسي بين البلديْن؛ كانت الرسالة واضحة: المواجهات الإسرائيلية الفلسطينية لن تؤخّر أوتعرقل مسار التطبيع الإماراتي – الإسرائيلي ؛ وفي جوان/ يونيو أصبح وزير الخارجية ،في دولة الاحتلال، يائير لابيد أول وزير إسرائيلي يقوم بزيارة رسمية إلى الإمارات، حيث حضر حفل افتتاح السفارة الإسرائيلية في أبو ظبي والقنصلية في دبي؛ و افتتحت الإمارات سفارتها في تل أبيب بعد ذلك بفترة وجيزة؛ وفي جويلية / يونيو وقّع البلدان أولى اتفاقيات التعاون الزراعي بينهما؛ وفي الوقت نفسه ظلّت العلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية متوتّرة على الرغم من جهود مصر لتهدئة الوضع. باختصار، العلاقات العربية – الإسرائيلية والنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني يسيرانِ الآن في مساراتٍ متباينة بشدّة؛ ولم تنجح الدبلوماسية الإقليمية في فرض حلّ سلمي في فلسطين أكثر ممّا كان عليه الحال قبل التّطبيع.
دَعتْ مبادرة السلام العربية سنة 2002 ،بقيادة السعودية، إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلّة مقابل إقامة الدول العربية علاقات طبيعية مع إسرائيل ؛ وبحلول 2020 لم تجد حكومات البحرين والمغرب والسودان والإمارات حاجةً لإيجاد غطاء سياسي يُبرّر اتفاقياتها الخاصة مع إسرائيل ، وفي مقابل التّطبيع لم تحصل قضية فلسطين على الكثير، فليس هناك تعهّدٌ من إسرائيل بالتفاوض مع القادة الفلسطينيين، وليس هناك اِلتزامٌ بحقوق الشعب الفلسطيني أو استقلاله، ولا شيء بشأن إنهاءِ الاحتلال، وما فعلته إسرائيل هو مجرّد وعدٍ مؤقّت بضبط النفس حيال ضمّ أجزاء من الضفة الغربية دعمًا منها لخطة ترامب. وهكذا، كانت الاتفاقيات الإبراهيمية بمثابة رفضٍ للمُقايضة المُضمّنة في مبادرة السلام العربية.
إذا كان هناك أيُّ أملٍ في أن يؤدّي التّطبيع إلى تلطيف الصّراع الفلسطيني – الإسرائيلي ، فإنّ أحداث أبريل / مايو 2021 قد أظهرت خلافَ ذلك؛ ففي بداية شهر رمضان منعت الشرطة الإسرائيلية الفلسطينيين من التّجمّع عند باب العامود في القدس القديمة، وفي غضون ذلك تحرّكت فعالياتٌ قانونية وسياسية في إسرائيل لإخراج الفلسطينيين قسْرًا من منازلهم في حي الشيخ جراح، ودخلت عناصر الأمن إلى المسجد الأقصى وأطلقت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على المصلّين، وداخل حدود إسرائيل قبل 1967 اندلعت مواجهاتٌ عنيفة بين اليهود والفلسطينيين؛ وقد أبانت هذه الحوادث أنّ كلّ جزء من جغرافية فلسطين التاريخية يؤدّي دورا في المعادلة، وأنّ التّهجير الإسرائيلي للفلسطينيين ليس مجرد احتمالٍ أو فرضية، ففي القدس وداخل حدود ما قبل عام 1967 يستمر السعي لتحقيق الميزة الديمغرافية لليهود، ما يجعلُ تعهّد إسرائيل بعدم ضمّ أجزاءٍ من الضفة الغربية أمرٌ مخيّبٌ للآمال.
إنّ الاحتجاجات والقمع الممارس في القدس، وإلغاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس للانتخابات، وردّ فعل حركة حماس على حملة القصف الجوي؛ تُثبت هذه الأحداث مُجتمعةً أنّ قضية فلسطين لا تزال شائعةً وحيّة، وهي لا تزال تحتفظ بصدًى دولي، إذْ نُظّمتْ احتجاجات للتضامن مع الفلسطينيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأجزاء من العالم؛ ومن الواضح أنّ اتفاقيات التطبيع والقمم الاقتصادية ليست سبيلًا مثاليًا تُراهنُ عليه القوى الإقليمية لتقليص القضية الفلسطينية.
عندما اندلعت الاشتباكات في القدس وسقطت القنابل على غزة؛ لم تقطع الإمارات علاقاتها مع إسرائيل ولم تُقدّم إدانةً شديدة، ولم تحاول التراجع عن الاتفاق الإبراهيمي أو تقويم علاقاتها مع تل أبيب ؛ بدلًا من ذلك استمرت شراكتهما في التطوّر، فبعد أيام فقط من انتهاء الحرب وقّعَ الطّرفان اتفاقية ضريبية، واستضافت دبي منتدى استثمار تحدّث فيه إسرائيليون رفيعو المستوى، وافتتحت دبي معرضًا عن الهولوكوست. بالنسبة للإمارات، تُمثّل هذه العلاقة ثقلًا موازيًا للنفوذ الإيراني، ومُيسّرًا للوصول إلى الأسلحة الأمريكية، ومصدرًا إضافيا أو بديلًا للأمن في حال إنهاء واشنطن لوجودها في المنطقة، وفائدةً اقتصادية محتملة.
كان التّعايش بين التطبيع العربي مع إسرائيل واستمرار الاحتلال يبدو أمرًا غير وارد، لكنه أصبح الآن حقيقة واقعة؛ ومع ذلك فإنّ هذا النموذج الجديد ليس بمُرجَّحٍ أن يظلّ ثابتًا؛ فإذا زاد نطاق أو تواتر قمع الفلسطينيين أو تصاعدت المواجهات بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، فإنّ حملة التطبيع وواقع الاحتلال من الممكن أن يتعارضَا؛ ما يجعل التوازن الحالي غير مستدام؛ كما أنّ الدول العربية ليست كلها على متن الطائرة، فلا تزال علامة استفهام كبرى حول موقف السعودية، وحتى الآن يبدو أنّ نموذج "التطبيع رغم الاحتلال" غير مقبولٍ لدى الرياض؛ وعلى الرغم من دعم إدارة جو بايدن للتطبيع، إلا أنها لم تقدّم الحوافز التي قدّمها ترامب، ففي حين نالت الإمارات طائرات مقاتلة متطورة وحصل المغرب على الاعتراف بأراضٍ متنازعٍ عليها، لا يمكن لباقي الحكومات العربية أن تتوقّع صفقات جذّابة مماثلة من واشنطن.
سيكونُ من الخطأ اعتبار التطبيع هو الحل للقضية الفلسطينية، وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزته إسرائيل في بناء علاقات مع بعض الدول العربية، سيظلّ الاحتلال عائقًا قويا ومصدرًا لعدم الاستقرار؛ وإنّ القضية الفلسطينية لا يمكن أن تختفي بمجرّد الرّهان على الدبلوماسية الإقليمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا