الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات مغرم مجنون بغانية فاتنة !...

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2021 / 9 / 16
الادب والفن


تأملات مغرم مجنون بغانية فاتنة !...
كنت قد أزمعت في خلوة مع الذات ، في روضة بها بركة ماء تسبح فيها طيور مائية عند مكان منعزل بعض الشيء ، وتحيط بها أشجار وملعب كرة القدم وطريق زراعي صغير ..
خرجت قبل غروب الشمس بقليل وكان الجو لطيفا !..
هناك مقعدا خشبيا أمام هذه البركة أو البحيرة الصغيرة ..
جلست ومعي كراس أو كتيب صغير يحتوي على الدارمي العراقي ... وقنينة بيرة .. وشيء من المكسرات !.. على أمل أن أقضي بعض الوقت منفردا !.. فشعرت بحاجة ماسة لأختلي مع الذات ، وأستعيد ما يشغلني في السياسة وهمومها !..
دون أن يشاركني أحد بذلك !..
كانت هناك أمور كثيرة شائكة في تراجيدية الوضع السياسي المتأزم ، وكنت بصدد أن أبلور موقفا مما يطرح عليً !..
أو ما أطرحه على ذاكرتي !..
أمل أن يعينني كومبيوتري الذي أحمله في رأسي !..
وفعلا تبلور الكثير وتوصلت إلى استنتاج مفيد على أمل أن أدونها بعد عودتي إلى البيت ، وأضيفها لحقيبة كتاباتي !.. أو لهذه الخربشات !..
بينما أنا سارح في ملكوت الله !...
تفاجئني نديمي وقدري دون موعد ولا دستور !..
طاب نهاركَ يا صفوتي وصبابتي !..
ونهاركِ !...
ما الذي جاء بكِ ؟ ...
هل انتابك الشئم من هذا الحضور المفاجئ ؟ ...
لا ولكن كيف لكِ عرفتي وجهتي ومكاني ؟ ...
أنكَ للحظة لم تقتنع بأني قدركَ ونديمكَ ومعينكَ وهاجسكَ ! ..
لا هذه حقيقة أدركتها من زمن بعيد !..
ولا غرابة في ذلك !..
هل ترغب بانصرافي ؟..
هكذا بادرتني وبشيء من الحزن وجزع ارتسم على محياها !..
لا .. لا .. أجلسي لنتقاسم ما أحمله مما خف وزنه و... لا تكمل !...
فقد أعددت لكَ شرابا عتيق وطعاما شهي !..
بعد ما عرفت أنك عند مخدعك وجنون خيلائكَ وصبابتك !..
كل هذا يا نديمي وقدري وهواي ؟...
بَلا وأكثر من ذلك ..
هذا الذي أكثر من ذلك فأخافني ؟..
لا تتوجس من شيء .. فأنا ملهمتكَ !...
وباعثة للأمل والتجدد والسعادة دائما ما حَييتْ ..
لا شكَ في ذلك .. وقبلتها قبلة تنم عن عاطفة جياشة وحميمية !..
تنم عن عمق الترابط الوثيق الساكن في قلب تعلقها شغافا ..
فسقتني من رضاب خمرا وعسلا .. وأسمعتني حلو الحديث المستطاب !..
أيكفيكَ هذا أم نستزيد ؟...
أَهذا عربون محبة وهيام ؟ ..
هكذا بادرتها !..
قالت كما تشاء !..
هلا طلبت منكَ شيء ؟ ..
بلا .. قولي .. وهاتي ما عندُكِ !..
قالتْ هلا وصفتني ؟..
الذات لا توصف يا صديقتي .. يا ضعفي وقوتي !..
لِمَ تَقولُ يا صديقتي ؟ ..
ولم تقل حبيبتي .. عشيقتي .. جنوني .. صبابتي وهيامي ؟..
لا عليكِ .. هي زلة لسان لا أكثر !..
صاغه علماء اللغة من الغزل والسحر والجمال ، أنتِ كل الذي يجاريها الشعراء للغانيات الساحرات من بلاغة الكلام .. وما يتبارى به العشاق بوصف حبيباتهم !..
أنتِ الهة الحب .. أنتِ أيروس ألهة الحب والعشق والهيام ..
قالت وشعرا !... فقلتُ لها :
هذا الجمال منين يا عمي بلوة .... هم خصر هم خدود هم شفة حلوة ؟..
زدني .. ولا تبخل علينا بحلو الكلام .. بلا :
أني وحبيبي طيف ما بين العيون ... يمي وأكول بعيد لو يبعد شلون ؟..
أتمنى كلبج يوم يوكع وألزمه ... ما عوفه والعباس وبأيدية احزمه !..
موبيدي يالمحبوب كلبي الي يحبك.. جا كتلي عفيه اعليك لو كلبي كلبك .
اصيح بصوتك وأنت ردرد أحبك
لا تروح بعيد ردرد أذا جتك رسالة
شوك ردرد لان ردك يرد الروح اليه .
هل راق لكِ ما سمعتيه ؟
بلا !... لكن زدني من القريض !..
حتى أنتِ يا قدري ؟ ..
هو أنا ولا أحد سواي !...
معكِ حق ! ...
وهل أهرب من قدري ؟..
هويتها طفلةً دقّت محاسنها ... فطرفها نرجس والخدّ تفّاحُ
يتيمة الدهر نثر الدرّ من فمها ... والعقد في جيدها والوجه مصباحُ .
قالت وقد رأتِ اصفراري مَنْ بهِ ... وتنهّدتْ فأجبتُها المتنهدِ .
أحسنتَ وأجدتَ .. ولكَ مني أحر القبل وكأس معتق من الخمر!..
الذي أعددته لنا نحن الواحد الصمد !!...
في جسدين !.. لا تشركي يا صغيرتي !..
قالت لا احب الشرك ولا الشراكة بالحبيب !..
ولا أُجيد شيء .. غير مسايرة الطبيب من الحبيب !..
سبقت كلماتك كل الذي سطرته لَكِ .. تكريما وتبجيلا وإعجاب وفخر !..
كُلُ هذا لي يا حبيبي ؟ ..
بلا وأكثر .
قالت إذن هيا لنستقي من كؤوس الطلا ونزق القبلات !..
نعم تعالي يا جميلتي لنرتوي خمر الرضاب !..
لنسرح في فضاءات الكون وما تجود به نفوسنا من عبق الكلمات التي تتراقص بين الثغور يا جميلتي !..
سامرتها الليل بطوله .. ونتنابز القبلات وننتشي بالليل وجنونه وبالأحلام الشاردات !..
لننسى ما ضيعناه من سنوات العمر ! ..
تذكرنا كمجنونين هائمين في عالم موحش والطبيعة الغضبى !..
أعقبه سكون الغابة وغفوة الوحوش فيها !..
كل شيء توقف فجأة .. معلنا توقف العاصفة !..
عاد الجمع يحصي ما خربته من بشر وشجر وضرع وسكن !...
يا لهول ما حدث ؟..
لا تلتفت ورائك !..
كل شيء مضا وانقضى ليس بالحزن يرجع !..
نعم أفهمك حبيبتي !..
كانت أيام عصيبة !..
أفهمك سيدي ومولاي !..
هلا أخرجتنا من هذا الجب العميق ، والنظرة الموحشة الكئيبة الحزينة ..
لنعاود المرح والفرح والتصابي ؟..
هو حق مكفول لنا !..
كيف ؟..
قلت لها !..
قالت بعرفي أنا !..
وهذا حق كَفَلَتْه أعرافكم أنتم أل ( الشيوعيين ) !..
معكِ حَقْ .. دائما تربحين النزال ضدي !..
وهل نحن خصمين ونتبارى النزال ؟..
لا ليس بهذا المعنى يا حبيبتي !..
ضممتها بذراعي الى صدري ، وقبلتها بدفيء ورقة وحنان !..
فصمتت واسترخت وأسبلت جفنيها قليلا .. وتنهدت وكأنها تقول لي !..
لماذا تعكر صفوة اللقاء الجميل هذا ؟..
قالت ما علينا !..
هلا نضفي على هذه اللحظات المتبقية بأن تقول بي نثرا ... وختامه مسك وشعرا ؟..
سأصرح لك. وأقولها بصدق المجنون بحبيبته !..
أنتِ مليكي ومملكتي و الضنون !..
وقدري المقدر وصفو حياتي .. ولكِ ما تريدين !..
لو اقترن تأملكِ هذا مع ابتسامة ؟..
لحدث الذي يطلقون عليه الفيزيائيين !...
الحركات التوافقية !..
وتحطمت صوامع وجوامع وبيع وصلوات ! ..
وحارت الالهة في تصنيفكِ وتوصيفكِ !..
وظهر عيسى وقرينه المنتظر !..
يتسابقون لمحرابكِ !..
يقيمون التراتيل والصلوات !..
وخروا أليكِ سجدا خاشعين راكعين !..
يتذرعون شفاعتك وبركاتكِ وجميل حلمكِ وصبركِ وأناتكِ !..
طامعين مسترحمين !...
أملين بتقبيل ثغركِ ومبسمكِ !..
يعودوا لرقاد ابدي على لذائذ الرضاب !...
وجميل وجنتيكِ .. وتكور نهديكِ !..
وما سَلَبتْ منهم عيونكِ الساحرات ! ..
وسهام لحظكِ القاتلات !..
فيالكِ من رشأ نافر !...
تُرْدين من أصابه لحاظ عينيكِ قتيلا !..
كما قال أحدهم ..:
كفّي لحاظك قد أصبتِ فؤادهُ ... من حيث لا يدري بسهمٍ صائبِ
يا ظبيةَ الوادي انقضى عمري وما ... قضّيت من نظرٍ إليك مآربي .
وقال وضاح اليمن، وهي من غريب الشعر وجيده وسهله الممتع :
قالت ألا لا تَلِجنْ دارنا ... إن أبانا رجلٌ غائرُ
أمَا رأيتَ البابَ من دوننا ... قلتُ فإني واثبٌ طافرُ
قالت فإنَّ القصر من دوننا ... قلت فإني فوقه ظاهرُ
قالت فإنّ الليثَ غادٍ به ... قلت فسيفي مرهف باترُ
قالت فهذا البحر ما بيننا ... قلت فإنّي سابح ماهرُ
قالت أليس الله من فوقنا ... قلت بلى وهو لنا غافرُ
قالت فأمّا كنتَ أعييتنا ... فائْت إذا ما رقد السامرُ
واسقط علينا كسقوط الندى ... ليلةَ لا ناه ولا آمرُ .
البيت الأخير أخذه من قول امرئ القيس:
سموتُ إليها بعدَ ما نامَ أهلُها ... سموّ حبابِ الماءِ حالا على حالِ .
هلا أرضيتكِ .. وأشبعت رغباتكِ ؟..
قالت :
كم جميل .. ورائع .. وساحر وصفكَ يا حبيبي ...
وكم ألهمني الأنس والخدر والشوق مبسمكَ ؟..
وزادت القول :
ترى يا ليت الأصيل يطول .. فعندي من الوجد مالا يقالُ !..
تمهل حبيبي وخذ أعطاف العذارى !.. يجولون في مخدع العشاق !.. وأنتَ تجولُ !..
أثنيتُ ثغرا .. وأودعتُ نهدا !.. فأيقنتُ أني عندك يا حبيبي .
15/9/2017 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة أسطورة الموسيقى والحائز على الأوسكار مرتين ريتشارد شيرم


.. نحتاج نهضة في التعليم تشارك فيها وزارات التعليم والثقافة وال




.. -الصحة لا تعدي ولكن المرض معدي-..كيف يرى الكاتب محمد سلماوي


.. كلمة أخيرة - في عيد ميلاده.. حوار مع الكاتب محمد سلماوي حول




.. لماذا تستمر وسائل الإعلام الغربية في تبني الرواية الإسرائيلي