الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوجيني 1970:لماذا نقرأ الماركيز دي ساد

بلال سمير الصدّر

2021 / 9 / 18
الادب والفن


عن دوستيوفسكي والأبله
القسوة بعيدة جدا من ان تكون رذيلة....
انها العاطفة الطبيعية التي تحقن فينا كلنا
القسوة بعيدة جدا من ان تكون رذيلة....
القسوة طبيعية...القسوة ببساطة الطاقة في الانسان والتي لم تستطع الحضارة حنى الآن(مجتمعة) افسادها
القسوة اتجاه الانثى أكثر فعالية من الرجل...
اعلان مشهد القسوة،المعركة،الاحتراق سوف ترى بأنها سوف تقود المرأة الى الهروب
ولكن هذه المناسبة ليست متعددة بالكفاية لتغذية غضبهم...لأحتواء أنفسهم وهم يعانون
مثلك تماما أوجينا...يجب ان تعاني ايضا

هل هناك من طاقة معينة تحتمل هذه الأفكار....؟!
إذا،مع الماركيز دي ساد وفيلم اوجيني 1970 المقتبس عن كتاب الفلسفة في غرفة النوم،والعنوان الفرعي للفيلم:أوجينا:قصة رحلتها الى الانحراف
القصة من البداية تقول بصراحة انها عن الشهوة وعن الفساد،وهذا اسلوب الماركيز دي ساد الذي يقول عن نفسه بأنه ليس كافرا أبدا وهي ربما تكون التهمة التي حبس عليها في الباستيل لمدة عشر سنوات...
هل الأدب محنة عند الماركيز دي ساد...؟

قبل الخوض أكثر في هذا الموضوع الشائك،دعونا نقول شيئا عن رواية جوستن،وهي الرواية الوحيدة التي قرأناها لهذا الكاتب...جوستن هي رواية عار على الأدب قبل كل شيء...
جوستن من ناحية فنية هي رواية عار على الأدب،فهي تمتلك حس تقريري عالي جدا،لدرجة انها رواية خيالية غير قابلة للتصديق،فكل ما فيها يسير بخط مرسوم مسبقا في ذهن الكائن،وكل شيء فيها يجب ان يكون حسب اهواء الكائن حتى لو افتقد الى ادنى حس من المنطق...من الشعور بتسلسل طبيعي للحبكة ولو لأدنى درجة...
ثم لنقارن سردية الماركيز دي ساد بسردية دوستيوفسكي من ناحية التقرير....
أول سردية لدوستيوفسكي متشابهة مع سردية الكاتب آنف الذكر هي الأبله،فرواية الأبله-وهي رواية تعد من افضل الروايات في التاريخ-تسير بخط موازي مع سردية دي ساد جستن،فكلاهما يتحدث عن الطيبة المناقضة للواقع،او التي فعلا لاتتواءم شكليا مع الواقع..
الأمير موشكين،بطل رواية الأبله،هي شخصية غااية في التقرير تخضع لنفس المستوى مع درجة أقل من التطرف الذي تخضع اليه جوستن،فالرواية-مع الاحترام لدوستيوفسكي نفسه ولكل الآراء التي قيلت من حول الأبله-أيضا تقريرية جدا غير قابلة للتصديق.
إن كان هدف دوستيوفسكي أن يطرح سؤالا من دون ان يقدم اجابة:هل الطيبة الزائدة التي في تطرفها تعتبر بلاهة،تنفع في هذا العالم...؟
على ان دي ساد،إن كان واقعيا أكثر عندما وضع مسار لأخت جستن(جولييت) لرسم مقارنة بين مصير متطرف طيب أبله،ومصير تهكمي،وكلاهما آمن بان الانسان شرير بطبعه ولولا ذلك لما نعتت الطيبة بالبلاهة...
على ان دوستيوفسكي ينقذ نفسه أدبيا في الجريمة والعقاب والأخوة كارامازوف،فالتقريرية أيضا عالية في كلنا الروايتين المذكورتين،ولكنهما تحملان عبقرية سردية وفكرية من غير الممكن أبدا الوصول اليهما عند اي كاتب تقريري آخر...
ثم ان التقريرية العالية جدا هي العبقرية التي تمخضت عنها مذكرات قبو،أو بمسمى آخر مذكرات من تحت الأرض..
إذا نعم،فالأدب في محنة عندما يضم مثل هذا الكاتب اليه،بل وايضا يحصل على كل هذا الاعتراف،ولكن دعونا لانخدع أنفسنا،فدي ساد مرتط مع عالم الفكر والرواية هي مجرد طريقة للتعبير...
هل دي ساد يشبه نيتشة بقلب المنظومة الكاملة للقيم...هل يوجد أديب أو فيلسوف في هذا العالم يعترف بأنه لا أخلاقي...؟
نعم،هذا كلام صحيح،وهذه المقارنة ايضا في مكانها...
دي ساد يحاول تطهير العالم من ا|لأخلاق التقليدية،اي يحاول الكشف عن حيز اخلاقي مختفي خلف الواقع الأخلاقي نفسه،أي ان أخلاقه مناقضة للأخلاق المعروفة نفسها...
الهدف هو البهجة،والبهجة نصل اليها من خلال مناقضة الطبيعي المألوف،وهذا اساس ضروري لأن الأخلاق عنده مختفية خلف اخلاق البهجة،فالمسار الطبيعي للبهجة سيقود الى اخلاق تقليدية،ولكن اخلاق البهجة مع الشذوذ وضمنياته من السحاق والقسوة المتمثلة بالسادية....
السادية هي الوجه المتواري خلف البهجة....هي الحالة التي يسعى الانسان للعودة اليها كما يرى فرويد
هي الشبق الجنسي المعادل للموت (باتاي)
إذا هي طريق متطرف،شاذ،للحصول على السعادة يشبه تماما طريق الصوفية ولكن من الطرف الآخر
فليس من المستغرب أن تسبق هذه البهجة بمقدمة فكرية محاطة بنوع من الطقوس ذات الاحترام والتقديس.
إنه الطقس المجنون...إنه الطقس الأخلاقي المتسامي على الطقس الأخلاقي الطبيعي

فيلم(أوجينا)هو فيلم من الدرجة الثانية،فأوجينا التي لم تبلغ بعد العشرين عاما التي ترغب من التحرر من القيود الأبوية،تخضع لرحلة فنتازية مبهرة نتعرف فيها على الكثير من خفايا اساليب الماركيز دي ساد للمتعة الجنسية-وهي التي كانت تقرأ دي ساد مع بداية الفيلم-وتنقلب الحبكة الى شيء له علاقة بالغيرة والامتلاك،ولكن يبقى الفيلم محافظا على خطه الدرامي والذي كان يتبع بالأساس خط دي ساد.
أحد الوجوه البارزة للفيلم هو العراء الكامل للمرأة،وهو الشيء الذي كان من الممكن التخلص منه مع الحرفية في معالجة القصة،اي شرح دي ساد نظريا بعيدا عن محتواه الداعر.
المخرج(جس فرانكو)،مخرج متخصص بأفلام الدرجة الثانية غزير الانتاج وانصبت غالبية ابداعاته على العنف والجنس.
اعتقد،بأن الكثير ممن سيقرأ هذه المراجعة سيحكم بالتالي:أنت بالتأكيد لم تفهم ولم تستوعب فكر الماركيز دي ساد...
كأن دي ساد حسن النية بريء مما قيل عنه وبالأخص انه لم يقتل دجاجة في حياته...
هل سيحصل دي ساد على البراءة المطلقة لأنه لم يقتل دجاجة في حياته...
ولكن،أليس من الممكن افتراضا،ان دي ساد لوث الفكر البشري ببرازه،وبطريقة لا يمكن محوه أبدا...
والسؤال:لماذا نقرأ دي ساد...لماذا هو محاط بهالة من الاهتمام لايمكن انكارها،ولماذا قدمت عنه كل تلك المراجعات والدراسات ...لماذا نقرأ دي ساد؟
دي ساد يقدم فكرة البهجة وهذا هو الواضح...على ان هذه البهجة لها قرينة أخرى في الارداة البشرية الا وهي التحرر من لوازم العلاقة الاجتماعية ومن لوازم الاخلاق التقليدية،وكأن الانسان بطبيعته يبحث عن اخلاقيات دي ساد أي البهجة من دون لازمة اجتماعية أو اخلاقية (تقليدية)،والموضوع برمته مقرون بحسن النية.
11/9/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي