الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموارد المهدرة والكنوز الكامنة الجزء الثانى

زياد عبد المنعم عبيد

2021 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


في الجزء الأول عرضت ثلاث من أهم الموارد الوطنية بمعايير القدرة الاستيعابية لشبه جزيرة سيناء ومساحات ونطاقات التوسع الطبيعية في الساحل الشمالي وإمكانية خلق طفرة صناعية تجارية ولوجستية من خلال تكامل قناة السويس بضفتيها الشرقية والغربية ضمن إستراتيجية لتغيير معامل الاستفادة من القناة من مجرد ممر عبور إلى نقطة التقاء المواد الخام بالقدرات الإنتاجية والصناعية والتوزيعية. وفي هذا الجزء يمكن إبراز ثلاث عناصر تعتبر من أهم الموارد الوطنية التي يجب تنميتها ودعمها والاهتمام الشديد بها.

كنز مصر الثقافي الحضاري الإبداعي
يعد التراكم التاريخي الحضاري الثقافي المصري احد أعظم مواردنا الإستراتيجية التي لم تحظى بالدعم ولا الاهتمام الكافي على مر العقود، بل وصل الحال انه تم بيع الكثير من أعمالنا الفنية بالجملة لشركات أصبحت تبيع لنا ما كنا نمتلكه نحن من تراث وفن وإبداع. في غفلة من الزمان تم بيع مكتبات الإذاعة والتلفزيون بالكامل لشركات سعودية وإماراتية، وأصبحت هذه الشركات تبيع إبداعاتنا في جميع أنحاء العالم، وفقدنا هذه الأعمال ومعها ذلك التفوق المصري الإعلامي والثقافي الذي أتاح لنا التمييز والتألق عبر العقود. ولا شك ان مصر بكل عواملها ومؤثراتها حاضنة فنية ثقافية إبداعية عبقرية قادرة على صنع المزيد من الإبداعات الثقافية والفنية ولكننا بحاجة لحماية ممتلكاتنا الفكرية وإعادة تقييمها لتصبح احد اهم مصادر الدخل القومي. ويجب لفت الانتباه أن مصر تمتعت بأفراد يمكن اعتبارهم "مصانع فكرية وفنية وثقافية"، فأديبنا العظيم الراحل نجيب محفوظ احد أهم هذه المصانع الفكرية الذي وظف بكتاباته الناشرين ودور الطباعة والترجمة وكتاب السيناريو والسينمائيين وغيرهم من آلاف البشر الذين مازالوا يستفيدوا من أعمال هذا المبدع المصري رغم رحيله. ولا يمكن إغفال كنز كسيدة الشرق ام كلثوم التي كانت احد المحركات الفنية للاقتصاد المصري وهي ما زالت كذلك بعد عقود من رحيلها، فالسيدة العظيمة نشطت حركة المسارح الغنائية ووظفت الفرق الموسيقية وألهمت الكتاب والشعراء، حتى أنها نشطت حركة المقاهي خاصة في ايام حفلاتها أول كل شهر، وأصبح ذلك تقليدا مصريا فريدا. وما زالت مصر تنتج أفذاذا في المجالات الثقافية أمثال الأديب المصري والدولي علاء الأسواني الذي تترجم أعماله بكل لغات العالم. وعلى الحكومات المصرية التي ستقود البلاد ما بعد ثورة ٢٥ يناير النظر بتمعن في كيفية تعبئة قدرات مصر الإبداعية وتنميتها ودعمها ووضعها ضمن الأولويات في الاستراتيجيات الوطنية. إن التفوق المصري في مجال صناعة المسرح والسينما والتلفزيون والفنون التقليدية بكل أشكالها يجب أن يستثمر بشكل علمي مدروس ليصبح احد القاطرات الأساسية للحركة الاقتصادية.

الموارد الطبيعية المهدرة "المياه والطاقة"
لست بصدد إعادة الحديث عن إهدار الموارد من منجم السكري او مصنع فسفات ابو طرطور وكيف أصبح إنسان واحد يمتلك أو يهيمن على صناعة الحديد والصلب في دولة بحجم مصر؟ أو كيف وجهت مصر عشرة بالمائة من مواردها المائية لصالح ثلاثة مستثمرين؟ وكيف أهدر الساحل الشمالي بالكامل في بناء شاليهات ومصايف للقادرين ولم تتم تنميته لصالح جموع المصريين؟ وكيف تنافس إسرائيل مصر في الإنتاج الزراعي بل وتتفوق عليها في تصدير العديد من المنتجات؟ ولماذا يبحر صيادونا في مياه الدول المجاورة ولا يجدون من الأسماك ما يكفي في مياهنا الإقليمية؟ ويوجد الآلاف من هذه الاستفسارات والتساءولات التي لا يمكن الإجابة عليها أو تعليلها سوى بالفساد العميق الذي استشرى في كل أروقة ومستويات الدولة المصرية المعاصرة. لكن لا يجب أن نسمح لهذا الفساد أن يدمر أعظم واهم مواردنا على الإطلاق. إن أعظم مواردنا الطبيعية وهو نهر النيل الخالد يعاني الكثير من الإساءات والتعديات والإهدار. والعبثي أن بكل ما يؤمنه النهر من زراعات فإننا دولة لا تنتج حتى نصف ما تأكل، وهو ما لا يمكن تقبله، فهل يمكن تصديق أن مصر دولة النيل تستورد ابسط مكونات طعامها اليومي....الفول؟ والإهمال الجسيم وسوء الاستفادة من نهر النيل يسهمان في استمرار حالات الفقر والجوع والفساد. والحل هو البدء في استخدام التقنيات الحديثة والعلوم وحث الابتكار في مجال استخدامات المياه وترشيدها والعمل على الاستفادة القصوى من كل قطرة ماء. أما تجاهلنا المستمر للطاقة البديلة والطاقة المتجددة فهو حقاً محير، فنحن لسنا دولة بترولية ونحن في أمس الحاجة للطاقة، إذن لماذا لم نتوسع في استخدام الطاقة البديلة والمتجددة؟ والغريب إن دول مثل ألمانيا وإسبانيا واليابان قد ضاعفوا من الاستفادة من الطاقة الشمسية والطاقة البديلة وهم مستمرون في تطوير الأبحاث العلمية والتطبيقات العملية للاستفادة القصوى من هذا المورد الطبيعي التي تفيض بلادنا به. فكيف لنا ان نتجاهل هذا المورد الدائم؟ ولماذا لا نشجع استخدامه واستخدام تطبيقاته ونشجع هذه التقنية والصناعة التي هي ضمن نطاق التقنيات فائقة الحداثة والتقنيات المستقبلية؟


القدرات السياحية
منذ زمن الاحتلال الفرنسي لم نقم بعمل وطني يوازي أو يحاكي ما كتبه العلماء والأدباء والفنانين الفرنسيون في كتاب "وصف مصر". ودلالة هذه الملاحظة أننا لم نقم بوصف حالة البلاد المعاصرة ولو على سبيل الحصر وتقييم القدرات والموارد. وفي العقود القليلة الماضية أصبحت السياحة احد أهم موارد الدخل القومي بالرغم من إهمالنا البالغ لمواردنا السياحية. وبالرغم من وجود ما يقرب من ٩٦ هرم في أنحاء جمهورية مصر العربية إلا أن معظم المصريين لا يعلم عنها سوى القليل. والمثال الصارخ داخل نطاق العاصمة هي أهرامات الجيزة والمنطقة الأثرية المحيطة التي تئن من المشكلات والعشوائية والقاذورات، ام الطريق إلى أهرامات سقارة فحدث ولا حرج، إما الضيوف من الأجانب والأخوة العرب فهم دائمي التعجب حول حال البلاد وهم يتساءلون كيف يمكن لدولة أن تحظى بكل هذه المقومات الفذة وان تعاني ويعاني مواطنوها لهذا الحد المهين. ونحن ننتظر بشغف لذلك اليوم الذي تحظى به كنوز مصر التاريخية بالاهتمام اللازم واللائق بأحد أهم مواردنا الاقتصادية التي عانت من الإهمال الشديد وسوء الإدارة والسرقة الممنهجة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش