الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المراوحة في إيران: عمال بمواجهة نيوليبرالية تسلطية

بيمان جعفري

2021 / 9 / 21
الحركة العمالية والنقابية


بيمان جعفري



نشرت ورقة جعفري ضمن كتاب إذا لم نكن نحن، من؟، عمال من العالم ضد السلطوية والفاشية والديكتاتورية، تحرير داريو أزيليني، الكتاب صادر عن مؤسسة روزا لوكسمبورغ، عام 2021.



حتى وقت قريب، رأى الخبراء في الطبقات الوسطى والعليا الحديثة كمؤشر على الديمقراطية في إيران، مستندين برأيهم هذا إلى دور الطبقات في الحركة الإصلاحية التي انتشرت خلال بداية الـ 1990ات وازدهرت خلال ولاية الرئيس محمد خاتمي (1997-2005) (Rivetti 2019). الأوهام حيال اللبرلة الاقتصادية لخاتمي بين صفوف الطبقات الدنيا، وفشله في مقاومة هجوم المحافظين، والتهديد بنشوب حرب عقب الاحتلال الأميركي لأفغانستان والعراق كل ذلك ساعد على الرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد عام 2005. فشل نجاد أن يطبق وعوده الشعبوية وانتقل سريعاً إلى اعتماد سياسات تسلطية. وأطلقت إعادة انتخابه المزورة في حزيران/يونيو عام 2009 مظاهرات حاشدة رفعت المطالب الديمقراطية تحت راية الحركة الخضراء (Nabavi 2012)، التي اعتمدت على الشبكات التنظيمية للطبقة الوسطى.

وفي وقت تزايدت فيه الاحتجاجات العمالية منذ الـ2000ات، وعمّت موجة جديدة من المظاهرات الحاشدة المعادية لمجمل المؤسسات السياسية للجمهورية الاسلامية في إيران بين نهاية العام 2017 ونهاية العام 2019، بدأ العمال بالمشاركة بوضوح في مناقشات التغيير السياسي في إيران. سيتطرق هذا الفصل من الكتاب إلى التنظيمات العمالية الرسمية وغير الرسمية والمظاهرات التي سببت هذه النقلة. كما سيعالج مستوى تحديهم للبنى التسلطية في إيران، فضلاً عن تقييم قوتهم وضعفهم وتطلعاتهم.

البرجوازية المحافظة الإيرانية

إن الحجة غير الصحيحة أن البرجوازية هي مسألة مركزية للديمقراطية يدافع عنها بعناد وتحمس لافتين في بلدان كإيران، حيث ينظر إلى التطور الرأسمالي على أنه “انحراف” عن “قاعدة” النموذج الغربي. في السياق عينه، يجادل البعض أنه إذا تبنت هذه الدول القاعدة الغربية عبر برامج التحرير الاقتصادي والاندماج في الأسواق العالمية، فإن البرجوازية ستزدهر وبالتالي تتحدى الاستبداد بنجاح. الخبير الاقتصادي المؤيد لاقتصاد السوق محمد طبيبيان (2020)، الذي طبعت أفكاره السياسات الاقتصادية للرئيس حسن روحاني (2013-2021)، يعترف، على سبيل المثال، أن الرأسمالية يمكن أن تتضمن الأنظمة الديمقراطية والاستبدادية كما هو الحال في السعودية والصين، ولكن بعد ذلك، يعتبر أن هذه الدول ليست رأسمالية بما فيه الكفاية لأن القطاع الخاص ضعيف.

تسيطر الشركات التي تملكها الدولة والمنظمات شبه الحكومية فعلياً على 80 بالمئة من الاقتصاد الإيراني، تاركة 20 بالمئة منه بيد القطاع الخاص (Khajehpour 2000: 579). أدت الخصخصة الشاملة إلى زيادة حجم القطاع الخاص بشكل قليل، لأنه جرى الاستحواذ على الشركات المخصخصة من الشركات والمؤسسات العامة (Harris 2013). عوضاً أن يكون الأمر استثنائياً، مراكمة الدولة لرأس المال هو نمط التنمية في البلدان الطرفية التي تواجه منافسة عالمية. كما أوضحتُ في مكان آخر (Jafari 2012)، أدى التحرير الاقتصادي إلى نشوء نظام هجين يتألف من الدولة ورأسمالية السوق الحرة الذي لا يعتبر استثناءً إنما هو انعكاس لمكانة إيران داخل الرأسمالية العالمية. لم يؤد ذلك إلى قيام قطاع خاص مكتمل الأركان ولا إلى التحول الديمقراطي، حيث أن الطبقة الرأسمالية الجديدة في القطاعين الخاص والنصف-حكومي، ما زالت معتمدة على الدولة حتى تحميها من المنافسة الخارجية والاحتجاجات العمالية الداخلية. من هنا وقف الرأسماليون الإيرانيون مع الدولة الاستبدادية في اللحظات الحرجة.

من النقابات إلى لجان المصانع

منذ تأسيسها في بداية القرن العشرين، لعبت النقابات والمنظمات العمالية في إيران دوراً أساسياً في تحدي النظام الاستبدادي والنضال من أجل الحقوق الديمقراطية (Ladjevardi 1985). إذ شلت الإضرابات الجماهيرية التي نفذها عمال المصانع النظام الملكي في الشهر الأخير من العام 1978 (Parsa 1989)، مقدمين مساهمة أساسية في نجاح الثورة في إيران. بينما احتكرت القوى الإسلامية المحيطة بالخميني السلطة وزادت من استبدادية الدولة بشكل متزايد، أنشأ آلاف العمال لجان المصانع (الشورى) التي حاولت السيطرة على الإدارة والإنتاج. ظهرت المئات من لجان المصانع في المراكز الصناعية الأساسية عامي 1979-1980 وقد عانت من العديد من العيوب وجرى قمعها، لكنها سمحت للعمال بخوض تجربة ديمقراطية من خلال المشاركة في النقاشات العامة واتخاذ القرارات إثرها. قمعت دولة ما بعد الثورة اللجان ومنعتها لأنها سرعان ما أخذت اتجاهاً استبدادياً (Bayat 1986 Jafari 2020)، وحاولت في الوقت عينه استقطابها عبر سردية مؤيدة للعمال (Morgana 2018). في العقود الأربعة الأخيرة، استمر العمال بمواجهة السياسات الاستبدادية من خلال استخدام عدة طرق للتحرك وأنواع للتنظيم. واستعمل البعض منها بعض النقابات المقبولة من الدولة لتقديم مطالبه، في حين حاول البعض الآخر تأسيس نقابات وشبكات عمالية مستقلة، ودعت مجموعة ثالثة، ولكن أقل عدداً، إلى إعادة تأسيس الشورى وفرض الرقابة العمالية.

من المهم أيضاً ملاحظة أن العمال، الذين يكتسبون أجوراً دون سيطرة فعلية على عملية الإنتاج، يوظفون في القطاعين الرسمي وغير الرسمي، ويشكل الأخير خُمس الناتج المحلي الإجمالي الرسمي. وبحسب لمركز الإحصاء الإيراني عام 2017، كان 50 بالمئة من مجمل العمال 23،2 مليون شخص يعملون في قطاع الخدمات، في حين عمل 31،5 بالمئة في الصناعة، و18،7 في الزراعة. على الرغم من أن الغالبية يعملون في مؤسسات تشغل أقل من 10 عمال، إلا أن هناك تركيزاً لافتاً للعمال (30 إلى 40 بالمئة منهم) يعملون في المؤسسات التي يعمل فيها أكثر من 10 عمال.

النقابات “الصفراء”

بعد أن عبأوا العمال وفقراء المدن بأيديولوجيتهم الشعبوية، أدخل الإسلاميون خففت من أعباء الحرب الإيرانية-العراقية على الطبقات الدنيا، فقللت من التفاوت، وأنشأت منظمات وفرت تمثيلاً محدوداً للعمال. وقد عكس ذلك تأثير نوع محدد من الإسلام السياسي الذي دعم الجمهورية الإسلامية تحت زعامة الخميني في وقت تبنوا سياسات مناهضة للرأسمالية.

بعد الثورة الإيرانية، قمعت كل التنظيمات العمالية، ولكن الدولة سمحت بثلاثة أشكال من التنظيمات العمالية: المجالس العمالية الإسلامية، والجمعيات العمالية الإسلامية، والجمعيات المهنية. السماح للممثلين عن الإدارة في المجالس الإسلامية. والانضمام إلى هذه المنظمات الذي كان مشروطا بالولاء إلى مبادئ ولاية الفقيه حدّ فعلياً من استقلاليتها.

على الرغم من محدوديتها، خلقت هذه المنظمات مساحة للعمال للتعبير عن مطالبهم وتنظيم الاحتجاجات. فتزايد عدد هذه التنظيمات من حوالي 2000 عام 1990 إلى أكثر من 5000 عام 2010، وبلغ عددها عام 2018 10 آلاف منظمة (Khosravi et al., 2008: 72). وهذا يعكس الضغوط التي شكلها هؤلاء العمال بشكل مستمر على المسؤولين من خلال الأشكال المتعددة للاحتجاج، مجبريهم على توسيع مساحة المشاركة السياسية. هذه الدينامية هي أكثر مرئية في تحركات منظمة بيت العمال، التي لديها عدة فروع مناطقية تضم المنظمات العمالية المذكورة أعلاه من عدة أماكن عمل، بغض النظر عن القطاع الاقتصادي. منظمة بيت العمال قريبة من الإصلاحيين وبعض التيارات المعتدلة من الاستابلشمنت السياسي، على الرغم من أن العلاقات كانت تحت الضغط بسبب التوجهات النيوليبرالية لهذه التيارات.

خلال الجزء الثاني من الـ 1990ات، ازداد ميل منظمة بيت العمال لتنظيم الاحتجاجات والعرائض في وقت مباشرة سياسات اللبرلة في عهد الرئيس أكبر هاشمي رفسنجاني (1989-1997)، مزعزعاً ب£لك العقد الاجتماعي الشعبوي، وخشيت الطبقة الحاكمة من الاحتجاجات العمالية المستقلة وانتفاضات فقراء المدن عامي 1991-1992 وعام 1995 التي كادت أن تفلت من تحت السيطرة. احتجاجات عمال قطاع النفط كانت شديدة الأهمية في هذا الإطار. في شهر آب/أغسطس عام 1996، نظم المئات من العمال في مصفاة طهران مظاهرة أمام مقر بيت العمال، حيث طالبوا وزير النفط بتطبيق عقد العمل الجماعي ومنحهم السلفات، فأشعل ذلك موجة من الإضرابات والتظاهرات لعمال المصافي خلال الأشهر اللاحقة. طالبوا بظروف معيشة وأجور أفضل والحق بتأسيس منظمات عمالية مستقلة. وكان عمال القطاع النفطي مضوا قدماً في تأسيس منظمتهم المستقلة من خلال انتخاب الممثلين عنهم في شباط/فبراير عام 1997. لكن، تدخلت الحكومة ومنعت اجتماعا لهم في طهران وأعلنت أن منظمات العمال في القطاع النفطي غير شرعية. احتجاجات العمال قمعت، ولكنها ساعدت على إثارة النقاشات حول ضرورة التنظيمات العمالية المستقلة ضمن المناضلين العماليين.

كانت الاحتجاجات العمالية خلال الـ1990ات جزءا من دينامية اجتماعية أوسع حين بدأ الطلاب والنساء والمثقفون بالمطالبة بالحقوق الاجتماعية والسياسة وتحدي البنى التسلطية للجمهورية الإسلامية. كان صعود التيار الإصلاحي حول خاتمي، الذي فاز فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية عام 1997، كان رداً على هذه الضغوط من الأسفل. ووفقاً لإحدى الدراسات، صوّت العمال الذين يعملون في المؤسسات التي تضم أكثر من 5 عمال بأعداد كبيرة لصالح خاتمي، في محاولة لاستغلال الفرصة السياسية وبهدف إضعاف البنى الاستبدادية للأمة (Khosravi 2001: 6).

المنظمات العمالية المستقلة

في العام الذي تلا انتخاب خاتمي، وثّق المناضلون العماليون حوالي 90 احتجاجاً في المصانع الكبيرة، من بينها الإضرابات في مصنع أصفهان للصلب، ومصنع بهشار للنسيج، ومصنع همدان لصناعة الزجاج، وفي صناعة النفط في عبادان وجاشساران (Moghissi and Rahnema 2004: 289). أجبر بيت العمال على التحرك، التي حُذرت من أن “المجالس الإسلامية عملت لصالح الثورة والقائد وحمت المصانع من أي ضرر. اليوم إذا لم تستجب لمهامها المتغيرة، فسوف تضعف الحاجة إليها بين العمال وهذا أمر يسعى إليه أعداء النظام في رأينا” (Mahmoodi 2001: 17). كما نظمت أربعة احتجاجات حاشدة واحتجاجاً للعاطلين عن العمل والشباب بين كانون الأول/ديسبمر 1999 ونيسان/أبريل 2000. في مواجهة العمال الذين يحتفلون بيوم العمال العالمي بشكل مستقل، قرر بيت العمال تنظيم احتفالاته الخاصة.

رغم ذلك، أدى استمرار سياسة التحرير الاقتصادي في عهد خاتمي إلى تزايد استياء العمال. عام 2003، على سبيل المثال، استثنت الحكومة المؤسسات التي تشغل أكثر من 10 عمال من قانون العمل، كما حدّت من الحماية القانونية للعمال.

خلال ولايته الثانية (حزيران/يونيو 2001-آب/أغسطس 2005) تزايدت الاحتجاجات العمالية بشكل واضح. بين آذار/مارس 2001 و2002 وُثِّق 319 احتجاج عمالي. وحصل تطور مهم في تلك السنة مع انضمام المعلمين وموظفي القطاع الصحي إلى النضالات العمالية. وقد حصلت إضرابات مهمة شارك فيها ثلث المعلمين في بداية العام 2004 بدأها عضو منشق من المجلس الإسلامي، وكذلك في مصنع النحاس في خاتون آباد عام 2004، وفي إيران خودرو، أكبر مصنع للسيارات في الشرق الأوسط عامي 2005-2006، فضلاً عن مظاهرات العمال بمناسبة يومهم العالمي، كل ذلك دفع بالحركة العمالية إلى الواجهة الوطنية. ونتج عن التزايد النسبي في النضالية العمالية (260 إضراباً في تشرين الثاني/نوفمبر- كانون الأول/ديسمبر 2005)، وخيبة الأمل من خاتمي إضافة إلى الانفتاح السياسي النسبي إلى تأسيس العمال لنقابات وشبكات مستقلة.

عام 2004، أسس 17 ألف سائق نقابة عمال شركة باصات طهران وضواحيها. ومنذ تأسيسها، استمرت هذه النقابة بتنظيم الجمعيات العمالية لأعضائها، والمظاهرات، والإضرابات. كما أصبحت في الوقت عينه هدفاً دائماً لقمع الدولة وترهيبها، بسبب تمثيلها الرمزي للحركة العمالية المستقلة. أما عمال مصنع قصب السكر، هفت تايبه، فكانوا المجموعة العمالية الثانية التي أسست نقابة مستقلة عام 2008.

كما نظم العمال نشاطات غير رسمية مثل تسلق الجبال لتجنب المراقبة، وفي بعض الأماكن انتشرت اللجان العمالية بشكل سري. وتزايد عدد النشرات العمالية الجديدة التي تتحدث بلغة مناهضة للرأسمالية من بينها العامل التقدمي، وفكر العامل، وألغوا الأجور، والشورى، إلى جانب العديد من المدونات الإلكترونية التي تركز على الظروف الهشة لعلاقات العمل. كما أسست الشبكات العمالية تنسيقية وطنية كذلك، على الرغم من أنها ما زالت ضعيفة، ومشتتة بفعل تعدد المراجع الأيديولوجية، وتعرضها للقمع المستمر. أسست النقابة المستقلة لعمال إيران يوم عيد العمال عام 1997 ولاحقاً تغير اسمها ليصبح تجمع العمال المستقلين في إيران، الذي يصدر البيانات بشكل أساسي حول النضالات كما ينشر مجلة اسمها المنظمة. كما هناك العديد من المنظمات (وشبه)السرية من بينها: تنسيقية متابعة تأسيس المنظمات العمالية الحرة، واللجنة التنسيقية من أجل تأسيس المنظمات العمالية، والمنظمة العمالية للثقافة والدعم، واتحاد التنسيقيات العمالية، وتعاونية مجالس المنظمات والمناضلين العماليين.

الاحتجاجات الراديكالية والانتفاضات

استمرت النضالية العمالية بالتنامي خلال عهد الرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد (2005-2013) وعهد المعتدل حسن روحاني (2013-2021). وبحسب أحد التقارير، سُجل 505 إضراباً عمالياً بين آذار/مارس 2010 وآذار/مارس 2011: 137 مظاهرة أمام مقر الحكومة؛ 150 اعتصام، وقطع للطرقات، وتجمع؛ 148 إضراب؛ و70 احتجاج من أنواع مختلفة (Javaheri-Langeroodi et al., 2012). أغلب هذه التحركات كانت بسبب الأجور المتأخرة أو المنخفضة، والخصخصة، وعقود العمل المؤقتة، والظروف الاقتصادية بسبب الفساد والإدارة السيئة، والإصلاحات النيوليبرالية والعقوبات الكارثية المفروضة من الولايات المتحدة. كما وثق تقرير آخر حوالي 100 احتجاج عمالي عام 2012، التي تزايد عددها إلى أكثر من 400 عام 2015 (Harris and Kalb 2018).

في وقت كانت تلك الاحتجاجات منظمة مباشرة أو حول أماكن عمل معينة، إلا أن موجة احتجاجات في الشوارع قد عمت 100 مدينة في كانون الأول/ديسمبر 2018 وكانون الثاني/يناير 2019، مستهدفة بشكل خاص الفساد والتضخم والسلطات. الظاهرة نفسها برزت في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، عندما أدى رفع أسعار الوقود إلى خروج مظاهرات جماعية، وقطع للطرقات ولاشتباكات مع رجال الشرطة الذين قتلوا مئات من المتظاهرين. نظم العمال تلك المظاهرات إلى جانب القطاع غير الرسمي والشباب العاطل عن العمل. افتقدوا إلى بنى تنظيمية، ولكن تعددت مطالبهم من اقتصادية وصولا إلى معارضة الاستبداد (Aghamir/Jafari 2019).

كما ذكرت سابقا، هذه الاحتجاجات الراديكالية شكلت نقلة من الطبقة الوسطى إلى الطبقة العاملة التي واجهت البنى الاستبدادية في إيران، مسببة القلق لهم. في الوقت عينه، استمرت أعداد لافتة من العمال بالتنظم الجماعي، وبعضهم رفع مطالب متقدمة وراديكالية مثل وضع المصانع المخصخصة تحت الرقابة العمالية. ومنذ خصخصة مصنع قصب السكر هفت تابيه عام 2016، نظم عماله احتجاجات متواصلة، حيث دعوا إلى تشكيل لجنة عمالية بهدف السيطرة على إدارة المصنع. وفي وقت انتقدوا فيه السلطات، ورفضوا الهجوم الأميركي على إيران، ودانوا المحاولات اليمينية للسطو على النضالات العمالية. تعكس هذه الراديكالية الجديدة تنامي الغضب ضد النيوليبرالية من ضمن قطاعات واسعة من الطبقة العملة في إيران وغيرها، كما أظهرت لافتة طلابية في كانون الأول/ديسمبر 2019 في طهران دعماً للمظاهرات المنتشرة في البلاد: “إيران، فرنسا، لبنان، التشيلي. نفس النضال! تسقط النيوليبرالية”.

على الرغم من الاحتمالات التي تجسدها هذه المظاهرات الراديكالية في أن تتمكن الحركة العمالية من دمقرطة أماكن العمل والنظام السياسي، يجب ذلك ألا يشتتنا من الضعف الحقيقي التي تعاني منه الحركة العمالية في إيران، والتي ما زالت شديدة التشرذم والمحدودية وتفتقر إلى روابط متينة مع الحركات الاجتماعية الأخرى. وفي وقت لا تريد الطبقة البرجوازية المحافظة تحدي السياسات الاستبدادية، ما زالت الطبقة العاملة تفتقد إلى الأدوات التنظيمية لفعل ذلك. على الرغم من ذلك، تظهر موجة الاحتجاجات الأخيرة، إمكانية أن تتمكن على تحطيم الحلقة المفرغة في المستقبل.


المراجع:

Aghamir, Shahram/Jafari, Peyman (2019): The November Protests in Iran: An Interview with Historian Peyman Jafari. In: Statushour Audio Magazine. http://www.statushour.com/en/Interview/2450 (21 October 2020).

Bayat, Assef (1986): Workers and Revolution in Iran: A Third World Experience of Workers Control. London.

Harris, Kevan (2013): The Rise of the Subcontractor State: Politics of Pseudo-Privatization in the Islamic Republic of Iran. In: International Journal of Middle East Studies, 45(1), 45-70.

Harris, Kevan/Kalb, Zep (2018): How Years of Increasing Labor Unrest Signaled Iran’s Latest Protest Wave. In: Washington Post, 19 January 2018.

Jafari, Peyman (2012): The Ambiguous Role of Entrepreneurs in Iran. In: Aarts, Paul/ Cavatorta, Francesco (eds.): Civil Society in Syria and Iran: Activism in Authoritarian Contexts, Boulder, Col., 93-118.

Jafari, Peyman (2020): “In the Name of the God of the Oppressed”: Factory Committees and the State in Iran, 1979–82. In: Brandon, Pepijn/Jafari, Peyman/Müller, Stefan (eds.): Worlds of Labour Turned Upside Down: Revolutions and Labour Relations in Global Historical Perspective. Leiden, 251-284.

Javaheri-Langeroodi, Amir/Rasti, Ahmad/Ra’isdana, Reza (2012): Moroor-e Amari Bar Etesabat va Eterazat-e Kargaran-e Iran Dar Sali ke Gozasht. http://www.rahekargar. net/interviews/2012-03-06_841_kargari.pdf (21 October 2020).

Khajehpour, Bijan (2000): Domestic Political Reforms and Private Sector Activity in Iran. In: Social Research, 67(2), 577-598.

Khosravi, Hassan (2001): Jame’eh shenasi-ye entekhabat-e Iran. In: Andishe Jame’e, 17/18, 5-7.

Khosravi, Hassan/Vafaee Yeganeh, Reza/Mir-Mohammadi, Mohammad (2008): Bar- resi-ye Naqsheh Tashakkol-ha-ye Kargari Dar Tahavolate Bazar-e Kar va Etesabat-e Kargari. Tehran.

Ladjevardi, Habid (1985): Labor -union-s and Autocracy in Iran. Albany.

Mahmoodi, Djalil (2001): Kargaran: Sange Zirin-e Asiyab. In: Andisheh-ye Jame’e, 16, 16-19.

Moghissi, Haideh/Rahnema, Saeed (2004): The Working Class and the Islamic State in Iran. In: Cronin, Stephanie (ed.): Reformers and Revolutionaries in Modern Iran: New Perspectives on the Iranian Left. London and New York, 280-301.

Morgana, Stella (2018): The Islamic Republican Party of Iran in the Factory: Control over Workers’ Discourse in Posters (1979–1987). In: Iran: Journal of the British Institute of Persian Studies, 56(2), 237-249.

Nabavi, Negin (ed.) (2012): Iran from Theocracy to the Green Movement. Basingstoke. Parsa, Misagh (1989): Social Origins of the Iranian Revolution. New Brunswick/London. Rivetti, Paola (2019): Political Participation in Iran from Khatami to the Green Movement. Basingstoke.

Tabibian, Mohammad (2020): Chegunegiyeh rabeteh-ye sarmayehdari va democracy.

Goftoguyeh Mahnameh ba Mohammad Tabatabaian. In: Mehrnameh, 51.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - -حكايات الحما- .. اتيكيت وقواعد التعامل بين الخصوصي


.. غزة اليوم(3-5-2024):عدنان البرش.. طبيب مستشفى الشفاء، في عدا




.. نقابة الصحفيين الفلسطينيين: 135 صحفيا وعاملا بمجال الإعلام ق


.. 10 طلاب بـ-ساينس بو- يضربون عن الطعام لـ 24 ساعة دعماً لغزة




.. إضراب طلاب في معهد العلوم السياسية في باريس عن الطعام بسبب إ