الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاشية المسلمين ! أم فاشية رأس المال الأمبريالي

كاظم محمد

2006 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


وصف الرئيس الأمريكي جورج بوش المسلمين بأنهم ينتمون الى عقيدةٍ استبدادية ، وقال عن اولئك الذين يشنون عمليات أرهابية بأنهم " فاشيست " . ولئن كانت الهجمات التي تطول المدنيين لخدمة اغراض سياسية ، هي اعمال تستحق الادانة والتنديد ، فأن الجرائم التي ترتكبها الولايات المتحدة واسرائيل ضد المدنيين لخدمة اغراض سياسية ، هي بدورها ارهاب ليس اقل بشاعة ، وهي بنفس الوقت تعبر عن نزعة فاشية ، اصبحت سمةً مميزة لمجمل السياسة الامريكية واسرائيل ضد المسلمين ، الذين صار ينظر اليهم بصفة جماعية على انهم ارهابيون ، وان ابادتهم هي عمل من اعمال "الخير ضد الشر ".
في الواقع ان فاشية سياسات الطغمة الامريكية الحاكمة ، لاتستمد عنفها من ايديولوجية توراتية متطرفة فحسب ، بل من طبيعة مصالح طغمة رأس المال واهدافها وطموحها العولمي .

من المعروف أن الرأسمالية كمرحلة متقدمة من مراحل التطور الأقتصادي للبشرية قد حققت سبقآ وتقدمآ في عدد من المجتمعات الأوربية خلال القرنيين الماضيين ، وبسبب من طبيعة الرأسمالية وقوانينهاالأقتصادية وتفاعلاتها، دخلت في أزمات أقتصادية عميقة وعنيفة، لم تجد مخرجآ لها إلا بتصديرها خارج حدودها الجغرافية وبأشكال مختلفة ، كانت أبرزها وأشدها عنفآ هي الحربين العالميتين الأولى والثانية .

لقد أندلعت هذه الحروب تحت عناوين وشعارات وإدعاءات في حقيقتها بعيدة كل البعد عن الأسباب الحقيقية لأندلاعها ، ومن خلال أرتباط هذه الأسباب بالأزمة البنيوية للرأسمالية وطبيعة علاقات الأنتاج السائدة في مسيرتها التاريخية ، والتي تشير الى مرحلة جديدة من مراحل الأرتقاء البنيوي ، ليس في هيكلية محددة وأنما في جوهر العلاقة الأستغلالية التي تحكم هذه الأزمة البنيوية ، ومع ترافق ذلك في أنقسامات عميقة في المجتمع الدولي كنتيجة طبيعية لصراع طويل بين من يستغل ومن يُستغل ، وبرزت على خارطة الحياة السياسية دول وشعوب تنتهج نهجآ مستقلآ وجديدآ ، عبر محاولاتها بناء نمط أقتصادي سمي بالنمط الأشتراكي ، لم تكن ملامحهُ وتطبيقاته معروفة سوى بجانبها النظري، وبرزت كذلك شعوب أصبحت تناضل وتصارع من أجل التخلص من الهيمنة الأستعمارية المباشرة والهيمنة الأقتصادية .
وارتباطآ بطبيعة هذه الأزمة البنيوية للرأسمالية ، فأن قدرة الرأسمالية كنظام أقتصادي مع مناورة قمة هرمه السياسي بتجاوز بعض الهوامش في هذه الأزمة أو القفز عليها او تدويرها ، وارد في ظروف ومناخات دولية معينة والتي لاتلغي جوهر هذه الأزمة ولا طبيعة الصراع بين التوجه الأستغلالي للرأسمالية وتوجه الشعوب نحو التحرر الأقتصادي والتخلص من الأستعمار المباشر والغير مباشر والهيمنة السياسية وسعيها لبناء أنظمتها ذات التوجه المستقل .

أتخذ ويتخذ الصراع بين الدول الرأسمالية وكارتلاتها الكبرى من جهة وبين شعوب البلدان المكافحة من أجل التحرر والبناء والديمقراطية من جهة أخرى ، أشكالآ وانماطآ مختلفة ، مرتبطآ بطبيعة المرحلة السياسية وتوازن القوى وجغرافية المناطق العالمية والموارد الطبيعية ، وهذا ما يحدثنا عنه التاريخ القريب لبلدان وشعوب كرتنا الأرضية .
فبعد الحرب العالمية الثانية دخلت الأمبريالية الأمريكية بقوة إلى الساحة الدولية ، بعد أن أُزيحت بريطانيا التي كانت لها اليد الطولى في هذا النظام العالمي ، وخاصة بعد أن خرجت منهكة من الحرب ، ليسود استخدام النفط بدلآعن الفحم ولتحل الأسلحة الفتاكة محل المدفع والبارجة ، واخذت القواعد الأمريكية تنتشر لتحل محل المستعمرات البريطانية وبنفس الوقت صعد نجم الدولار ليحل محل الجنيه وليصبح رمزآ لقوة جديدة عسكريآ واقتصاديآ .

لقد أفرزت الحرب نتائجها بأصطفافاتها المعروفة وتفصيل سياساتها الدولية والعسكرية في ظل نفس النظام الرأسمالي لكن بترتيب عالمي جديد أزاح مؤقتآ الهيمنة الأمبريالية وخلق قطبآ منافسآ ومتحديآ ، صدّ وحدّ من المارد الأمبريالي وشهيته في السيطرة والأستغلال .
لقد ولدت الأمبريالية من رحم الرأسمالية وقوانينها الطبيعية ، لتحد من المنافسة الحرة كقانون أقتصادي رأسمالي ، بدأ يتلاشى ، ولتدخل الرأسمالية مرحلة جديدة هي الأحتكار والتكتل وخلق الكارتلات التي تتحكم في السوق وعلى نطاق واسع ولتخلق وتولد بنفس الوقت قيمها الأجتماعية الجديدة وقوانينها الوضعية الحديثة ولتؤسس لسياسات دولية تعكس شراهة وشهية رأس المال للربح والسيطرة .
وخلال هذه المرحلة التي لازلنا نشهدها تداخلت وتشابكت الدولة كمؤسسة مع الكارتلات الكبرى وأصبح أصحاب المصالح هم المسيرين لشؤون وسياسة الدولة الأمبريالية ، وبذلك أصبحت الدولة تمثل وتعكس المصالح الحيوية لهذه الطغمة الأحتكارية وأداتها وعصاها الغليضة في تأديب ( الدول المارقة ) لوضعها على ( سكة الديمقراطية ) ، وتماشيآ مع هذا النهج الأمبريالي ، صاغت مؤسساته الأقتصادية والثقافية والفكرية والأعلامية الهائلة المسوغات الأيديولوجية والقيم الأجتماعية ومفاهيمها لتضخها في الخطوط العامة والجزئية لسياسة الدولة الأمبريالية المعبرة عن مصالح طغمة رأس المال والتي أرتضت مجبرة بما أفرزته نتائج نضال شعوب الكثير من البلدان في الأستقلال ونهج طريقها الخاص بعيدآ عن الهيمنة والتسلط ، ومترافقآ مع التوازنات الدولية الجديدة أثر الحرب العالمية الثانية وبروز القطب العالمي الجديد .

فرضت سياسة تعدد الأقطاب وضعآ دوليآ جديدآ وسياسةً دولية مختلفة مهدت الطريق لتفاهمات بين الأقطاب ضمن أطار الصراع المستمر ، وقد برزت هذه التفاهمات والترتيبات بأقامة منظمات الشرعية الدولية ، وُأقرت القوانين الدولية والأنسانية لتعبر عن عصر التعددية الدولية في ظل صراع طبيعي بتضارب المصالح الحيوية ، فوجهت الضربات لحركات التحرر وعزلت الصين عن الأتحاد السوفيتي وأنهارت قلعة (الأشتراكية) لتبدأ ملامح عصر جديد لهذا النظام العالمي ، الهيمنة فيه لدولة الأمبريالية الأمريكية ، وبذلك برزت المحاولات لترسيخ خصائص هذا العصر الأمريكي في مجال السياسة الدولية بأسر وأستيعاب منظمات الشرعية الدولية وأستغلالها لأضفاء الشرعية المطلوبة بحدودها الدنيا لعبث وسيطرة وأستغلال الشركات الكبرى عبر دولتها الأمريكية وأدارتها الممثلة لها .
وحتى تنجز هذه الأمبريالية وأدارتها السياسية مهمتها في السيطرة وأستغلال موارد وثروات البلدان الأخرى ، وتحقق أهدافها السياسية ، لابد من شرعنة أخلاقية وسياسية وفكرية وحضارية وبيافطات عريضة لعناوين ( حقوق الأنسان ، الديمقراطية، محاربة الأرهاب ، القضاء على أسلحة الدمار الشامل ) ، حيث سخرت لها ماكنتها الأعلامية الهائلة والأموال الطائلة والأمكانيات التقنية والبشرية الكبيرة ، لتهيئ العقول وتخلق الرأي العام المتقبل للتحرك القادم لجيوشها وعسكرها ، أن الأمبريالية في مسعاها الدولي والمحلي هذا ، أستخدمت وتستخدم التزييف والخداع والكذب وفبركة المعلومات والأحداث ، وبنفس الوقت لم تتورع أبدآ في الأستخدام الوحشي لأسلحتها المتطورة وممارسة أساليب فاشية في التنكيل والقتل والتعذيب .
لقد كان للأرتزاق وخلق جيوش من المرتزقة المنظمة والمدربة للقتل والتنكيل والقيام بالمهمات القذرة صفة لازمت ولحد الان الأدرات العسكرية لوزارت الحرب الأمريكية ، لما لها من أهمية خاصة في العمليات العسكرية والأمنية لجيش الأمبريالية في تحقيق أهدافها السياسية والأقتصادية التكتيكية والأستراتيجية ، وهذا ما برز في حروب الأمبريالية الأمريكية في فيتنام وبعض دول امريكا الاتينية كالهندوراس وبنما وكوبا ونيكاراغوا وغيرها حيث مارست قطعان المرتزقة عمليلت أبادة وقتل وفاقت في ممارساتها الفاشية كل ممارسات النازية الألمانية ، وضربت عرض الحائط كل القوانين الأنسانية والتشريعات الدولية فيما يخص حالة الحرب .
أن سعي الأمبريالية الأمريكية بأنشاء جيوش المرتزقة العسكرية ترافق مع ايجاد الأصوات السياسية والأعلامية من ابناء هذا الهدف الجغرافي أو ذاك ليكونوا ( المُمهد الوطني ) لما هو قادم ، أنهم الطوابير الخامسة السياسية والفكرية والأعلامية، التي رباها وسمنها وثقفها هذا الوحش الأمبريالي لتكون ( أداته الوطنية ) في تنفيذ سياسته وخدمة مصالحه ، وهذا ما نراه ونشهده في افغانستان والعراق .

أن الفاشية هي بحد ذاتها ممارسةً ينميها ويدعمها مسلك ونهج فكري يستند على المصالح الطبقية والأجتماعية للقائمين عليها ، ويشهد تأريخنا القريب بأن الأمبريالية وأداراتها السياسية لم تتورع ولن تتورع اليوم بأرتكاب الجرائم الكبرى لؤد ضدها الطبقي والسياسي لو وقف في طريق جشعها الرأسمالي ، وعليه فأن الأمبريالية مستعدة لسحق القيم والمبادئ الأنسانية وممارسة الدجل السياسي وخلق الأوهام وأستخدام أقرف وأحط الوسائل القذرة والكذب على شعوبها وشعوب العالم مستخدمةً أمكانياتها الهائلة ومستفيدةً من كونها القطب الأقوى بعصاه الغليظة ومستعدةً لتدك بأسلحتها المتطورة ، المدن وتقتل الألاف وتغزوا البلدان ولتمارس هناك أبشع الممارسات الفاشية بعزل السكان ومحاصرة المدن وأمتهان كرامة الأنسان وحريته ، عبر زج الألاف وراء الأسلاك الشائكة وأستخدام أقذر وسائل التعذيب النفسي والجسدي وهذا ما شهده ويشهده العالم في العراق والشواهد والأدلة تحتفظ بها مدن وشوارع العراق وسجونه القديمة والجديدة ومقابره التي توسعت بمئات الألوف من أجساد العراقيين .


لقد أرتكبت أدارة بوش وتابعه بلير جرائم حرب كبرى جسدت فاشية الأدارات السياسية للأمبريالية ، وهي جرائم أقترفتها هذه الأمبريالية في اليابان وفيتنام وأفغانستان وفلسطين ،
لقد كان لبنان وما يزال احدى العقبات الكبرى بوجه التوسع الاسرائيلي وتمرير مشاريعه الصهيونية السياسية والامنية ، واصبح فيما بعد المانع الجغرافي والسياسي لأمتداد المشروع الصهيوامريكي للشرق الاوسط الكبير ، الذي تصورت طغمة الحرب الامريكية ، انه باحتلالها للعراق قد ثبتت احد مفاصله الاساسية .
ان تعثر هذا المشروع بفعل المقاومة العراقية الباسلة وغوص الاحتلال الامريكي في الوحل العراقي ، اجبر ادارة الحرب الامريكية على الاسراع في انهاء الموانع والعوائق الاقليمية الاخرى في فلسطين ولبنان وتكليف حليفتها اسرائيل بالمهمة المطلوبة وبغطاء سياسي كامل ودعم مادي ومعنوي متميز ووقح وتحت شعار جديد قديم بان ما يجري هو حرب وصراع بين الحرية والارهاب ، وبذلك نعيش هذه الايام حرب تدميرٍ وقتل متعمد وانتهاك لابسط قواعد الحروب ، ان حروب التدمير الشامل التي شنتها وتشنها الادارة الامريكية وحليفتها اسرائيل ضد الشعب اللبناني ولكسر ارادة مقاومته واجبار لبنان على الخنوع والقبول بشروط رايس لوقف اطلاق النار، هي نفس الحروب التي شنت وتشن على الشعب الفلسطيني والعراقي ، وتحت جوهرنفس هذه الشروط يريدون ايقافها لتمرير مشروعهم الامبريالي الصهيوني .
اصبحت فاشية راس المال المالي ودوائره السياسية وربيبتها الصهيونية العنصرية تشكل خطرا عالميآ بسلوكها ونهجها ، واصبحت ومنذ زمن نازية النزعة ، تدوس بالاقدام وتسحق كل القوانين البشرية ، ان جرائم العصر الامبريالي الفاشي في هيروشيما وفلسطين وفيتنام والعراق ولبنان ، تؤكد ان لاسبيل امام شعوب العالم الا بايقاف هذا الوحش النازي ومحاصرته وفضحه اعلاميا وسياسيا ، وتفنيد نفاقه ووقاحته ودجله السياسي ، ولا خيار امام الشعوب المغلوبة إلا المقاومة والكفاح الوطني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا