الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد التفارق بين المثقف والكاتب

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 9 / 24
مقابلات و حوارات


بصدد التفارق بين المثقف والكاتب

حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: ما هو رأيك بنماذج المثقفين والكُتَّاب الذين يعملون لصالح تبييض صورة المستبدين وتبرير طغيانهم؟

مصعب قاسم عزاوي: من الناحية المنهجية يجب التفريق بين مصطلحي المثقف والكاتب، فالأول يقتضي من الناحية التكوينية أن يكون مخلصاً وملتزماً بالحقيقة ومدافعاً عنها وإلا سقط في حيز الدُّعاة والمرتزقة وما كان على شاكلتهم. أما الكاتب فهو ممتهن حرفي لصنعة الكتابة، والتي قد لا يكون ناتجها ذا قيمة معرفية مفيدة، وكثير من الكتاب متقن لحرفته إلى درجة المهارة الفذة جاعلاً منها مصدر رزقه كما كان الحال في سيرة الكثير من شعراء العرب ماضياً وحاضراً في مديحهم المأجور لمن يدفع لهم لقاء ذلك؛ ولذلك لا بد من النظر إلى نتاجهم على أنه صنعة حرفية فنية خالية من الهدف المعرفي أو الأخلاقي، وأنها مصدر رزق لا يعرف منتجه غيره، ولا يجب تحميلها أكثر من ذلك بشكل قد يفضي إلى أحكام قيمية جائرة بحق الكثيرين ممن لم يعرفوا صنعة غير الكتابة والاسترزاق منها. وأضرب في هذا السياق مثلاً عملاقاً يتعلق بشخص المتنبي الذي قد يكون أكثر الشعراء تأثيراً في مسيرة الشعر العربي من بعده، وإلى درجة كبيرة في جل مسارب النهج التعبيري باللغة العربية شعراً ونثراً، على الرغم من أنه في الواقع لم يكن مدافعاً عن أي مبدأ أخلاقي معرفي بَيِّنٍ بالشكل الذي سرى به الحلاج تلميحاً و تصريحاً في كل منعطفات سيرورته الموؤودة، وهو الذي كان جل نتاجه الاجتهادي شعراً أيضاً؛ ولذلك لا يجب تحميل أو محاكمة المتنبي أخلاقياً، فهو كان حرفياً متقناً لصنعة نظم القوافي والكتابة ولا يستوي تقييمه سوى من الناحية الجمالية الإبداعية.

وبغض النظر عن أي تفارق منهجي بين المثقف والكاتب لا بد أن يَمَّحِي عند اقتراب أي منهما من حيز الانخراط في آلة الاستبداد والطغيان سواء لتبييض صورة الطغاة والمستبدين، أو لشرعنة ممارستهم، أو التنظير والإفتاء بترهات وجوب الصبر على «الخطر الأصغر لدرء الخطر الأكبر» وما كان على شاكلة ذلك من تفتقات لوعاظ السلاطين، فحينئذ لا يمكن النظر إلى أي منهما سوى بكونه جزءاً عضوياً من آلة الهيمنة والاستبداد، لا يختلف في دوره الوظيفي عن دور الجلادين المكلفين بهصر الأجساد الذاوية للمعتقلين المظلومين في أقبية وسراديب أنظمة الطغاة والدول الأمنية الفاشية، بغض النظر عن حقيقة عدم اقترابهم العياني المشخص من دماء أولئك المعذبين، بينما هم في الواقع غارقون كليانياً في إثم سفحها بغير وجه حق، وهو ذنب متأصل لا يغفره أي تطهر والتحاق بركب الثورة والثائرين حينما ترجح كفتها التاريخية، وتصبح في موقع القوة القادر على تهشيم القبضة الحديدية للنظم الأمنية، فشخصية الإنسان كل لا يتجزأ، ومن ينزلق إلى الحضيض الأخلاقي سواء كان مثقفاً، أو كاتباً، أو أكاديمياً، أو واعظاً بانخراطه الفاعل كبرغي عضوي في جسد آلة الهيمنة والاستبداد والطغيان لا بد من عدم إفساح فرصة التحول والتطفر الانتهازي له للتحول إلى «كائن ثوري تلفيقي» بين عشية وضحاها، كما كان حال الكثير من الكتاب المرتزقة الوصوليين إبان عنفوان الربيع العربي، وهو ما قد يكون درساً واجب الاستبطان عندما يحين أوان استنهاض الربيع العربي من غفوته التكيفية الراهنة في قابل الأيام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في