الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نعارض مشروع حكم قيس سعيد الفردي مشروع الدائرة البرجوازية المغلقة؟

بشير الحامدي

2021 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


مشروع قيس سعيد للحكم صار واضحا بعد 25 جويلية وبعد 22 سبتمبر: مشروعا للحكم الفردي مموها بدستور وغرفة تشريعية ستوضع على مقاسه ويقدّم للأغلبية على أنه مشروع التأسيس الجديد.
قيس سعيد لن يشرّك معه أحدا ممن ينسبون أنفسهم "للشعب" سيقتصر عمله على توحيد الموقف داخل الدائرة السياسية المغلقة التي يتحرك بها الآن وسيواصل التحرك بها غدا: دائرة مغلقة ولكننا نعرف أطرافها: بيروقراطية الجيش وبيروقراطية البوليس وأصحاب النفوذ المالي الذين لن تهدد سياسته مصالحهم ونفوذهم وهم خليط من برجوازية الأعمال والخدمات التي تكونت في الستين سنة الأخيرة من حكم الديكتاتوريين بورقيبة وبن علي وعائلات النفوذ المالي والاقتصادي التقليدية المتمركزون في البنوك وأصحاب المشاريع الكبرى والمتوسطة في اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية إضافة إلى مسؤولين إداريين كبار ممن اشتغلوا مع بن علي تحديدا وهم مستعدون للعمل تحت التوجيهات حتى وإن كانت من الشيطان ولا يهمهم من الأمر سوى البقاء في مراكزهم وتنفيذ السياسات التي يتدبرها من يحكم.
المجموعات الشبابية التي تكونت هنا وهناك قبل وبعد 25 جويلية وبعض مجموعات اليسار التي أعلنت دعمها لمشروع قيس سعيد أو التي ترى انها الأب الشرعي لمشروعه وبقية مناصريه من المتسلقين أومن المستقلين أو من غير المنظمين سيقتصر دورهم في هذه المرحلة وحتى فيما بعد على أن يكونوا كتلة ضغط جماهيرية لتثبيت حكمه وتمرير سياسات الحلقة المغلقة التي ستتولى كل الأمور.
سوف لن يختلف لا الحاكم ولا المناصرون عما جرت به العادة دائما في الأنظمة الديكتاتورية وفي الأنظمة التي يعتليها فرد يضع بين يديه كل السلطات باسم "الشعب".
قد يتوهم كثيرون أن المطلوب هو فقط إسقاط حركة النهضة وإبعادها عن الحكم وقد يجادلك البعض أن قيس سعيد يطبق خطة تدريجية في التغيير وأن مسائل التغيير تتطلب التقدم خطوة خطوة... نعم إن إسقاط حكم النهضة أمر إيجابي ولكن الأغلبية مطالبها أكبر من مجرد إبعاد النهضة عن الحكم. إن مطالبها تستهدف المنظومة كلها بما فيها الدائرة المغلقة التي أحاطها قيس سعيد به وسيحكم باسمها.
إن الأغلبية وخصوصا في السنتين الأخيرتين بدأت تتقدم نحو الاستقلال عن كامل منظومة الانتقال الديمقراطي وترفع شعارات اسقاط الانتقال الديمقراطي وشعار حل البرلمان و إسقاط دستور الانقلاب على 17 ديسمبر لم يكن يعني بالنسبة لها وضع كل السلطات بيد قيس سعيد وتفويضه لتدبير كل شؤونها بمعزل عنها وفي غياب انتظاماتها هي المستقلة وتنفيذ مطالبها هي التي لا تتوقف عند مجرد تغيير النظام السياسي وقوانين الاقتراع بل تتعداهما إلى حل المسألة الاجتماعية الاقتصادية عبر القطع مع المديونية واسترجاع السيادة على الثروات وحل مسألة تشغيل مليون معطل ومحاسبة الفاسدين في العهود الديكتاتورية الثلاثة.
إنه من هذا المنطلق نعارض قيس سعيد ونعارض انفراده بالحكم ونعارض دستوره الصغير الذي به ألغى كل إمكانية للأغلبية في تدبير شؤونها بنفسها.
إننا لا نعارضه للإبقاء على دستور الانقلاب ولا للإبقاء على ديمقراطية الانقلاب التي مكنت النهضة من النفوذ.
إننا نعارضه لأننا نؤمن بأن الحكم يجب أن يكون للأغلبية عبر تنظيماتها المستقلة.
إننا نعارضه لأننا نؤمن بأن حكم الأغلبية يجب أن يكون تشاركيا ديمقراطيا فيما بين فئاتها الطبقية: الخدامة المعطلين الشباب في المعاهد والكليات ربات البيوت في الأحياء وفي القرى في المدن الكبرى وفي مدن الجهات العمال الفلاحين والفلاحين الفقراء في كل جهات البلاد.
إننا نعارضه لأننا لا نرى تغييرا حقيقيا دون مباشرة كل هؤلاء لسيادتهم على قرارهم ولسيادتهم على ثروات البلاد ولمحاسبتهم للمجرمين والفاسدين في العهود الديكتاتورية الثلاثة.
إننا نعارضه لأننا نؤمن بأن التغيير يجب أن يكون جذريا وبسياسات راديكالية ولا أخال أن وضع السلطات بيد قيس سعيد أو بصريح العبارة وضعها بين يدي الدائرة المغلقة التي يستند إليها وسيحكم باسمها يمكن أن يصنع هذا التغيير المنشود والذي سيبقى مطروحا لأننا واعون تماما بأن مشروع قيس سعيد الديكتاتوري الفردي في الحكم لن يغير من طبيعة الحكم ولا من طبيعة أوضاع الناس فالحلقة المغلقة التي أحاطها بنفسه والتي لا تختلف عن مجموعات النفوذ التي ربتها النهضة طيلة العشر سنوات الأخيرة غايتها أن تفرض سياساتها وتحكم بدون النهضة ولكن لصالحها هي وليس لصالح جماهير الأغلبية وليكن على راس نظامها حتى الشيطان ذاته فالمهم أن يستمر نظامهم ويستمر نفوذهم وتستمر مصالحهم وارتباطاتهم باسم 17 ديسمبر أو باسم 25 جويلية بدستور يضعه سعيد أو حتى بدونه بنظام انتخابي على القائمات أو على الأفراد بنظام يقر بدور الأحزاب أو لا يرى لها ضرورة.
26 جويلية 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة