الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر اللَّوْز 5

علي دريوسي

2021 / 9 / 28
الادب والفن


سلام عليك يا أحمد،
أنت تكتب بشكل جميل، أحسدك، وأقولها للمرة الثانية.
ألا توافقني الرأي أنّه غالباً من الصعب على من لا يجيد التعامل مع قواعد الرياضيات الخفيفة أن يتعلم لغة أجنبية ويتقن استخدام قواعدها؟
دعنا نبدأ:
قرأت البارحة قصة قصيرة احترافية سوريالية بعنوان "النفق" للكاتب السويسري "فريدريش دورنمات". تدور أحداث القصة في قطار يعبر نفقاً. جاءت نهاية القصة ـ في الطبعة الأولى لعام 1952 ـ كما يلي:
يقول قائد القطار: "ما الذي ينبغي أن نفعل الآن؟"
يجيبه الطالب (بطل القصة): "لا شيء على الإطلاق. تركنا الله نسقط إلى الهاوية، وها نحن نندفع إلى الأسفل، إليه، ساقطين باتجاهه."
ملاحظة: هذا تعليق بسيط على حكاية البطل الذي ألّف كتاب الرسم الهندسي. إنهم يفكرون هنا بطريقة مختلفة عنا هناك. قافلة العالم المتمدن تسير وتسير ونحن ما زلنا نتخاصم حول أمور يندى لها الجبين. الشعب المتخلف لا ينتج إلا حكومات وحمولات سياسية واقتصادية رديئة ومتخلفة شكلاً ومضموناً.
لقد كتبت لك أنني أهاتف عند الضرورة وحسب، وهذا شيء حقيقي ينبغي عليك تصديقه واحترامه، اعتقدت أني لدي الحق لأكون صادقة معك.
بالمناسبة، أحب الغربة لأن وطني كان بالنسبة لي الخوف وعدم اليقين واللاأمان وهذا لا يعني بالضرورة أنه قد حدثت معي هناك مشاكل من نوع ما، وإنما يتعلق الأمر بشخصيتي فقط.
ومع هذا أرى أن كل مجتمع في العالم عبارة عن مدجنة ضخمة جداً. تتفاوت دقة تنظيمها وإدارتها ونظافتها وقدرتها على التفريخ النوعي وجودة منتجاتها وفقاً لموقع الأرض الجغرافي التي يعيش عليها المجتمع ودرجة تطوره الإنساني والتقني وإنموذج نظامه السياسي. تحتوي المدجنة الرئيسية هذه في جوفها مداجن فرعية أصغر فأصغر. الأسرة مدجنة، روضة الأطفال مدجنة، المدرسة مدجنة، المعهد مدجنة، الجامعة، مركز البحوث، ورشة تعليم الحرفة، النادي الرياضي، الوزارة، الدولة، النظام... كلها مداجن ولها هدف واحد هو خدمة رأس المال.
بالمناسبة، أنت تبدو شخصاً حساساً للغاية، لعل هذا الكلمة لا تقال بالألمانية! هل تقرأ بالألمانية؟ هل تقرأ أدباً بالعربية؟ هل تسافر إلى الوطن بين الحين والآخر؟ كيف حالك هنا؟ كيف تسير أمورك؟
أتعرف ينبغي عليّ الإبتعاد قليلاً عن عالم الانترنيت، نعم سأغادره بهدوء لوقت قد يطول، يجب عليّ أن أركز على عملي كالأولاد الشُطّار، ألم أقل لك أنني أكتب في هذه الأيام مقالاً علمياً، الكتابة العلمية مملة تماماً، أليس كذلك!؟
هذا ما أستطيع كتابته لهذا اليوم البارد.
انتبه لنفسك، أنا في انتظار إيميلاتك حتى لو لم تصلك ردودي وأستجيب لكلماتك وتساؤلاتك.
إيمان



صديقتي الافتراضية إيمان،
معك حق، اللغة الألمانية صعبة جداً ولا يمكن إتقانها، وأضيف بأن القدرة على فهم قواعد الرياضيات قد تكون مهمة لتعلم قواعد اللغة. الرياضيات كاللغة، كلاهما علم غير جاف، كلاهما يتطلَّب خيالاً عظيماً للفهم.
لا أستطيع الكتابة إليك بالعربية، ففي المكتب حيث أعمل ليس لدي الوسيلة المناسبة لذلك، لا لوحة مفاتيح ولا نسخة برنامج ورد عربي للكتابة.
في الحقيقة لا وقت لدي من أجل قراءة الأدب لا بالعربية ولا بالألمانية، لكن أحياناً ذات شتاء ماطر أو مثلج تطفح المشاعر خارج الجسد لتتشارك في نزيفها مع المطر في هطوله الجميل، ولا أجد في هذه الحالة المتشائلة إلا أن أقرأ بعض ما هو ممتع لأحلّق بعيداً إلى الغمام ولأبتعد عن الزحام مستحماً بالكلمات.
قبل أن أغادر سوريا بأيامٍ قال لي أحد الأصدقاء: أنصحك - طبعاً بعد أن تتعلم اللغة الألمانية جيداً - بقراءة رواية ذئب البوادي (ذئب السهوب/البراري) باللغة الأم. وأضاف: إنها واحدة من الروايات الأجمل والأهم عالمياً.
وعدته أن أفعل ولم أنس نصيحته أبداً. ومضت السنون دون أجد الوقت المناسب لقراءة الرواية رغم أني قد اقتنيتها قبل بضع سنوات وما زالت بحوزتي. وها أنا - أخيراً - أقرّر اليوم البدء بقرائتها بكامل الهدوء، راجياً إنهائها في نهاية الشهر القادم.
حياتي في ألمانيا معقولة جداً، ما زلت سعيداً بالمفاجآت التي تصادفني. حياة الإنسان دون مفاجآت طيبة ومصادفات إيجابية غابات تشتعل.
الإحساس بالرضى والسعادة والثقة بالنفس مرتبط ارتباطاً وثيقاً ـ كما تعلمين ـ بالإنجاز المتقن لما يجب إنجازه. الحياة جميلة رغم كل ما يحدث معنا ومن حولنا، لكنها قصيرة جداً.
يومياً وفي الساعة الثامنة أكون جالساً أمام طاولة عملي، في السادسة مساء أدخل المنزل وأقضي أوقاتاً جميلة في المطبخ وأمام التلفزيون لوحدي غالباً أو برفقة أحد ما أحياناً. خلال هذه الأنشطة المتواضعة صرت في الآونة الأخيرة أتذكرك وأعيش بالخيال معك ومع صورتك اليتيمة التي وجدتها مصادفة في إحدى صفحات الإنترنيت.
بإمكانك بالطبع الانقطاع عن تصفح الإنترنيت والتوقف عن مراسلتي كما أشرت أو كما وصلني ذلك بشكل غير مباشر. ليس هناك من مشكلة، لا يزال كل شيء في المجال الأخضر، لكن في الحقيقة لا رغبة لي بالأشياء الغامضة والملغزة، أنا شخص مباشر ومنظَّم، إذا كنت ترغبين في تبادل الكلمات معي، عليك أن تكوني صادقة معي دون ألغاز محيرة وألعاب ذكاء. من لديه الوقت في هذه الأيام لهذه الأشياء والترهات!؟
هل يمكنك تذكر أحلامك في الصباح؟ إذا كان الأمر كذلك، ما الذي تحلمين به عادة؟
بالمناسبة: عمّا تدور فكرة مقالك العلمي؟
مع أطيب التمنيات
أحمد

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم