الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى أين يسير العالم؟

عادل حبه

2021 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


بقلم استيفان والت
استاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد
ترجمة عادل حبه

في الخامس عشر من أيلول، كشفت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا عن شراكة أمنية جديدة تسمى AUKUS. الدول الثلاث هي حليفة منذ فترة طويلة، لكن عنوان الشراكة الجديدة هو جهد مشترك لتزويد أستراليا بأسطول من الغواصات النووية المتقدمة. كما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن خطط لتعاون أوسع في مجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكونتومية. إن الحقائق الأساسية حول هذه الشراكة بسيطة. لكن الدوافع لها وما تعنيه هي أكثر تعقيداً وتكشف المزيد عن حال عالمنا المتحرك.
أولاً وقبل كل شيء، تعتبر هذه الخطوة صورة كلاسيكية لسياسة "توازن القوى/ توازن التهديد" في موقع التنفيذ. وعلى الرغم من عدم ذكر الصين في أي مكان في الإعلان، إلا أن الأمر لا يتطلب الكثير من العبقرية لادراك أن هذه المبادرة قد اتخذت استجابة لشعور متزايد بالتهديد الصيني على حد رأيهم. وتستند هذه التصورات جزئياً إلى قدرات الصين المتزايدة، بما في ذلك قدرتها على التنبؤ بالقدرات البحرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ولكن أيضاً على أساس إعادة النظر بالأهداف في مناطق محددة. إن تجهيز أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية بعيدة المدى وهادئة للغاية سيمكن "كانبيرا" من لعب دور أكثر نشاطاً في المنطقة، إلى جانب أعضاء آخرين في الرباعي (الولايات المتحدة والهند واليابان).
ثانياً، على الرغم من أن ما يحدث هنا هو مجرد إجراء هيكلي بحت (أي مؤشر على التغيرات في ميزان القدرات العامة)، ولكن من نواحٍ أخرى لا تلوم بكين أي طرف سوى نفسها. حتى وقت قريب، كانت وجهات نظر أستراليا حول عواقب صعود الصين غامضة: كان أرباب التجارة يأملون في الحفاظ على علاقات تجارية مربحة مع الصين، وحذر الاستراتيجيون البارزون من أن معارضة قوة الصين المتنامية ليست في مصلحة أستراليا. لكن سلوك الصين العدائي، وخاصة قرارها غير المعقول بفرض عقوبات تجارية رداً على اقتراح أستراليا بإجراء تحقيق دولي مستقل حول أصول فيروس كورونا – أدى إلى تشديد المواقف الأسترالية تجاه الصين. ويضاف إلى ذلك، إعلان الصين غير البناء بأن الولايات المتحدة ليست القوة العظمى الوحيدة القادرة على إتباع السلوك الدبلوماسي السيء.
ثالثاً ، يعد الإعلان خطوة دقيقة إستغرقت عدة سنوات حتى تثمر، فهذا الترتيب الجديد لا يهدد حكومة الحزب الشيوعي في الصين ولا ينوي مواجهة معضلات الاقتصاد الصيني، بحيث يستطيع أن يؤدي إلى فشلها. لكن الإجراءات المعلنة في الخامس عشر من أيلول تعقد جهود الصين للتقدم بإقتدار في البحر والسيطرة على خطوط الاتصالات الرئيسية. وبهذه الطريقة، فإنها تعرقل مساعي الصين المستقبلية لمراقبة الدول المجاورة وتقنعها تدريجياً باتخاذ مواقف أكثر ميلاً للتسوية.
خلاصة القول، إنها خطوة تهدف إلى إحباط أو شل أية جهود صينية مستقبلية لبسط هيمنتها على المنطقة. وعلى هذا النحو، تشير هذه الخطوة أيضاً إلى أن أحد مخاوفي السابقة بشأن احتمالية وجود تحالف متوازن فعال في آسيا ربما لا يكن جدياً كما اعتقدت.
لقد أشرت سابقاً إلى أن مشاكل العمل الجماعي التي تؤثر على معظم التحالفات، خاصة في آسيا، قد تجبر بعض الدول على حل النزاعات بعيداً عن سواحلها ويرجع ذلك جزئياً إلى المسافة البعيدة التي تفصلها. ومع ذلك، في هذه الحالة، لدينا ثلاثة بلدان، واحدة منها فقط تقع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والتي تتخذ خطوات لتسهيل العمليات المتعلقة بالقضايا الإقليمية الهامة. وليس هناك شك في أن مشاكل العمل الجماعي ستستمر، لكن الخطوط العامة لتحالف متوازن أضحت بادية للعيان بشكل متزايد.
رابعاً ، ستكون ردود أفعال اللاعب الثالث حاسمة؛ وليس فقط في الإستعراض في آسيا والمحيط الهادئ. ويقال إن الحكومة الفرنسية "غاضبة" من الصفقة بسبب التزام أستراليا السابق بشراء 12 غواصة تقليدية من فرنسا. في الواقع، لقد ذهبت باريس إلى حد إلغاء حدث كبير في واشنطن للاحتفال بالذكرى الـ 240 للشراكة الفرنسية الأمريكية. كن حذراً عندما يقرر الفرنسيون عدم إستقبال الضيف. ففرنسا طرف قوي لحماية الوضع الأمني الأوروبي (وهو ما تريده إدارة بايدن أيضاً) ، وقد يكون لباريس دور محتمل تلعبه في أجزاء من المحيط الهادي.
ومع ذلك، ستكون ردود الفعل في الداخل أكثر أهمية. السؤال الرئيسي هنا هو هل أن هذا الإجراء يفسر على أنه إجراء متعمد سواء بنعم أم لا، و في الوقت المناسب لأغراض الدفاع الجماعي أو أنه مجرد إستفزاز غير ضروري. وكما ذكرت سابقًا ، فإن القضية الرئيسية في السياسة الإقليمية هي النظر إلى الولايات المتحدة أو الصين على أنهما "يعرقلان السلام" من قبل الدول الآسيوية التي تتوق إلى الحفاظ عليه. إنني أعتقد بأن معظم دول المنطقة ستنظر إلى هذه الخطوة بحسن نية، بالنظر إلى الطبيعة المحدودة نسبياً للمبادرة الجديدة جراء السلوك المتشدد للصين في السنوات الأخيرة.
القضية الأخيرة تتعلق بالبعد النووي. لقد شدد القادة الثلاثة على أن الصفقة تقتصر على نقل تكنولوجيا المحرك النووي (مثل المفاعلات لتأمين حركة الطواقم البحرية)، وليس نقل تكنولوجيا الأسلحة النووية، وأن الغواصات الجديدة لن تكون مجهزة بمثل هذه الأسلحة النووية. ولطالما عرضت أستراليا بقوة الانتشار النووي ودافعت عن استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وقد أكد موريسون على ذلك في تصريحاته.
عد ذاك يبدو أن كل شيء على ما يرام. لكن من الممكن، لاحظ من الممكن، أن يحدث شيء أكثر إثارة هنا. فالمفاعلات المستخدمة في الغواصات النووية الأمريكية تحتاج إلى الكثير من اليورانيوم المخصب، وهذا ما يوفر لأستراليا إمكانية الوصول إلى هذه التكنولوجيا بالتوازي مع جهودها لتوسيع أسطولها. وفيما يتعلق بانتشار الأسلحة النووية، فإنها تعتبر خطوة نحو بنية تحتية نووية أوسع. وهي تعكس الرغبة لدى الولايات المتحدة (وإلى حد ما بريطانيا) في نقل تقنيات شديدة الحساسية إلى الحلفاء المقربين. لذلك نرى في هذه الخطوة مؤشر على أن الولايات المتحدة قد تقلل تدريجياً من معارضتها التقليدية لانتشار الأسلحة النووية إذا لزم الأمر. وهي في موقفها تتطابق مع الاتفاقية النووية المدنية التي عقدتها الولايات المتحدة مع الهند في عام 2005، ومن الممكن أن نرى ترتيب جديد مع أستراليا في هذا الصدد. لكن كيف ستنظر دول أخرى، مثل كوريا الجنوبية واليابان، إلى القرار، وكيف تفسره بكين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الحالة الرابعة لنزع حجاب المتظاهرات.. هل تتعمده الشرطة ا


.. استشهاد طفلين وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا




.. طلاب جامعة بيرزيت يطردون السفير الألماني من المتحف الفلسطيني


.. نتنياهو: سنواصل الحرب حتى تحقيق أهدافها كافة بما في ذلك تنفي




.. باتيل: إذا لزم الأمر سنحاسب مرتكبي الجرائم بقطاع غزة