الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر -أربيل التطبيعي- يحصد الفشل والشعب العراقي عصي على التطبيع

عليان عليان

2021 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


مؤتمر أربيل التطبيعي في كردستان العراق ، الذي عقد مؤخراً بتخطيط وتنظيم من قبل "، (The Center for Peace Communications) " مركز اتصالات السلام الأمريكي " وشاركت فيه 300 شخصيّة عشائريّة ادعت أنها تمثل سِت محافظات ذات أغلبية سنيّة وشيعية (بغداد، المُوصل، صلاح الدين، ديالي، الأنبار ونينوى ) تحت عُنوان "مُؤتمر السّلام والاستِرداد" فاجأ المستويين الرسمي والشعبي في العراق ، خاصةً وأنه جاء عشية إجراء الانتخابات العراقية ،وما يعنيه على هذا الصعيد هذا (أولا) ، و (ثانياً) وأن المؤتمر بما تضمنه من نتائج جاء معاكساً بالمطلق للمزاج الشعبي العراقي، ولثوابت العراق الوطنية الداعمة للقضية الفلسطينية ، والرافضة للتطبيع بشكل مطلق ، حيث تضمن بالإضافة لبيانه الختامي الخياني ، الداعي لإقامة علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني، كلمات لأعضاء المؤتمر و مداخلات لشخصيات أمريكية وصهيونية وإسرائيلية ، أبرزها مداخلة "تشيمي بيريز"، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريس ، الذي ثمن انعقاد المؤتمر ورأى فيه فرصة لتحقيق اختراق تطبيعي جديد مع العراق .
لم يخطر على بال الجهة الأمريكية المنظمة للمؤتمر، بأن مخرجات هذا المؤتمر ستسير بالاتجاه المضاد للمخططات الصهيو أميركية، وأن سحر المخططين وأدواتهم في العراق من أشباه المثقفين ومن وجوه تدعي المشيخة في القبائل العراقية ، انقلب عليهم وباتوا يبحثون عن مخرج لورطتهم ، بعد ردود الفعل الشعبية والرسمية العراقية المنددة بالفعلة المشينة ، وغير المسبوقة في الدول العربية منذ توقيع معاهدات السلام مع الكيان الصهيوني ،ابتداءً من كامب ديفيد مروراً باتفاقيات أوسلو ومعاهدة وادي عربة وصولاً لاتفاقيات ابراهام التطبيعية الخيانية ،بين كل من الإمارات والبحرين وسلطنة عمان والسودان والمغرب وبين الكيان الصهيوني ،التي لعب فيها الحكم السعودي دور العراب.
لقد توقعت الجهة المنظمة للمؤتمر بمباركة ضمنية من حكومة كردستان العراق ، بأن المؤتمر ومخرجاته ، سيشكل محطة يمكن البناء عليها ، بعد رصد ردود الفعل عليها لكن حجم ردود الفعل التي صدرت من كل – وليس بعض- المكونات السياسية والطائفية والعشائرية والاثنية ، أذهلت المراقبين والدوائر الصهيو أميركية ، وكشفت أن العراق ليس تربة خصبة يمكن أن تنمو فيها بذرة التطبيع .
ويمكن القول أن عقد المؤتمر بنتائجه وردود الفعل عليه ، الذي عقد تحت عنوان " السلام والاسترداد " نجم عنه آثار عكسية إيجابية على الصعيد العراقي ،يمكن رصدها بما يلي :
1-وحدت الشارع العراقي رغم بعض التباينات السياسية بين أطيافه المختلفة وراء شعار محاربة التطبيع مع العدو الصهيوني ومركزية القضية الفلسطينية ، إذ أن الإدانات الرسمية والحزبية والشعبية على اختلاف تلاوينها السياسية ، وتبرؤ العشائر العربية في المحافظات الست من هؤلاء المطبعين، الذين أشهروا سيف التطبيع الخياني، وإصدار القضاء العراقي بمذكرات توقيف بحق كل المشاركين في المؤتمر بتهمة الخيانة العظمى وانتهاك الدستور، وخاصة أولئك الذين تصدروا المشهد التطبيعي مثل رئيس الصحوات وسام الحردان وسحر الطائي- المتحدثة باسم المؤتمر – التي تلت البيان الختامي الذي يطالب العراق بالتطبيع مع الكيان الصهيوني والانضمام إلى اتفاقيات أبراهام وإقامة أفضل العلاقات مع الكيان الصهيوني
2- أفشلت ردود الفعل الشعبية والقبلية العراقية المخطط الفتنوي للمؤتمر لضرب السنة بالشيعة ، كون المؤتمر ضم شخصيات قبلية سنية فقط ، وذلك بعد صدور ردود فعل قاسية من القبائل العراقية السنية منددة بالمؤتمر لا تقل في قسوتها عن ردود الفعل للمكونات الطائفية والاثنية العراقية.
3- الحكومة العراقية التي لم تفرز نفسها حتى اللحظة في إطار محور المقاومة ، والتي تقيم علاقات متقدمة مع الإدارة الأمريكية بشخص رئيسها مصطفى الكاظمي ، وتماطل في تنفيذ قرار البرلمان العراقي بشأن انسحاب القوات الأمريكية من العراق بوصفها قوات احتلال ، حددت موقفاً من المؤتمر التطبيعي باتجاه إدانته والتأكيد على دعم القضية الفلسطينية، ورفض التطبيع ووصلت الأمور بمجلس القضاء الأعلى المطالبة بإلقاء القبض على المشاركين في المؤتمر المذكور ومحاكمتهم .
4- كشف النقاب عن محتويات قانون العقوبات العراقي الذي يجرم التطبيع مع العدو الصهيوني ، وهو يكاد القانون الوحيد في الدول العربية الذي يعاقب المطبعين بهذه القسوة إذ تنص المادة 201 في قانون العقوبات العراقية ،على الإعدام لكل من أيد أو روج لمبادئ صهيونية أو انتسب إلى أي من مؤسساتها أو ساعدها ماديا أو أدبيا أو عمل بأي كيفية لتحقيق أغراضها.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المادة ظلت معطلة بسبب الضعف جراء نظام المحاصصة الطائفية وضعف الدولة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003
5-تحول قضية مؤتمر أربيل ومقاومة التطبيع إلى قضية انتخابية عشية الانتخابات البرلمانية المزمع إقامتها الأيام القادمة ، إذ باتت الكتل والأحزاب المتنافسة تستثمر في مقاومة التطبيع لحصد مقاعد أكثر في البرلمان ، ووصلت الأمور برئيس التيار الصدري أن يهدد الحكومة إذا لم تتخذ أشد وأقسى الإجراءات بحق المشاركين في مؤتمر أربيل فإنه وكتلته سيطبقون القانون بحق المطبعين بأيديهم .
6- إفشال المخطط الأمريكي الساعي إلى تغيير الموقف من التطبيع في العراق وغيرها من الدول العربية التي لم تطبع بعد مع الكيان الصهيوني ، من خلال تشريعات محددة تسهل مهمة التطبيع ، إذ إن الإدارة الأمريكية راهنت على أن تكون الانتخابات العراقية مدخلاً لتشريع التطبيع ، من بوابة كتل سياسية سنية تدين بالولاء للسعودية ومن بوابة أحزاب جديدة تشكلت في إطار الاستثمار السلبي لانتفاضة تشرين .
ونذكر هنا بأن السناتور الديمقراطي الأمريكي " كوري بوكر" والسيناتور الجمهوري" روب بورتمان" تقدما العام الماضي، بمشروع قانون تحت مسمى "تعزيز الإبلاغ عن الإجراءات المتخذة ضد تطبيع العلاقات مع إسرائيل لعام 2020 " لمعاقبة أية دولة عربية تضع العراقيل القانونية التي تحول دون التطبيع مع ( إسرائيل).
ويدعو مشروع القانون وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقديم تقرير سنوي عن الحالات التي قامت فيها الحكومات العربية بمعاقبة المدنيين بسبب انخراطهم في علاقات شخصية مع إسرائيليين.
لقد كشف انعقاد المؤتمر في عاصمة اقليم كردستان بأثر رجعي العلاقات المتقدمة التي تقيمها حكومة كردستان العراق وقيادات الاقليم التقليدية مع الكيان الصهيوني ، وفي الذاكرة القريبة دور الكيان الصهيوني في دعم استفتاء اقليم كردستان للانفصال وإقامة دولة كردية مستقلة ، وحضور قيادات صهيونية أمثال برنارد ليفي إلى العراق ووسائل إعلام إسرائيلية لتغطية المشهد الانفصالي ، ما يرتب على العراق دولةً وشعباً أن تتخذ موقفاً إجرائياً من حكومة الاقليم وليس من الأكراد ، خاصةً وأن هذا الاقليم تحول إلى مرتع لجهاز المخابرات الإسرائيلي " الموساد" للتجسس على العراق وإيران ، ولتنفيذ عمليات أمنية ضدهما.

تجدر الإشارة أن "جوزيف رود" الذي يترأس "مركز اتصالات السلام" حضر المؤتمر وهو يهودي من أصل عراقي ،ومختص أمريكي في الشرق الأوسط، يتحدث العربية والعبرية والفارسية، ومن المتحمسين لجيل عربي جديد يملك علاقة أفضل مع "إسرائيل". ويضم المركز في مجلس إدارته عدد من الإعلاميين والدبلوماسيين الأمريكيين السابقين وعلى رأسهم " الدبلوماسي "دينيس روس" الذي سبق وأن شارك في عمليات التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ، وأبرز انحيازاً فظاً لصالح الكيان الصهيوني ، لدرجة أن الراحل ياسر عرفات قال بشأنه : " أفضل بالنسبة لنا أن نتفاوض مع الجانب الإسرائيلي مباشرة على أن نتفاوض مع دينيس روس"، مشيراً إلى أنه إسرائيلي أكثر من الإسرائيليين.
جرأة المطبعين مستمدة من مناخ الاحتلال الأمريكي
وأخيراً نشير إلى مسألة جرأة بعض منظمي مؤتمر أربيل – وهم قلة من الشعب العراقي- في المباهاة بعمالتهم وصهينتهم- وهذه الجرأة مستمدة من المناخ الذي أوجده الاحتلال الأمريكي للعراق، ومن الدعم الذي توفره السفارة الأمريكية والمؤسسات الصهيو أمريكية لهم ، ومن النظام الطائفي الذي سهل مهمة أولئك المطبعين، معتقدين أن السقف الطائفي السني وارتباطاته الخليجية سيوفر الحماية لهم .
وكان الوسام الحردان – أحد أبرز منظمي المؤتمر والذي يتباهى بالمسمى الأمريكي أنه رئيس صحوات العراق - قد نشر مقالاً في صحيفة "ذا وول ستريت جورنال" بعنوان "العراق يجب أن ينضم إلى اتفاقيات أبراهام"، قال فيه بشكل واضح: "ندعو إلى تطبيعٍ كامل للعلاقات مع إسرائيل وتبني سياسة جديدة للتنمية والازدهار"، متابعاً أن المجتمعين في المؤتمر اتخذوا الخطوة الأولى بهذا اللقاء، وستكون الخطوة الثانية هي محادثات مباشرة مع الإسرائيليين، لافتا إلى أنه لا توجد قوة محلية أو أجنبية ستمنعهم من التقدم إلى الأمام.
أما سحر كريم الطائي، التي تعمل في وزارة الثقافة العراقية فقد أدلت بتصريح ، لمجلة (تايمز أوف إسرائيل) العبريّة في حديثٍ خاص، إنه من الضروري والحتمي أن يعترف العراق (بإسرائيل) وينضم إلى "اتفاقيات إبراهيم" ، أيْ اتفاقيات التطبيع بين كيان الاحتلال وعددٍ من الدول العربيّة، والتي تمّ التوقيع عليها قبل سنة ، زاعمه أن يهود العراق تعرضوا للاضطهاد بعد انشاء الدولة العبرية ، ما اضطرهم للفرار إلى ( إسرائيل) متجاهلةً تواطؤ جهاز الموساد الإسرائيلي مع جهاز مخابرات " نوري السعيد " في العراق ، ولجوء الجهازين إلى تفجير الأحياء اليهودية لدفع اليهود العراقيين لمغادرة العراق على مثن طائرات نقلتهم مباشرةً من مطار بغداد إلى مطار بن غوريون ( اللد) في الكيان الصهيوني.
ولم تكتف الطائي بترويج الأكاذيب بل راحت تبدي تعاطفها مع ضحايا المحرقة النازية المزعومة ، متجاهلة المحارق والمجازر التي ارتكبها ولا يزال يرتكبها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وضد الجماهير العربية في أكثر من قطر عربي.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟