الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يعتمد التفاعل مع التكنولوجيا والعولمة على السن ؟

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2021 / 10 / 1
العولمة وتطورات العالم المعاصر


عملت لفترة طويلة فى مجال المكتبات وأعرف أن الجيل الأكبر يميل إلى الكتب الورقية ويعتقد أن العولمة والتكنولوجيا تقضى على العلاقات الإنسانية والمهارات الاجتماعية وربما تسبب تعاسة أكبر للبشر ، ولكن للأسف أصبحت الكثير من المكتبات مههدة بالإغلاق والتحول إلى متاحف لإنها تحاول إرضاء كبار السن فقط مع عزوف الشباب عن المكتبة التقليدية وميلهم إلى مكتبات من نوع جديد مثل مواقع التواصل الاجتماعى التى يمكن اعتبارها مكتبات شباب وكذلك مكتبات التاب مثل كيندال التابع لشركة أمازون الذى يستطيع الوصول إلى ملايين الكتب وتصفحها والتعليق داخلها بطريقة تشبه ما يمكن أن نفعله بالكتب الورقية فيصبح الشخص حائز الكيندال حاملا فى راحة يده ملايين الكتب بمعظم لغات العالم يقرأ منها ما يشاء. ولم يقتصر الأمر على المكتبات فقط بل امتد حتى إلى العلم بشقيه البحت والتطبيقى فأصبحت معظم الدوريات والمنشورات إلكترونية وصعدت إلى السطح مثيلات ناشيونال جيوجرافيك التى تبث صورا ومقاطع فيديو ومعلومات حقيقية بطريقة فريدة تبهر العلماء أنفسهم قبل العامة ، وبالطبع غالبية الشباب هم من يتابعون ناشيونال جيوجرافيك ومواقع العلم الالكترونية التى تبث الجديد لحظيا وليس يوميا أو شهريا . لقد امتد وتشعب التطور العلمى التكنولوجى ليصل إلى مراكز البحوث والجامعات التى لم تنل منها جائحة كورونا بل استفادت منها فأصبح التفاعل عالمى بواسطة برامج الاونلاين التى يتم من خلالها بث المحاضرات والمؤتمرات واللقاءات وورش العمل لتصل إلى كل العالم فى نفس الوقت وبالطبع ينجح منها ما يقوم الشباب برؤيته فيحصد عددا أكبر من المشاهدات وينتشر بصورة أوسع . أما الأغرب بالفعل فهو ما حدث فى الثقافة التى تضم الفنون والآداب والدين والأطعمة والطبخ وحتى الموضة والرياضة فقد جعلها الشباب وليس غيرهم تتغير طريقة عرضها كليا لتنثنى وتنحنى لتناسب مواقع التواصل الاجتماعى فتصعد بما يؤمن به الشباب وتحجب ما لم يتوافق معهم حتى أن أحد أغنيات المهرجانات الشعبية العربية حصلت على أكثر من نصف مليار مشاهدة بينما لم تصل كل أغانى أم كلثوم أو عبد الحليم مجتمعة إلى تلك المشاهدات .
إذن نحن أمام فكر عالمى جديد يحدد إطاره الشباب الذين يتقنون بالفعل أدوات العصر المتمثلة فى الانترنت وبصفة خاصة مواقع التواصل الاجتماعى مما يدل على أن العولمة والتكنولوجيا يتأثر بها فعليا الشباب ويهمل قوتها وتأثيرها كبار السن مما يجعلهم فى برج عاجى معزول عن مجتمع الشباب المولود منذ أقل من ثلاثين عاما والذى يستطيع أن " يجوجل" كل معلومة يريد أن يعرفها فى ثوان معدودات ليصل إلى المعلومات والأماكن والمواصلات والمطاعم والموضة وحتى أمور الدين ويتفاعل مع المدرسين والزملاء ويبيع ويشترى ويناقش العملاء دون مشقة ودون سؤال الآباء والشيوخ الحقيقيين لإن الآباء الافتراضيين مثل جوجل وفيسبوك ويوتيوب وانستاجرام وواتساب يعرفون كلّ شئ ويختصرون عالم الخبرة القديم إلى عالم أرحب من الخبرة السريعة التى لا تحتاج إلى تخزين فى ذاكرة المخ بالتراكم العمرى كما يحدث عند كبار السن .
إذا كنت تعتقد أن العولمة والتكنولوجيا تقف أمام المشاعر الإنسانية والتفاعل المجتمعى وتهدد الفكر البشرى فاعلم أنك مثلى من كبار السن الذين يميلون للكتاب الورقى إلى الآن وربما المهددون بالانقراض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و