الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسار تنموي خاطئ

عدلي عبد القوي العبسي

2021 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يتباهى عسكر البورجوازيه بمصر بانجاز ما اسموها (المشاريع العملاقه )
ولا يكف اليوتيوبرز عن التطبيل و التلميع
ومعهم جوقه الاعلام و الفكر والسياسه
متناسين ان تأجيل وتسويف وتعطيل السياسه الاجتماعيه والبرامج الاجتماعيه الراميه الى تحقيق العداله الاجتماعيه في الاطار الذي تسمح به الظروف الواقعيه و خصائص المرحله لا يعني فقط حرمان جيل باكمله من حقوقه الانسانيه المشروعه والتضحيه به على مذبح الانطلاقه التنمويه المزعومه
وانما تعويق وتعطيل وافشال تحقيق الاهداف البعيده للخطه الاستراتيجيه ذاتها التي تندرج في اطارها هذه المشاريع
والتنميه بهذا الاسلوب الذي لا يراعي البعد الاجتماعي حتما سيكتب لها النجاح الضئيل
بسبب غياب الحوافز للطبقه العامله المنخرطه في هذه البرامج والمشاريع
وما الفائده من نظام سياسي لا يهتم بالتنميه الاجتماعيه !!
وما هي هذه التنميه الناقصه التي تفتقر الى اهم مكون من مكوناتها واهم بعد من ابعادها !!
الجميع يعرف انه لا فائده مرجوه من اي اداء او نشاط انتاجي على صعيد المردود الاقتصادي الوطني في ظل اجور هزيله واسعار مرتفعه وظروف عمل قاسيه وخدمات متدنيه
وفساد مستشري ناهيك عن مناخ النهب للثروه من قبل حيتان البورجوازيه و التوزيع الغير عادل للثروه الذي يولد حاله من الاحباط والاستياء الاجتماعي الشديد
ولو انك تحاجج وتقول هذه المشاريع الضخمه ستوفر منصات للشغل وتحسن من توفير الخدمات للمواطنين وان مردودها الايجابي على الاقتصاد الوطني ككل سيكون في المستقبل
ساقول لك حسنا وكم سيكون مقدار هذه الاجور وهل ستلبي متطلبات المعيشه هل ستكفي ميزانيه الاسره ولو في الحد الادنى
كم ستستوعب من العمال وماهي ظروف العمل هل هو عمل آمن هل الحقوق مصونه
هل هناك ضمان للمردود و الانتاج وانعكاسهما على الاجور في المستقبل
الى اين ستذهب الارباح في معظمها هل سيحدث تراكم للثروه بالقدر الذي سيمتص
تضاعف الديون وعبء خدمتها ( قروض تمويل المشاريع ) او سيمتص اثر التزايد السكاني و ازدياد المتطلبات الناتجه عنه
هل ستمتص اثار تغير المناخ او تواجه الاثار السلبيه لاي عقوبات اقتصاديه محتمله لسبب ما
هل ستواجه المخاطر المهدده للامن القومي التي تتكاثر هذه الايام
هل هذه المشاريع منتجه وتوفر فرص توظيف كثيره
هل ستنعكس ايجابيا وبقدر ملموس على تحسن وضع العمله والقدره الشرائيه وتحسين مستوى معيشه المواطنين الفقراء الذين يشكلون اغلبيه سكان هذا البلد
طبعا اشك في امكانيه تحقيق ذلك في ظل الاسلوب الحالي من الاقتصاد اللااجتماعي
كما ان مفهوم التقدم يفقد معناه الحقيقي هنا
لانه لا تقدم اجتماعي بدون عداله اجتماعيه
ولا يمكنك ان تقول هناك تقدم في هذا المجتمع في الوقت الذي فيه جزء بسيط فقط من السكان من يتمتعون بالمزايا ومردود المشاريع ويجنون الارباح فيما الغالبيه ترزح تحت وطأه المعاناه والوضع المعيشي الصعب الذي يزداد تدهورا يوما بعد يوم
مشاريع السيسي العملاقه لن تصنع معجزه اقتصاديه او تخلق نمرا اقتصاديا كما تطمح نخبه البورجوازيه المصريه مالم ياخذ النظام في الحسبان المسارعه الى تبني برنامج مقبول ومعقول للعداله الاجتماعيه وتحويل الاقتصاد الى اقتصاد ذي بعد اجتماعي حقيقي
مالم يعيد النظر في الكثير من القرارات والسياسات الظالمه الراسماليه المتوحشه والمجحفه بحق الطبقات الشعبيه
وعليه ان يركز اكثر على وسائل تحسين معيشه الفقراء اكثر من اهتمامه بالانتعاش الاقتصادي للطبقتين البورجوازيه والوسطى العليا اكثر من اهتمامه بمعدل النمو وتراكم الثروه
ان يهتم بتحقيق التنميه الاجتماعيه على الوجه الافضل الذي يساعد في تحقيق التقدم التنموي المنشود
على سبيل المثال نذكر واحده من هذه السياسات الاجتماعيه الجيده سياسه تحقيق عداله ضريبيه فعاله والاستفاده من عوائد الضرائب على الاغنياء في تقديم اعانات اجتماعيه معقوله للفقراء
وفي انشاء مشاريع تنمويه اجتماعيه خصوصا في الريف والاحياء الفقيره والمدن الفقيره
ولا شك ان الاستخفاف بعشرات الملايين من الفقراء والضرب بمصالحهم عرض الحائط حتما ستكون له عواقب وخيمه على استقرار البلد واستقرار النظام
كذلك ما لم يضرب حيتان الفساد
ويخفف بقرارات جريئه من اثار التبعيه الاقتصاديه وينهج نهجا اقتصاديا وطنيا حقيقيا
فلا فائده مرجوه في المستقبل

وهم الضبط السياسي

يعتقد الجنرال الفاشي العميل انه بتخلصه من جماعه الاخوان الفاشيه الاسلاميه وهي الجناح اليميني المتطرف الاحتياط للنفوذ الاستعماري الاطلسي والاحتياط اليميني المتطرف للطبقتين العلويتين
قد استتب له الامر وانه قد ضمن رضا الجمهور و كسب الشارع بالتخلص من محرضي الداخل ومثيري الفتن
ونسي ان الشعب المصري عندما يثور لا يحرضه الاخوان فقط ولا جموع المعارضه السياسيه بطيفها الواسع التي هي في الاصل معارضه ضعيفه منهكه ومخترقه من النظام !!

وانما تحرضه بالدرجه الاولى سياسات النظام الحمقاء و المعاديه لمصالح الطبقات الشعبيه الفقيره والتي كانت تقود المجتمع دائما الى انتفاضات شعبيه عارمه طيله الخمسه العقود الماضيه بعد رحيل حسن الصيت الزعيم التقدمي الثوري الخالد جمال عبد الناصر
وتاتي في وقت غير متوقع لم يكن بالحسبان بل وتاتي في عز جبروت وسطوه النظام
و يشعلها في الغالب مستصغر الشرر اي حوادث اجتماعيه بسيطه !!
وعلينا ان لا نتجاهل ان العوامل الاخرى من تحريض الاجنبي او تدخلاته التخريبيه مثل الفوضى الخلاقه او تحريض الفاشيين الاسلاميين الذين اعتادوا ان يمتطوا فيما بعد الموجه ويستفيدوا من مثل هذه الانفجارات الاجتماعيه لهي عوامل ثانويه قياسا باخطاء النظام الفادحه وسياساته الكارثيه المعاديه للشعب
والدرس المستفاد تاريخيا ان السياسات الاجتماعيه الظالمه للشعب هي اكبر محرض على قيام الثوره الشعبيه

نسي الكثيرون ان جمال مبارك في العام 2010 اي قبل قيام ثوره 25 يناير باشهر قليله كان قد اعترف بالتقصير الشديد في جانب العداله الاجتماعيه
وهو ما دفع ثمنه لاحقا نظام ابيه السياسي
يأتي بعد ذلك الجنرال عبد الفتاح السياسي ويقرر السير على نفس نهج مبارك واقعا في نفس الخطأ ويكرر اسلوب التباهي الدعائي ذاته الذي كان عند سلفه مبارك
حيث يتباهى بالثروات المكتشفه والمشاريع العملاقه والعلاقات الوطيده مع اسرائيل والغرب
والخدمات الجليله التي يقدمها للمشروع الامريكي الصهيوني في المنطقه
وتضبيط المنطقه وردع الجيران المشاغبين !!
وكلها خدمات لمصلحه الغرب الامبريالي الاطلسي واعوانه في المنطقه
مثل خدمه احتواء المقاومه الفلسطينيه و دعم التمدد الصهيوني مؤخرا بطريقه ذكيه وجهنميه وغير مباشره
اذ لا يزال هناك نشاط خفي لمشروع صفقه القرن الذي يجري تعديله بحسب متغيرات الاحوال
ولا يزال للنظام المصري دورا مهما خفيا مقابل اثمان مدفوعه !!
السيسي هو مبارك الثاني واستمراريه لذات النهج والمدرسه
مع فارق انه لديه الان هامش مسموح للمناوره والتحرك ومغازله هذا وذاك
من اقطاب العالم المتعدد شرقا وغربا !!
لكنه يلعب نفس اللعبه القذره ويؤدي ذات الادوار المشبوهه !!
وهو ما تجده في تحمسه لمشاريع امريكيه صهيونيه ك الناتو العربي والشام الجديد وصفقه القرن و المشروع الابراهيمي وغيرها
وكلها مسميات تندرج ضمن الخطه الاستراتيجيه للناتو في الشرق الاوسط في المرحله المقبله
التي يسمونها مرحله ما بعد امريكا !! والتي يجري فيها ادماج بطئ تدريجي للكيان الصهيوني في المنظومه العربيه !!
يظن الكثيرون ان الغرب يلعب الان مع مصر السيسي لعبه الدعم للنهوض وتاديه الدور البديل لتركيا اردوجان في المنطقه وهذا ما قد يفسر جزئيا سر المشاريع العملاقه و النهضه التنمويه
الحاليه
ونحن نرى خلاف ذلك التفسير المؤامراتي !! ان ما يحدث انما هو تجديد النظام لنفسه بتحفيز من ثوره 25 يناير التي كشفت وعرت الكثير من عيوب نظام مبارك
وان سياسه خدمه المستعمر هي ذاتها مستمره كما كانت في السابق
وهذا التجديد في السياسات ياخذ طابع شعبوي اكثر ويستلهم تجارب ناجحه عده للنهوض التنموي وهو ما ينعكس في كون حجم وعدد ونوعيه مشاريعه التنمويه الضخمه اكثر ضخامه وابهارا و اوسع نطاقا من قبل مع تنويع اكثر في مصادر التمويل
مع كون اغلبها مشاريع للبنيه التحتيه والخدمات او مشاريع انتاجيه تخدم فئات اجتماعيه معينه وسطى وعليا في الغالب ولا توفر وظائف بالحجم المطلوب سنويا
لكنه يقع في نفس الخطأ الفادح الذي وقع فيه جمال مبارك
خطأ اهمال سياسات تحقيق العداله الاجتماعيه في اطار الممكن
حيث لم يفعل شيئا حقيقيا ذا قيمه في هذا الجانب و عيبه انه يصغي اكثر الى صوت مستشارييه الخائبين
و لا يكترث لاصوات الطبقات الشعبيه وجماهيرها الضعيفه المنهكه بالفقر والجوع والغلاء
وتدني الخدمات ويرفض الاصغاء الى صوت الناقدين والناصحين
بمعنى انه ليس لديه مشروع عملاق يخص العداله الاجتماعيه
وهو يصر على الاستمرار في نفس سياسه التوحش الراسمالي التي بدأها السادات وتوغل فيها مبارك وهي سياسه تخلي الدوله عن وظائفها وتحميل العبء على الفقراء
وعدم الاكتراث بمصالحهم والاضرار بحقوقهم الانسانيه المشروعه
وهو ما سيسفر في نهايه المطاف عن اندلاع موجه جديده من الغضب الشعبي اكثر قوه وزخما ليس فيها لا اخوان اقوياء متأمرين ولا محمد علي المقاول الغاضب خائب المسعى
وانما انفجار اجتماعي عفوي عنيف
يصنعه بغباء نظام السيسي نفسه
وان غد ا لناظره قريب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام