الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر اللَّوْز 6

علي دريوسي

2021 / 10 / 2
الادب والفن


مرحبا إيمان،
اِفتقدت في الأيام الأخيرة إيميلاتك الممتعة. أما زلت حية؟
إذا كنت كذلك فعليك الخروج فوراً من قوقعة الكسل والراحة التي تعيشين فيها والدخول ثانيةً إلى عالم الكتابة والعودة إلى حالة التألق الأدبي، رغم أنني من أنصار الرأي القائل: لكل إنسان الحق بالكسل والتكاسل لفترة مؤقتة.
كيف حالك؟ هل تشعرين أن قرّاءك لا يتفاعلون مع كتاباتك كما ينبغي!؟
لكي تعرفي مع من تتكاتبين أرسلت لك صورة شخصية لي كمرفق مع الإيميل.
ملاحظة: هل لديكم أرض زيتون في الضيعة؟ هل لديك جد وجدة؟
سأرسل لك هنا خاطرة قصيرة أنجزتها البارحة مساءً وأنا جالس على الصوفا أشرب كأس الشاي الأسود قبل هطولي في نوم عذب، لن تكون هذه الخاطرة خالية من الأخطاء القواعدية حتماً ولا بالمستوى الذي تكتبين به حضرتك ومع هذا آمل أن تعجبك.
"في يوم خريفي مشمس يقف رجل سبعيني من قرية جسر اللّوز ـ لا أعرفه، قد يكون شبيه جدك. يقف جدك إذن في غرفة داخلية ضيقة ومظلمة. يرتدي ملابس البيت البسيطة بعد أن استحم لتوّه. الغرفة تعبق بروائح الخير والبركة. الضوء شاحب. الجد ليس وحيداً. ثمة رجلان غريبان برفقته. يرتدي الرجلان ملابس رسمية نظيفة. من لهجتهما ستعرفين أنهما من سكان المدينة ومن طائفة ثانية. وأنت الصغيرة تسترقين النظر والسمع من النافذة ذات الدرفة الواحدة، ترين الضيفين يتذوقان ذلك العصير الذهبي، الذي يعجز الشعراء عن وصف لونه، ثم تلمحينهما يهزّان رأسيهما علامة الرضى الكامل. تصلك البسملات والتعوذات من الشيطان الرجيم وأنت ترين شعاع شمس ضل طريقه وهو يتغلغل في دفق السائل الذهبي رغم كثافته، رغم جماله وعذريته، السائل الذي يغرفه الرجل الجبلي الطيب ـ جدك ـ من برميل الزيت ليصبه بحذر واعتزاز في تنكة الزيت التي تحضن قمعاً في فتحتها. "
سأكون مسروراً لو تجيبيني على هذه الرسالة. ستفرحني حتماً كلماتك الملغزة كقصصك رغم امتعاضي. لا تختبئي ولا تهربي مني.
عناق ومودة
أحمد



مساء الخير أحمد،
عساك بخير، آسفة أنّني تأخّرت في الردّ، ها هو هنا واحد من إيميلاتي تلبية لطلبك. وسأكتبه هذه المرة باللغة العربية.
بعد إيميلك ما قبل الأخير رجعت خطوة للوراء من دهشتي، بعد ثوان قلت لنفسي الناس تختلف بحساسيتها للأشياء وليس بالضرورة أن يكون البشر مفصلين على نفس المقاييس، أنا بالفعل كنت ألعب بالكلمات، لكنني أحب هذا غالباً وأحترم تماماً طريقتك بالتعبير عن رفض هذا الإسلوب، كما أحترم جداً كونك رجل مرتب ومباشر، سألت نفسي فقط لماذا يتبادل كائنان من أقصى أطراف التناقض الكلمات، إذ أنني فوضوية في كل تفاصيل حياتي المادية والنفسية والاجتماعية، وأنا أبعد البشر عن المباشرة، إنني أكثرهم تردداً ولا مباشرة على الإطلاق.
مساء البارحة نزلت مع شريكتي بالسكن لنتمشى في الحديقة القريبة من بيتي في محاولة مني لإتباع أسلوب جديد لإنقاص الوزن! المشكلة أنّه ليس أردأ مني في مسائل الاِلتزام والاِنضباط بالخطط غير شريكتي هذه. عدت بعد مشوارنا وسهرت حتى الثانية صباحاً، دأبت أصمّم عرضاً بالبوربوينت كهدية لصديقة في مكان بعيد.
كنت أنوي أن أكتب لك مطولاً هذا المساء، لكنّي سأنام باكراً اليوم لأعوّض ما فاتني بسبب سهرة الأمس، كنت مرهقة تماماً هذا الصباح، وحتّى بعد الظهر لم أستطع النوم.
أشعر بالبرد قليلاً، غرفتي باردة هذا المساء، كنت آمل أن يسهم صوت فيروز بتدفئة الغرفة، لكن وعلى ما يبدو سأشغّل مشع التدفئة ـ عفواً عن إذنك قليلاً ـ وقد أزحت ستار النافذة في هذه اللحظة لأتمكن من متابعة الأجواء خارجاً، إنها تمطر بغزارة الآن، شتاؤنا هذا العام بارد جداً، وعاصف جداً وهذا ما يسعدني جداً ويغريني بالمشي، نادراً ما أستطيع، ذلك أن ليس من يشاطرني رغبتي، ويصعب عليّ الخروج وحدي، أما الأجواء الثلجية فلها سحرها المختلف.
ملاحظة أولى: أعجبتني خاطرتك كثيراً، خالية من الأخطاء، لا تقلق، أنت موهوب حقاً، عليك بالكتابة في وقت فراغك، شعرت أنك تتكلم عن جدي فعلاً، نعم، لديه أرض زيتون كبيرة ويبيع الزيت الفائض عن حاجة العائلة.
ملاحظة ثانية: تدور فكرة مقالي ـ إذا كان الموضوع حقاً يهمك ـ عن نشوء وانتشار بعض أنواع الفيروسات بسبب مزارع إنتاج الفراء الكريهة، حيث يتم الاصطياد الجائر أو التربية الجائرة للقطط الزاحفة (عائلة الزباديات) وكلاب الراكون البرية التي ربما اِفترست الخفافيش سابقاً. تتم عملية سحب/نزع الفراء عن أجسام الكلاب وهي أحياء فتراها تعوي وتزئر مطلقة صرخات الموت والعذاب من أجوافها، خلال هذه العملية التعذيبية المقرفة ينتشر الإيروسول (الهباء) من أجسادها على شكل جسيمات وذريرات والتي قد تتسبب في إصابة الإنسان بالفيروسات المميتة.
شكراً لاهتمامك.
أعدت قراءة ما كتبت، أتمنّى ألاّ أكون قد أثقلت عليك إذ أطلت، إنّما صار يسعدني التحدّث إليك كما تفرحك رسائلي.
تزاحمت الأفكار الآن في رأسي ممّا غيّم ذهني وأمسك النعاس بتلابيبي وسيقودني إلى سريري حتماً، أودّعك الآن، أنتظر الردّ، وأعدك بالكتابة قريباً وسأكون صديقتك دائماً وخسئ الحزن كما خسئ الضباب.
كيف تقضي مساءاتك عندك؟ صورتك التي أرسلتها حلوة بالمناسبة.
أتمنى لك ليلة طيبة.
إيمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس أخطر مشهد لـ #عمرو_يوسف في فيلم #شقو ????


.. فيلم زهايمر يعود لدور العرض بعد 14 سنة.. ما القصة؟




.. سكرين شوت | خلاف على استخدام الكمبيوتر في صناعة الموسيقى.. ت


.. سكرين شوت | نزاع الأغاني التراثية والـAI.. من المصنفات الفني




.. تعمير - هل يمكن تحويل المنزل العادي إلى منزل ذكي؟ .. المعمار