الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثُلاثِي بِيكَربُونَات الشِّعر

راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)

2021 / 10 / 2
الادب والفن


قلم #راوند_دلعو

♥️ ♠️ عندما يبحثُ الشاعر عن المال أو الشّهرة يُجهض تجربته الشعريّة و يتبرأ منها ، يَقصِفُ عمرها ! يُقَصقِصُ أجنحتها ، يستلُّ رُوحها ، يَقبرها ، يُفرِّغها من محتواها ... يذبح السّياق الشاعريّ للتعبيريَّة ذبحاً ... يُصيبُ الاستغراقيّة بالفزع ... يُطفئ النورانيّة ... يقذف بالملائكيّة على شيطان الشعر فيهرب ... ينحر الحالة السّايكولوجية نحراً ... يقطع المشهد في منتصف القبلة السّاخنة بين البطل و البطلة ... !

ثم ماذا ؟

ثم يموت الشِّعر سريرياً ... !

كل ذلك يحدث في تلك اللحظة التي يكتب فيها الشاعر باحثاً عن المال أو الشهرة !! يا له من خائنٍ يجب قتله !

فالشاعر الحقيقي كائنٌ مُنوَّمٌ في تجربته الشِّعريَّة مغناطيسياً ... سجينٌ بالأبجدية ، صليبٌ على جدرانها ... سكران تائه في دخاليج حروفها ! ... إنه شَجَنٌ يرصف الحرف تلقائياً بالزَّخَم المشاعري العُلْوِي ... لا تُمهِلُه الموجةُ الشِّعرية وقتاً حتّى للتفكير باللغة التي يكتُبُ بها إن كانت عربية أم إنكليزية أم مسمارية أم سنسكريتيّة !! هو غائبٌ بغُول الشعر عن الوسط المحيط ، لا محل للمادة و ملحقاتها التافهة من الإعراب في عالمه الغارق بالشاعريّة ...

الشاعر كائن يكتُبُ بالجَمَال بالحب بالهيام بالعشق بالحرب بالحريّة بالتمرد بالثوريَّة بالوداع بالغربة بالوطن بالبلاد بالموت بالولادة بالذكريات بالدموع بالدماء ... يكتب بكل شيء ... بكل شيء عدا القلم !

الحق الحق أقول لكم ... الشاعر لا يكتب بالقلم !

🍄 ثم من قال أن الشاعر يكتب أصلاً ؟؟؟

لا و الله ... الشاعر لا يَكتُب ...

إي و ربي لا يكتُب ... !

بل يرتكبُ الشعر ارتكاباً ... يقترفه اقترافاً ... يجترحه اجتراحاً ... يمارسه ممارسة ... يُشِعُّ الشاعرية إشعاعاً ... يَضُجّ العاطفيَّةَ صَخَبَاً ... يتوهج موسيقيَّاً على هيئةٍ أبجديّة ... يسيل باللهفة حبراً على الورق .... يَبُثُّ الشُّجُون بثَّاً ... ليغدوا شعوراً منبثَّاً ... فأنَّى له التفكير بالتوثيق و النشر و الشهرة ؟

تمرُّ فتاة جميلة في الكُلِّية ، فيرمي أطنانَ العشقِ من حُجُرات قلبه الأربعة على جلدة كتاب الهندسة الميكانيكية ، ليتحول الكتاب إلى أحد أسفار الشعر الخالدة و لتتحول الهندسة بعنجهيتها إلى مجرد هوامش متقزمة على حواشي السِّفْر العظيم ... !

و إذا رمقَتْهُ الحبيبة بنظرة ، اندلق من عينيه شلال من الشِّعر الأزرق على مقعد الجامعة ... ثم إذا به يُلملم ما انهمر من ماءات أشعاره بقلم ناشف على ورقة من دفتر الخوارزميات و البرمجة الروبوتيّة !

يشتاق لحليب أمه و هو في السجن ، فيَتوهّج شُجُوناً ... ثم ينقش هذه الأشجان بالدمع على جدار زنزانته ... ليتحول الجدار إلى مُعلَّقةٍ خالدة ، و السِّجنُ إلى كعبة مُشرَّفة !

🌈 #الحق_الحق_أقول_لكم .... الشاعر كائن يحيى بالحالة ليموت بمُفارَقَتِها ... ينبثق من كينونة الحدث و صيرورة التجربة الشعرية ليتلاشى بتلاشيها ...

و لتأخُذْها مِنِّي مُدوِّيَةً :

لا يمكن أن يُرتَكَبَ العملُ الشعري بغرض التوثيق و الطباعة و النشر و المهرجانات و الأمسيات و الأصبوحات و الأضواء و العدسات و التصافيق و البريستيجات ... فهذه إرهاصات الرقص الشرقي لا العمل الشعري ! ... أما العمل الشعري فيأخذُ الشَّاعرَ غدراً بطعنة في الظهر على حِين قُبلة ... ثم لا يسمح له بالتقاط أنفاسه ... فضلاً عن النشر و الطباعة و الأمسيات و الأضواء !!

هذا و قَد يُوَثَّقُ الشِّعر بالصُّدفة _ إن كُتِبَ له التوثيق _ و قد لا يُوثَّق ، فأعظَمُ الملاحم الشِّعريَّة في التاريخ ذهبت أدراج الغياب ، إذ لم تُسعِفها الظروف بالأرشفة و التوثيق ... فالشاعريّة طغت إذ تعملَقَت فكانت سيدة الموقف ... مما أدى إلى تقزُّم و تلاشي أدوات و سيناريوهات التوثيق !

و هنا نُدرك أن العمل الشعري ليس مادة كيميائية يتم تركيبها في المختبرات ثم تعليبها و بيعها لصناعة الماركات و جني الملايين !! فلا وجود لثلاثي بيكربونات الشِّعر ، ولا لرباعي أوكسيد القوافي و لا لسداسي كبريتات التصاوير المسجوعة ، اللهمَّ إلا عند هؤلاء الذين يكتبون الكلام الموزون بشكل تقليدي على البحر الكامل ... أولئك الذين يحضِّرون القلم و الورقة و فنجان ( النسكافيه) ثم يكتبون تحت المكيفات على أنغام الموسيقا الكلاسيكية التي شبعت نمطية من كثرة ما قتلَتْ نفسها تكراراً !

ترى واحدهم و قد كتب تفعيلات الخبب ثم راح يقصقص الكلمات على قدِّها ، كتلميذ الصف الرابع الذي يملأ الفراغات بالكلمات المناسبة ، ثم يمسح مخطته بطرف المقعد الدراسي !!

أَفْحِل به و أشْعِر !!

♠️♦️ الحق الحق أقول لكم ... عندما يبحث الشاعر عن الشعر يغتال مشهده الدرامي بعنجهية الأنا ... يقتل وعيه الحي بماديَّته الميتة ... يقبِضُ روح تجربته الشعرية عِزرائِيلِيَّاً ! فتغدو جثة هامدة .... ليتحول عندها إلى راصف للكلمات الموزونة المُقَفَّاة ... فالشاعر لا يبحث عن الشعر ، بل تضربه صاعقة الشعر فجأة ، فتقوم قيامته و لا تقعد بعدها ... ثم لا تقوم له قائمة عندها !!

و آخر دعوانا أَنْ طريقُ الشِّعر لا يُتَسَوَّل عَمْدِيَّةً بل يؤتى عفويةً ، كطائر الفينيق مهاجراً باللاشعور نحو الألق !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع