الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين مؤتمر التطبيع مع أسرائيل والانتخابات العراقية

نعمت شريف

2021 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


بين مؤتمر التطبيع مع أسرائيل
والانتخابات العراقية
عقد مركز اتصالات السلام (ومقره في نيويورك) في فندق ديوان الفخم باربيل مؤتمرا حضره ما يربو على الثلاثمائة من الشخصيات العراقية السياسية والشعبية ورؤساء العشائر. دعا المؤتمر الى الانضمام الى دول الاتفاقيات الابراهيمية للتطبيع مع اسرائيل كدولة قوية يمكن ان تساهم في توازن القوى بين ايران وتركيا من جهة واسرائيل ودول الاتفاقيات الابراهيمية من جهة اخرى، وكذلك الاعتراف بمظالم "فرهود اليهود" حين تم ترحيلهم الى اسرائيل اكثر من نصف قرن وهؤلاء اليهود من اصول عراقية قد يصل عددهم الان الى اكثر من نصف مليون نسمة في اسرائيل ويرغب البعض في العودة الى العراق وآخرون يرغبون في التعويض عما فقدوه في الفرهود.

بعد انتهاء المؤتمر اقامت الحكومة العراقية الدنيا ولم تقعدها حيث شجبت رئاسة الجمهورية المؤتمر وشرع البرلمان العراقي قانونا لالقاء القبض ومصادرة اموال عدد من المشاركين في المؤتمر بينهم وسام الحردان رئيس منظمة ابناء العراق وهو سني من محافظة الانبار. أن هذه الزوبعة التي اثارتها الحكومة العراقية احرجت الى حد كبير حكومة اقليم كردستان حتى اصدرت بيانا تقول فيه بانها لا علم لها بانعقاد المؤتمر في اربيل باعتبار ان التقاليد الديموقراطية لا تقتضي التضيق على حقوق التجمع والتعبير. سواءا علمت حكومة الاقليم بالمؤتمر ام لم تعلم، السؤال المحرج هنا للحكومة العراقية، وهو كيف لم تعلم وكردستان لا تزال جزءا من العراق وتتواجد المخابرات والاجهزة الاخرى في اربيل. هل يصدق ان تتواجد المخابرات الدولية ومنها دول الجوار (كما يدعي العراق بين الحين والاخر)، ولا توجد للعراق عيون واذان تنصت وتراقب الاحداث في كردستان على مدار الساعة؟ عدم العلم بالمؤتمر ان كان صحيحا فشل مخابراتي على اقل تقدير للحكومتين في بغداد اولا واربيل ثانيا.

لماذا هذه الزوبعة الان بالذات ولم يبق للانتخابات الا اياما قلائل؟ لوعدنا بالذاكرة قليلا الى ايام الاستفتاء الشعبي في كردستان عام 2017 وتداعياتها من التحرك العراقي لاستعادة سيطرتها على كركوك وغيرها من المناطق الكردستانية خارج الاقليم والتي لا تزال تنتظرالتطبيع والاحصاء لتقرير مصيرها. بالاضافة الى ان العمليات العسكرية في التون كوبري وسحيلا بعد سيطرة الحكومة على كركوك قطعت الشك باليقين ان الهدف كان تقويض النظام الحالي في كردستان. ولقد صرح رئيسا الوزراء حيدر العبادي ونور المالكي بدور ايران وبشكل خاص الجنرال السليماني في العملية برمتها. ولا زالت العلاقات بين الاقليم وايران لم تعد الى سابق عهدها او على الاقل الى ماقبل الاستفتاء العام في كردستان.

لا يزال سيل المقالات والاجراءات الحكومية تتوالى فيما يتعلق بمؤتمر التطبيع، وستستمر تداعيات هذا المؤتمرحتى الانتخابات وربما بعدها. وعلى هذه الخلفية، نرى ان هذه الانتخابات مصيرية وربما حاسمة لبعض التوجهات السياسية، وخاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار تحذير المرجعية الموقرة "من أن يتمكن أشخاص متورطون في الفساد أو غير أكفاء او اطرافا لا يؤمنون بثوابت الشعب العراقي الكريم او تعمل خارج إطار الدستور من شغل مقاعد في مجلس النواب" وبما ان وضع البيشمركة دستوري وجزء من القوات المسلحة العراقية، لذلك لم يبق امامنا الا خيار واحد وهو الحشد الشعبي الذي تأسس بالفتوى الكفائي للسيد السيستاني ونعتقد انهم المعنيون في هذه الخطبة. واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان هناك جناح موال لايران، وخلافات عقائدية واهمها موضوع "ولاية الفقية" لذلك يتوضح لنا ان المقصود هو الحشد الشعبي والجناح الموالي لايران بالذات .

واذا اضفنا قائمة مشعان الجبوري الذي يضم تواقيع 87 من قادة المعارضة ومن بينهم نوري المالكي وابراهيم الجعفري واكرم الحكيم –عن المجلس العلى – ومن الاقليم جلال الطالباني ومسعود البارزاني. كان ذلك في مؤتمر المعارضة في لندن عام 2002، ولم نر اي رد عليه لحد الان، ويسبق هذا الحدث الاتفاقات الابراهيمية بسنوات، نرى انه لا يوجد اي مبرر للزوبعة التي اثارتها الحكومة العراقية حول مؤتمر التطبيع، الا ان تكون ايران الدافع الرئيسي لها وليس الضغط الجماهيري على الاطلاق حيث انها لم تعلم الى حد كبير بما جرى في المؤتمر اولا وان تواقيع ممثلي المعارضة آنذاك هم الان في السلطة او على الاقل معظمهم.

من هذا المنطلق نعتقد ان الانتخابات القادمة ان لم تكن حاسمة لحكومة الاقليم فانها ستزيد الصراع شدة مع الحشد الشعبي وخاصة في المناطق المحاذية لحدود الاقليم الجنوبية. تراهن ايران على نجاحات كبيرة للحشد في هذه الانتخابات، واذا تحقق هذا فسيكون حاسما لمستقبل الاقليم لان ايران ستعمل على تقويض حكومة الاقليم قانونيا من خلال نفوذه على ممثلي الحشد في البرلمان العراقي، وقد حاولت كما بينا سابقا تقويض حكومة الاقليم عسكريا وفشلت، واذا لم يتسنى لها ذلك، فان الصراعات الداخلية ستكون على درجة من الحدة تنذر بالخطر، وهذا ما اشارت المرجيعة الحكيمة اليه بقولها " لما في ذلك من مخاطر كبيرة على مستقبل البلد."

اما بالنسبة لقيادات الحشد الشعبي فأنها ستواجه المزيد من الضغط لمواجهة معارضيها في الحكومة العراقية من جهة والتضييق على الاقليم والمناطق الكردستانية خارجه وستكون في وضع لا يحسد عليه من الضغط الايراني من جهة والقوى الداخلية العراقية من جهة ثانية. لا يزال الاقتصاد الايراني يزداد سوءا يوما بعد يوم وسيكون ضغطها السياسي المتزايدعلى العراق تغطية لمشاكلها الاقتصادية والسياسية في الداخل الايراني.


1 بيان مكتب سماحة السيستاني (دام ظلّه) حول الانتخابات النيابية القادمة في العراق في29سبتمبر 2021
https://www.sistani.org/arabic/statement/26536/


2 للمزيد عن خلافات الشيعة والحشد وتوجهاتهم، انظر سجاد تقي كاظم : " العزوف عن الانتخابات..(يقي شيعة العراق الاضطرابات .. بعد الانتخابات)، صوت العراق، 4 اكتوبر 2021. ..

3 مشعان الجبوري "87 شخصية عراقية وقعت على التطبيع مع إسرائيل بمؤتمر لندن عام 2002، صوت العراق، 29 سبتمبر 2021.

4 بيان مكتب سماحته (دام ظلّه) حول الانتخابات النيابية القادمة في العراق في29سبتمبر 2021
https://www.sistani.org/arabic/statement/26536/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل كانت تركيا تفضل فوز دونالد ترامب؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. نجح ترامب في الانتخابات فهل سينجح في وقف الحرب في غزة؟




.. عودة ترامب إلى البيت الأبيض..الأسئلة أكثر بكثير من الإجابات؟


.. نعيم قاسم: إسرائيل تسعى إلى تحويل لبنان إلى -ضفة غربية- جديد




.. دونالد ترامب: حققنا النجاح السياسي الأكثر روعة