الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكونلوجيا التحوّلاتية : عِلم الأكوان المتحوِّلة

حسن عجمي

2021 / 10 / 5
الطب , والعلوم


الكونلوجيا التحوّلاتية هي عِلم دراسة الكون و إمكانية تحوّله إلى أكوان متوازية مختلفة. يتضمن هذا العِلم فرضية علمية أساسية ألا و هي أنَّ عالَمنا الواقعي قادر على أن يتحوّل إلى أكوان أخرى. أما قانون الكونلوجيا التحوّلاتية فيؤكِّد على أنَّ اللايقين يساوي الاحتمالات اللامتناهية مقسومة رياضياً على الطاقة.

نظرية الأكوان المتحوِّلة

نظرية الأكوان المتحوِّلة هي فرضية علمية تقول إنَّ الكون لديه القدرة على أن يصبح كوناً مختلفاً ، أي أنَّ الكون نفسه يمكن أن يتغيّر إلى أي كون ممكن آخر من بين جميع الأكوان اللانهائية الممكنة والمتوازية. وفقاً لهذه الفرضية ، يمكن لأي كون أن يتحوّل إلى كون آخر ممكن ، مما يؤدي إلى نتيجة أنه توجد أكوان متحوّلة. تختلف هذه الفرضية عن النظرية الكلاسيكية حيال الأكوان المتوازية والمتعدّدة لأنها تعتبر أنَّ الأكوان الممكنة المتوازية والمتعدّدة موجودة بالقوة أي ضمنياً في عالَمنا الواقعي مما يسمح بتحوّل الكون إلى أكوان أخرى فيتضمن وجود أكوان متحوِّلة بينما النظرية الكلاسيكية حيال الأكوان المتوازية تصرّ على وجود الأكوان المتعدّدة في أبعاد خارج عالَمنا الواقعي. كما تتضمن فرضية الأكوان المتحوِّلة أنَّ كوننا الواقعي مليء بأكوان مختلفة أخرى من جراء تحوّل تلك الأكوان الأخرى إلى كوننا الواقعي.

الأكوان المتوازية و لامُحدَّدية الكون

الواقع هو مجموع كل الأكوان المتوازية والممكنة. هذا هو أساس النظرية العلمية القائلة بأنَّ هناك العديد من الأكوان المتوازية المختلفة كما تؤكِّد نظرية الأوتار وميكانيكا الكمّ (1). ولكن إذا كان الواقع هو مجموع كل الأكوان المختلفة الممكنة ، والتي لها حقائق وقوانين طبيعية مختلفة عن بعضها البعض ، فحينئذٍ أي واقع يجب أن يكون لديه القدرة على أن يصبح أي كون ممكناً ومتوازياً من بين هذه الأكوان المتوازية والمتنوّعة. وبذلك الواقع لديه القدرة على أن يصبح أي كون ممكناً ، تماماً كما تقول فرضية الأكوان المتحوِّلة ما يبرهن على صدقها.

الكون غير محدَّد ، بحيث أنه من غير المحدَّد ما إذا كانت الجُسيمات دون الذرية (مثل الإلكترونات) هي جُسيمات أم موجات كما تقول ميكانيكا الكمّ (2). لكن إذا كان الكون غير محدَّد ، فيمكن حينئذٍ أن يكون في أية حالة ممكنة من بين جميع الحالات الممكنة المختلفة والمتنافسة. وبالتالي ، يمكن للكون أن يتغيّر إلى أي كون موازٍ ، مما يؤدي إلى استنتاج أنَّ فرضية الأكوان المتحوِّلة مقبولة علمياً. إذا كان كوننا يفتقر إلى القدرة على أن يصبح أي كون ممكناً ومتوازياً ، فسيكون من المُستغرَب ومن غير المحتمل أن يتصرّف الكون كما لو كان متكوِّناً من العديد من الأكوان المختلفة ، كأن يكون متكوِّناً من كون فيه الجُسيمات عبارة عن جُسيمات وكون آخر مختلف تكون فيه الجُسيمات موجات بدلاً من أن تكون جُسيمات. بمعنى آخر ، أفضل تفسير لحقيقة أنَّ الكون يتصرّف كما لو كان متكوِّناً من العديد من الأكوان المختلفة هو أنه لديه القدرة على أن يكون أكواناً مختلفة ويصبح هذه الأكوان المختلفة بالفعل كلما سمحت قوانين الطبيعة أو كلما تمّ خرق قوانين الطبيعة مما يقود كوناً معيّناً إلى أن يتحوّل إلى كون آخر مختلف ، تماماً كما تقول فرضية الأكوان المتحوِّلة.

الجُسيمات جُسيمات وموجات في آن

وفقاً لهذه الفرضية ، فإنَّ للواقع القدرة على أن يصبح أي كون ممكناً. وهذا هو السبب في أنَّ الجسيمات هي جسيمات وموجات في الوقت نفسه (رغم أنَّ الموجات نقيض الجسيمات) ، كما تؤكّد ميكانيكا الكمّ. بالنظر إلى أنَّ الواقع يمكن أن يصبح كل الأكوان المختلفة ، فمن الطبيعي أن يوجد في الواقع كون تكون فيه الجسيمات جسيمات ، وأن يوجد في الواقع أيضاً كون آخر مختلف تكون فيه الجسيمات عبارة عن موجات بدلاً من جسيمات ، مما يؤدي إلى أن تكون الجسيمات في الواقع جسيمات وموجات في الوقت نفسه. هكذا فرضية الأكوان المتحوِّلة تستلزم فتفسِّر السلوك الغريب للواقع كسلوك الجسيمات (كالإلكترونات) على أنها جسيمات وموجات في الوقت عينه على الرغم من أنَّ الجسيمات هي نقيض الموجات ، مما يؤدي إلى امتلاك فرضية الأكوان الممكنة لهذه القوة التفسيرية الناجحة. وعلى ضوء قوتها التفسيرية الناجحة ، يمكننا أن نستنتج بحق بأنها فرضية صادقة. بعبارة أخرى، يتحوّل كوننا باستمرار إلى أكوان أخرى ، كأن يتحوّل إلى كون تكون فيه الجسيمات جسيمات ، وأن يتحوّل في آن إلى كون آخر مختلف تكون فيه الجسيمات موجات وليست جسيمات. وهذا هو سبب تصرّف الجسيمات كجسيمات وموجات معاً ، على الرغم من أنَّ الجسيمات هي نقيض الموجات.

لا نهائية الأكوان الممكنة والتحوّل الكوني

بالإضافة إلى ذلك ، وفقاً للنموذج العلمي السائد ، هناك أعداد لا حصر لها من الأكوان المتوازية المختلفة. ولكن إذا كانت هناك أكوان متوازية لا نهائية تحكمها قوانين مختلفة للطبيعة ، فسيترتب على ذلك رياضياً وجود عدد لا حصر له من القوانين المتنوّعة التي تحكم الأكوان اللانهائية (3). وبالتالي ، سيوجد في كون واحد على الأقل من بين هذه الأكوان اللانهائية قانون طبيعي يمكّنه من التحوّل إلى كون مختلف. وسوف يتمّ اختيار هذا الكون المتحوّل على ضوء الانتقاء الطبيعي من أجل تجسيد الأكوان اللانهائية من خلال عملية تحوّل الأكوان إلى أكوان أخرى مختلفة. الأكوان متحوّلة بمعنى أنَّ كل كون يتغيّر إلى أكوان مختلفة لأنَّ هذه هي أبسط آلية لتحقيق كل الأكوان اللانهائية.

نفي وجود آلية غريبة تمنع التحوّل الكوني

إذا لم تكن الأكوان قادرة على التحوّل إلى أكوان أخرى تمتلك حقائق وقوانين طبيعية مختلفة ، فلا بد من وجود آلية غريبة وغير مرجحة تمنع أي كون من التحوّل إلى كون مختلف. هذا هو سبب جوهري في أنه من المحتمل جداً أن تتحوّل الأكوان إلى أكوان مختلفة أخرى. إذا تخيّلنا هذه الآلية التي تمنع الأكوان من التحوّل إلى أكوان أخرى ، فيجب أن تكون هذه الآلية جزءاً أساسياً من قانون أعلى أو سوبر قانون يتحكّم في جميع القوانين الطبيعية الممكنة والفعلية لكي يمنع وجود أي قانون طبيعي قادر على السماح للكون بالتحوّل إلى كون آخر مختلف. ولكن من المُستبعَد جداً أن يوجد هذا القانون الفائق الذي يمتلك قدرة مطلقة فلا يوجد سبب لافتراض أنَّ مثل هذا القانون الأعلى والفائق موجود بالفعل.

فرضية علمية

نظرية الأكوان المتحوِّلة هي فرضية علمية لأنه يمكن اختبارها. إذا تمكّنا من العثور على آثار لأكوان أخرى مختلفة ، مثل قوانين طبيعية مختلفة ، ضمن كوننا ، فيصح حينها الاستنتاج بأنَّ الكون يمكن أن يتحوّل إلى كون آخر ، كأن يكون قد تحوّلت أكوان معيّنة إلى عالمنا الفعلي تاركة وراءها آثاراً لوجودها الماضوي. إذا كانت هذه الفرضية صحيحة ، فمن المحتمل جداً أنَّ كوننا لديه قوانين طبيعية متنوّعة، و إن كانت قابلة للتطبيق فقط في ظروف معيّنة. وفقاً لفرضية الأكوان المتحوِّلة ، الكون مليء بالأكوان الأخرى المختلفة ، مما يقود إلى احتمالات غير متوقعة.

قانون الكونلوجيا التحوّلاتية

ثمة قانون فيزيائي يسمح بتحوّل الكون إلى أكوان أخرى مختلفة ألا و هو قانون الكونلوجيا التحوّلاتية. بالنسبة إلى هذا القانون ، اللايقين يساوي الاحتمالات اللامتناهية مقسومة رياضياً على الطاقة. فكلما ازدادت الاحتمالات المختلفة إزداد اللايقين ما يدلّ على أنَّ اللايقين الأعلى يطابق الاحتمالات اللامتناهية عددياً بينما نحتاج إلى الطاقة لتحقيق أيّ احتمال ما يبرِّر صياغة القانون السابق الذي يعرِّف اللايقين الحاكم للكون وظواهره على أنه مطابق للاحتمالات اللامتناهية مقسومة رياضياً على الطاقة. يسمح هذا القانون بإمكانية تحوّل عالَمنا الواقعي إلى أيّ كون ممكن من بين كل الأكوان الممكنة المتوازية والمختلفة واللامتناهية و ذلك على النحو التالي: بما أنَّ عالَمنا الواقعي محكوم بمبدأ اللايقين (كمبدأ اللايقين لدى الفيزيائي هايزنبرغ)، و علماً بأنَّ اللايقين يساوي الاحتمالات اللامتناهية مقسومة على الطاقة، إذن اللايقين الحاكم لعالَمنا يتضمن الاحتمالات اللامتناهية المتحققة بطبيعتها في الأكوان الممكنة المتوازية واللامتناهية لكونها احتمالات ممكنة. وبذلك الأكوان المتوازية والمختلفة موجودة ضمنياً في عالَمنا الواقعي ما يمكّن عالَمنا من أن يتحوّل إلى أيّ كون من تلك الأكوان المتوازية المختلفة على ضوء القانون الفيزيائي السابق. من هنا ، توجد أكوان متحوّلة كعالَمنا الواقعي القادر على أن يتحوّل إلى تلك الأكوان المتوازية كما أنَّ تلك الأكوان المتوازية موجودة بالقوة (أي ضمنياً) في عالَمنا الواقعي ما يميِّز هذه الفرضية العلمية عن النظرية الكلاسيكية حيال الأكوان المتوازية والمتعدّدة القائلة بوجود الأكوان المتوازية في أبعاد خارج عالَمنا الواقعي.

المراجع

1- Brian Greene: The Hidden Reality: Parallel Universes and the Deep Laws of the Cosmos. 2011. Vintage.
2- Michio Kaku: The God Equation: The Quest for a Theory of Everything. 2021. Doubleday.
3- Stephen Hawking & Leonard Mlodinow: The Grand Design. 2012. Bantam.

*ملاحظة: أوضح الفيلسوف حسن عجمي مضامين هذه النظرية العلمية في مقالات منشورة في مجلات علمية باللغة الإنكليزية و روابطها أدناه.

https://www.iosrjournals.org/iosr-jap/papers/Vol13-issue5/Ser-1/F1305014142.pdf

https://www.iosrjournals.org/iosr-jap/papers/Vol13-issue4/Ser-3/G1304034142.pdf

http://www.imjst.org/wp-content/uploads/2021/08/IMJSTP29120565.pdf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان وتلقيه العلاج في باريس


.. معرض ابوظبي للكتاب يناقش مستقبل صناعة النشر في ظل تقنيات الذ




.. في تسجيل صوتى محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان


.. ابتداءً من 6 مايو | أثر الطائر الطنان | ناشونال جيوغرافيك أب




.. هكذا نحمي أطفالنا من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي