الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرض اليسارية الطائفي

آدم الحسن

2021 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


كتبوا عن مرض اليسارية الطفولي , لكننا الان , في بعض البلدان العربية و منها العراق , امام مرض اليسارية الطائفي ... !
ففي العراق اصبح ليس غريبا أن تجد من يدعي انه علماني أو يساري أو حتى شيوعي لكن عندما ندقق جيدا في الدوافع وراء طروحاته الفكرية و تحليلاته و ممارساته السياسية نجد انفسنا امام نموذج جديد من الطائفيين , و في بعض الأحيان قد تجد طائفية شخص يدعي انه علماني أكثر من طائفية الكثير من المتدينين ... !
العراق واحد من البلدان التي نجحت فيه الطائفية في التفرقة بين ابناء الشعب الواحد حيث فشل العراق كوطن في توحيدهم , و النتيجة هي ان المشهد السياسي في العراق اصبح مبني على اساس الانحياز للطوائف المذهبية أو القومية و لا نجد حضورا مهما للتيار اليساري التقدمي الحقيقي .
الأحزاب الرئيسية و الفاعلة في العراق بعد التغيير في 2003 هي احزاب طوائف مذهبية أو قومية كوردية حيث حصل اختفاء شبه تام للتيار القومي العروبي فقد امتص حزب البعث الفاشي في العراق التيار العروبي بأكمله و انتهى التيار العروبي في الساحة السياسية العراقية مع نهاية البعث الصدامي .
لا شك أن الصورة العامة للمجتمع العراقي بعد 2003 هو وجود انقسام مجتمعي حاد و تضخم كبير في الأحزاب الطوائفية , و السؤال الذي يفرض نفسه :
هل أن الأحزاب الطوائفية هي السبب وراء هذا الانقسام المجتمعي أم هي نتيجة له ... ؟ ام إن هنالك علاقة ديالكتيكية ( جدلية) بينهما ... ؟
من اغرب الادعاءات و التحليلات التي نسمعها هنا و هنالك عن سبب الانقسام المجتمعي في العراق تلك التي تعتبر أن مجريات العملية السياسية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003 هي وراء هذا الانقسام المجتمعي و كأن الوضع في العراق كان سليما و معافى و لا وجود لانقسام مجتمعي يقسم العراقيين الى طوائف مذهبية و قومية .... و للرد الموضوعي على هذه الادعاءات يمكن توضيح التالي :
لو لم يكن هنالك انقسام مجتمعي قبل ٢٠٠٣ لقاتل كل العراقيين جنبا إلى جنب ضد المحتل الأمريكي و حلفائه , حتى أكراد العراق كان من المؤكد اشتراكهم في الدفاع عن السيادة العراقية بدلا عن اصطفافهم مع المحتل في اسقاط نظام البعث الصدامي , و لما تمكن المحتل من السيطرة على العراق و احتلاله بالسهولة التي تم فيها ... حيث تم احتلال العراق في ثلاثة أسابيع فقط ...!
و الأصح هو أن لولا وجود الانقسام المجتمعي في العراق قبل 2003 لما فكرت امريكا في احتلاله اصلا , لذا يمكن باختصار وصف الوضع في العراق قبل الاحتلال بأنه كان مهيأ للسقوط في تداعيات الاحتلال الأمريكي و للأسباب التالية :
اولا : كان المكون الكوردي مستعدا للقتال جنبا إلى جنب مع المحتل الأمريكي لإسقاط نظام صدام حسين بسبب ما عاناه من إبادة جماعية في حلبجة و الأنفال و غيرها من المجازر التي ارتكبها النظام الصدامي بحق هذا المكون .
ثانيا : أما العرب الشيعة فقد كانوا غير مستعدين لمحاربة المحتل الأمريكي من أجل حماية نظام صدام حسين من السقوط و ذلك لأسباب عديدة و أخر تلك الأسباب هي حملة القمع الوحشي و المقابر الجماعية التي تعرضوا لها بعد انتفاضتهم التي يطلقون عليها الانتفاضة الشعبانية .
ثالثا : كانت إمكانيات الأحزاب التقدمية و اليسارية و من ضمنها الحزب الشيوعي في داخل العراق تقريبا ( صفر ) و ذلك بعد أن نجح نظام صدام حسين في تصفية وجودها في الداخل العراقي بالكامل تقريبا و قد كان لانعدام وجود التيار اليساري التقدمي في العراق قبل ٢٠٠٣ الأثر الكبير في تمكين التيارات الدينة من التواجد لوحدهم في الساحة العراقية و من ابرز تلك التيارات الدينية و التي كان لها حضور حقيقي في الساحة الشيعية هو التيار الصدري بقيادة الزعيم الشيعي الراحل محمد صادق الصدر , الذي تم اغتياله من قبل ازلام النظام الصدامي البائد .
و من الادعاءات الغريبة و الغير واقعية ذات الصلة بأسباب احتلال العراق هي أن هنالك قوة سياسية من المعارضة العراقية هي التي أتت بالمحتل الى العراق ...! و للرد على هذا الادعاء بشكل مختصر يمكن القول أن ليس هنالك طرف من القوي السياسية العراقية جاء بالاحتلال الأمريكي للعراق , الولايات المتحدة الأمريكية دولة عظمى بإمكانياتها العسكرية و المخابراتية و لا يستطيع أشخاص أو مجاميع سياسية عراقية توريطها في مسألة كبرى مثل احتلال العراق , لقد قررت أمريكا احتلال العراق استنادا إلى حساباتها الخاصة بها و بما يتناسب و مصالحها الاستراتيجية .
الكثير يعرفون أن هنالك في أمريكا مراكز بحوث عديدة تجري دراسات لغرض تقديمها للإدارة الأمريكية , في هذه الدراسات كل ما تحتاجه الإدارة الأمريكية من معلومات و تحليلات تساعدها في اختيار ما يناسب سياستها الاستراتيجية , و من خلال تلك الدراسات و البحوث تأكدت الإدارة الأمريكية في حينها أن المكون الكوردي العراقي سيكون مستعدا للقتال جنبا إلى جنب مع قوات الاحتلال الأمريكي و المكون الشيعي سوف لن يدافع عن نظام صدام حسين اما مقاومة العرب السنة فستكون ضعيفة .
مراكز البحوث الأمريكية و المؤسسات المخابراتية الأمريكية درست الوضع في العراق قبل 2003 بشكل متكامل لمعرفة الحالة العراقية و كانت نتيجة تلك الدراسات هي أن احتلال العراق هو امر ممكن و سهل لكنها لم تدرس جيدا ماذا بعد الاحتلال ...!
من المؤكد أن الدراسات لا تغير من الوضع و إنما تؤدي لمعرفة ذلك الوضع من أجل تغيره و بلا ادنى شك أن احد المصادر لتلك المعلومات التي وضِعَتْ امام الإدارة الأمريكية حول العراق هي من أطراف في المعارضة العراقية في الخارج التي اعطت صورة عن الوضع العراقي و كانت مطابقة للاستنتاجات الأمريكية , و من المؤكد ايضا أن الإدارة الأمريكية كانت تتوقع أن إيران ستستفيد من سقوط نظام صدام حسين لكن هذا لا يعني وجود تنسيق بين ايران و امريكا و إن ما حصل تلاقي المصالح المشتركة .
الان و نحن امام هذه الحالة العراقية المعقدة يبرز سؤال مهم يشغل اهتمام معظم الوطنيين العراقيين :
ما العمل ...؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟