الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما وراء قبعتي

سامي العامري

2021 / 10 / 8
الادب والفن


فصل من رواية قادمة مكتوبة بلغة حديثة ومازالت دون عنوان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعتمرتُ قبعتي وكانت قزحية اللون هذه المرة فناديتُ *:
أيها البَشَر
والحيواناتُ
والحشراتُ
والجراثيمُ
والشجر
شِدّوا أحزمتكم، فسأقودكم إلى مُجمّع الشياطين، أجدادي الخُلَّصِ ليجلدوا كُلاًّ منكم مليون جلدةٍ
بعد أن خيبتم ظنهم بكم فلم تتمّوا رسالتكم في الإعراب عن دهشتكم لعدم تدخُّل الله ولا ملائكته في الحدِّ من هذا الشقاء الكونيّ،
أتبَلَّدْتم أم أنتم فرحون بما أوتيتم ؟
هنا صاح رجل بهيأة لهبٍ:
أية فرحة وأنا سأخمد؟
إلهٌ لا في العير ولا في النفير.
فأيَّدتْ رجلَ اللهب امرأةٌ من دخان
وخرج دُبٌّ أسودُ
عن قطيعه المتهادي كجدولِ فحمٍ وصاح:
أُقسمُ بالثلج القطبي
ما اصطدتُ طوالَ عامٍ غيرَ سمكةٍ بحجمِ مِخلَبي
فحسدَتْني على عوائي الذئاب
فعن أية رسالة تتحدث ؟
وانبرتْ جرادةٌ من على غصن لتخطب قائلة:
إذا كان خليفتكم الإنسان نفسه عدوَّ البيئة متمثلةً بالخضرة والأشجار
أفتستكثرون علينا قَضْمةً من هنا ولمظةً من هناك؟
ثُم لمَن نشكو ؟ هل للطيور التي تتربص بنا لنستقر أخيراً في حواصلها الفارهة ؟
وبعد استراحة قصيرة قبل الإقلاع تحدثتْ جرثومة تاجية تضع على رأسها إكليلاً قائلة:
ما كان النصر من خططي ولا حصد الأكاليل
ولكني مدفوعة لذلك، مُكْرَهةٌ أختُكم لا بطلة
وأضافتْ:
ومع ذلك يستحق إنسانكم الويلَ إثرَ الويل
وكمثل دون كيشوت خليقٌ بالسخرية والإشفاق
فهو العاجز عن مقاتلةِ عدوٍّ يراه
يريد مقاتلةَ عدوٍّ لا يراه !
وفي صحيح البخاري وغلط السمرقندي
عن طاعون بن ملاريا عن التيفوئيد عن الجُذام عن السرطان عن السكريّ عن السُّل عن جنون البقر عن الأيدز عن الزهايمر قال:
قبل ألفي عام كان لرجلٍ ثورٌ حُشِر رأسُهُ في زير فأراد إخراج الثور من هذه الورطة على أن يحافظ على سلامة الثور والزير معاً فحاول ولمّا أعجزته الحيلةُ
ترك الأمر على حاله ومنذ ذلك اليوم
والناس تطلق عليه أبا المحاسن الثورزيري.
وأنهت جرثومة كورونا حديثها وهي تحوّل المايكروفون لشجرة صفصاف فقالت الصفصافة:
أمّا أنا فلو كان بإمكاني أن أثمرَ حتى ولو براغيَ أو مسامير لاهتديتُ إلى معناي في الحياة وعرفتُ من خلاله رسالتي غير أني اكتهلتُ ولم أنفع وأنتفع من شيء وحالي في هذا حال شاعركم القائل:
ولقد سئمتُ من الحياة وطولها
وسؤالِ هذا الناس كيف لبيدُ ؟
فلا يقتل الكائنَ مثلُ انتفاء الهدف
واستطردتْ قائلةً:
ولكن فجأةً برقتْ في ذهني فكرة كالإلهام فأزاحت عني مشاعر الذنب والفشل وهي أني أثمِرُ ظلالاً فسيحةً
نعم أنا التي تمنح التعب طعماً سائغاً لذيذاً، وظللتُ أفكر بهذا وكلي غبطة ونرجسية حتى تمنيتُ لو أني أستلقي في ظلي عند الظهيرة وأغفو ثم نصحو أنا والظل سويةً ونمتثل للريح واقفَين.
ولكن واحسرتاه ودون سبب محتْ الريحُ ظلالي.
وهنا هتف هؤلاء الشركاء، شركائي في الحياة من بشرٍ وحيواناتٍ وحشراتٍ وجراثيم وشجرٍ،
هتفوا بصوت واحد تسبب لي ببعض حرجٍ:
وأنتَ ما هي رسالتك وهل أتممتها ؟
حاولتُ جهدي أن أناور بالقول أن رسالتي هي الكتابة
وأحياناً الطيران.
فقالوا لي: حسناً، أرِنا كيف تطير؟
وهنا رفعتُ قبعتي وانحنيتُ كما يليق برجلٍ مهذبٍ نسبوه جزافاً لحلقات السحر
ففرشتُ جناحيَّ وكانا من سندس وحرير ومؤطرين بنمانم وخرز ونقوش بابلية وفرعونية وقوطية وممتدَّيَن من هنا إلى يوم الدين.
وكان هذا كافياً لشدَّ الأحزمة والطواف حول روحي ستة عقودٍ لأعود بَعدَها مُنهَكاً، مُنهَكاً،
ثم أهوي على فراشي كنيزك.
ـــــــــ
برلين
أيلول ـ 2021
* للكاتب في مجال السرد رواية صدرت عام 2010 عن مركز الحضارة العربية في القاهرة بعنوان: حديث مع ربة الشفاء، وكذلك مجموعة قصصية صدرت في العام 2015 عن دار سندباد في القاهرة بعنوان: النهر الأول قبل الميلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل