الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدخل لعلم السياسة

امغار محمد
محام باحت في العلوم السياسية

(Amrhar Mohamed)

2021 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


د محمد امغار
علم السياسة فرع من فروع العلوم الانسانية أي تلك العلوم التي تتخذ من الانسان في أبعاده الثقافية موضوعا لها، واذا كانت المعرفة السياسية قديمة قدم الممارسة السياسية نفسها، فان مقاربة هذا الحقل المعرفي مقاربة علمية حديثة نسبيا
وحداثتها من حداثة العلوم الإنسانية التي لم تستقل عن الفلسفة الا مع المدرسة الوضعية على يد أوكست كونت في بداية القرن 19 وبما ان علم السياسة يتضمن كلمة " علم" فان الصرامة العلمية، - وطبقا، لمقولة فولتير" اذا اردت ان تتحدث معي فعليك ان تحدد مصطلحاتك"- تتطلب تحديد المقصود بالعلم من جهة، والمراد بالسياسة من جهة ثانية.
مفهوم العلم: اذا اردنا ان نقتصر على تعريف العلم يمكن القول بان العلم يتميز عن الموضوع الذي يهتم به، ذلك ان العلم لايعتبر تكرارا للواقع ينعكس في مرآة العقل الإنسانية بل هو مجموعة من التصريحات والأقوال معبر عنها باللغة او الرموز، وهذا يعني ان ليس هناك شيء يضمن التماثل بين الواقع المدروس، والادوات المستعملة في تلك الدراسة، ومؤدى ذلك ان خطاب علمي يحتوي على جزء من الخطأ، الذي يعتبر بحسب كاستون بشلارد امتلاء أي ان الخطأ ليس فراغ بل هو امتلاء وتاريخ الخطاب العلمي هو تاريخ الاخطاء المصححة.
والخطاب العلمي كخطاب معرفي يتوخى بناء الحقيقة والوصول الى اليقينية ، لكن الحقيقة العلمية هي دائما نسبية، وقابلة للمراجعة، وهذا يؤدي بنا الى القول بان المعرفة العلمية هي معرفة قائمة على نظريات، وكل نظرية يؤدي العمل بها الى نتائج وعواقب مختلفة غير انه اذا كانت النظرية صحيحة فان النتائج المترتبة عنها يجب ان تكون حقيقية بدورها نظرا لوجود تضامن منطقي بين النظرية ونتائجها، وهذا معناه انه لايمكن ان تكون النتائج خاطئة دون ان تكون النظرية خاطئة، والنظرية كاساس للعلم هو ما يميز هذا الخطاب المعرفي عن غيره من الخطابات المعرفية الاخرى، كالخطاب الديني والخطاب الاسطوري.
مفهوم السياسة:
الاصل الاشتقاقي للسياسة في اللغة العربية مرتبط بفن الترويض والتحكم والقيادة فيقال مثلا ساس فلان الحصان بمعنى روضه او قام بقيادته، والسياسة في الاصطلاح هي فن المساوسة والتسوية.غير ان التعليل العلمي للسياسة هو تعليل يقوم على وضع الكلمة في السياقات التي تستعمل فيها، وهذا ما يحدد الاستعمالات الخصوصية، والاستعمالات الغير الخصوصية للكلمة.
والاستعمال الغير الخصوصي للكلمة يتجلى في إمكانية تغييرها بمرادف لها، وفي هذا المجال هناك ثلاثة مرادفات لكلمة سياسة وهي التدبير، الاستراتيجية، التحايل.
فالتدبير هو سياسة القطاع، ومثال ذلك القول بسياسة النقل، سياسة الصحة، السياسة التعليمية، والسياسة هنا مرتبطة بوجود مشكل يتعين حله عبر توظيف ادوات مستقلة عن ذاتية المتدخل.
اما السياسة كاستراتيجية، فهي مرتبطة بذاتية المتدخل لذلك نقول سياسة حزب او سياسة نقابة، والمقصود هنا تحقيق الاهداف المتوخاة من قبل الاشخاص بغض النظر عن موضوعية هذه الاهداف.
والسياسة = التحايل مرتبطة بقيمة قدحية، فالسياسة هنا شيء مطلق يشير الى حقل متعفن ولا اخلاقي، وهي بالتالي وفقا لهذا المرادف تعبير عن الاحتقار.
اذا كان هذا هو الاستعمال الغير الخصوصي لكلمة سياسة فان الاستعمال الخصوصي ينطلق من تحديد حقل السياسة انطلاقا من المفهوم المضاد الا وهو التقنقراطية.
واذا كانت التقنقراطية مرتبطة بالتقنية وامكانية معاجة الامور بطريقة علمية ووحيدة انطلاقا من مدونة للحلول، فان السياسة في هذا الاطار مرتبطة بكل ما هو اشكالي، والسياسي في هذا المجل لايستمد افكاره من مدونة معينة، بمعنى انه لا يعتمد على المعيارية بل ينطلق من التقدير الذاتي للأمور الشيء الذي يترتب عنه الاختيار بين حلول متعددة يؤدي بدوره الى التعسف الناتج عن التفضيل والاختيار.
والسياسة في هذا الاطار هي الاشكالية، فكل اشكالي سياسي وكل سياسي اشكالي.
انطلاقا من مقاربتنا لمفهومي العلم والسياسة يمكن تعريف العلم السياسي بانه خطاب حول خطاب، أي خطاب معرفي ممنهج حول خطاب سياسي اشكالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا