الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محو العراق (6)

عبدالحميد برتو
باحث

(Abdul Hamid Barto)

2021 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


الجُثث لا تُحتسب

ينقل كتاب "محو العراق" عبارة للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، موجهة الى الرئيس العراقي، قبل أن يُشَنَّ العدوانُ على العراق. تعكس تلك العبارة بكل وضوح: الروح العدوانية للإدارة الأمريكية، فجاجة وفظاعة غطرسة القوة وعنصريتها، هذا إضافة الى الصبيانية الطافحة وغير المسؤولة للرئيس نفسه. إنها عبارة لا تقبل غير هذه الأوصاف المذكورة أو الأسوأ منها. يقول بوش بصدد قتلى الحرب القادمة: "الأميركيون الموتى يُحسبون، أما العراقيون فلا". (الكتاب ص 167)

حذر بوش عشية عدوان 2003 من منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة العراق، من مغبة عدم الإلتزام بمواد مواثيق جنيف. بلغت الوقاحة ذروتها في ذلك التحذير، عندما سطر بعض مواد تلك المواثيق، مستغلاً بإنتهازيةِ مقتنصي الفرص، بعض مآسي إحتلال الكويت، مثل: إطلاق كل مجهولي المصير في حرب الخليج، تقدم حساب عنهم وإعادة رفات المتوفين منهم. يعلم بوش بأن تحذيره مجرد غطاء لجرائم مُعدة ومبرمجة سلفاً، وبأعلى الدرجات والمهارات الإستثنائية. يُعرف أنه يكذب وإن الجوانب الإنسانية ليست ضمن إعتبارته في الحرب والسلام. نسى بل تناسى أنه تبجح علانية، بأن أعداد القتلى العراقيين مسألة لا تدخل في حساباته وحسابات جنرالاته.

يدهش أي إنسان يتابع نفاق القيادات الأمريكية، خلال تناولها للأحداث الدولية. كذلك من طريقة تبنيها لبعض الشعارات الإنسانية العادلة، مثل: حقوق الإنسان، الحريات العامة، منع التعذيب، المساواة بين المواطنين ...الخ. وما يتعلق بتلك الشؤون. يدهش من تلك المقدرة على الكذب وتصنيع وصياغة الكذب بمهارات نادرة. يصدقها مَنْ يريد التصديق لمصلحة ما، أو مَنْ لا يتابع، أو مَنْ يغفل لبعض الوقت تحت تأثير ما.

يتوجه جزء كبير من جهود التضليل، المرتبطة بالسياسة الخارجية الأمريكية، ليس للتضليل المجتمع الدولي حسب، إنما لحساب النتائج العرضية أو الأساسية للممارسات السياسية والعسكرية الخارجية الأمريكية، على الصعيد الداخلي الأمريكي. كما تلعب في هذا الإطار، الماكنة الإعلامية المرتبطة بالطغم المالية، في كل الحالات دوراً خطيراً في الخارج والداخل الأمريكي.

قد يتوهم القارئ أني أطلق هذه الأوصاف، تحت تأثير الروح الوطنية أو الطبقية. أنقل لكم دفعاً للقضاء والبلاء، نصاً نشره المؤلفون، وهم من طرفي الكوكب أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية نفسها وما بينهما. يؤكد الكتاب موضوع بحثنا الحالي على "أن البنتاغون والمدافعين عنه سعوا، على رغم هذه الضمانات، إلى تقويض جهود إحصاء الموتى في العراق. ففي كل مرة تظهر إحصاءات بالإصابات تجريها منظمات غير حكومية أو وسائل إعلامية أو علماء أوبئة، تُرفض منهجيتها وتُهاجم صفة مؤلفيها وتوضع تقارير مضادة لها. وما من جديد في هذا، فمنذ فيتنام (النزاع الأمريكي الرئيس الأول الذي تغطيه مواثيق جنيف ظاهرياً) والولايات المتحدة تتوقع من أعدائها إحصاء الموتى، لكنها فشلت، في استمرار، في القيام بذلك بنفسها". (الكتاب ص 168)

هل هذه الحقائق المرة، لا يعرفها منزوعو الضمير، من الأشخاص والقوى العراقية، السياسية منها والدينية، التي تعاونت أو تخادمت مع المحتل. لم تكتفي تلك القوى والأشخاص بتجاهل جرائم الإحتلال، بل مررتها وأحياناً دافعت عنها. حقاً لا سقف للخيانة الوطنية. وهي حالة غذتها وتمرست عليها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، مستخدمة إضافة الى الأجهزة الأمنية المتخصصة ثمار علوم الإنسان والمجتمع والنفس، مما يجعل الجراح الإجتماعية عميقة جداً في المجتمعات المستهدفة.

لا الوقت ولا الرغبة
إستند المؤلفون في تقويم بعض مظاهر الحرب الأمريكية في فيتنام على كتاب كريس آبي الموسوم بـ: "الوطنيون: حرب فيتنام كما يتذكّرها جميع الأطراف". أكد آبي عدم اكتراث الجيش الأمريكي بإحصاء عدد المدنيين الفيتناميين القتلى ـ في مقابل احتسابه وجوهاً وحالات أكثر من عادية في أوجه وحالات الحرب.

يصف كريس آبي السلوك الأمريكي بالخزي، حين إعتبر مقياس عدد الجثث مقياس التقدم الأمريكي، دون إحصاء عدد القتلى من المدنيين الفيتناميين. كما ذكر تشارلز موهر مراسل النيويورك تايمز عام 1966 إن القول السائد بين الجنود الأمريكيين: "إذا كان فيتنامياً ومدنياً فهو فيت كونغ" ووصف ذلك القول بالشائن. أما إذا ذكر فيتنامي، يعمل مع الأمريكيين، عدد القتلى المدنيين الفيتنامين نتيجة للقصف الأمريكي، الذي إستدعاه بنفسه، فلا تُمرر تلك المعلومة الى الإدارة في سايغون، العاصمة السابقة لجمهورية فيتنام الجنوبية قبل تحريرها.

يرى مسؤولون أمريكيون عام 1966، وكذلك أتباعهم الفيتناميون في سايغون، بأنه لا جدوى من إحصاء عدد القتلي بين المدنيين الفيتناميين في الحرب (استمرت الحرب بين عامي 1954 و1975)، وهو أمر غير عملي على حد إدعائهم. كما ذكر الكاتب والصحافي نيل شيهان الفائز بجائزة بوليتزر، التي تقدمها سنوياً جامعة كولومبيا بنيويورك: ليس لدى مسؤولي الولايات المتحدة وفيتنام الجنوبية "لا الوقت ولا الرغبة" في تقويم كامل التكاليف البشرية.

تفرد السيناتور الأمريكي أدوارد م. كنيدي في بذل الجهود للتعرف على أعداد الضحايا. هو من بين أبرز منتقدي الحرب الأمريكية في فيتنام. قاد كنيدي الجهد الحكومي للتعرف على الإصابات المدنية. قامت اللجنة الفرعية في مجلس الشيوخ المختصة بشأن اللاجئين، التي ترأسها كنيدي بين الأعوام 1967 ـ 1975 بإحصاء تلك الإصابات.

قَدَّرَ كنيدي أن واحداً من كل ثلاث إصابات، لم يصل الى المراكز الطبية. بلغت الإصابات منذ عام 1965 حتى عام 1972 نحو 1,1 مليون إصابة مدنية. وما يزيد عن 325 ألف حالة وفاة في فيتنام الجنوبية.

لم تصل لجنة كنيدي الى تقدير بصدد الوضع في فيتنام الشمالية. لكنها أشارت الى عدد اللاجئين بسبب القصف الأمريكي. بلغ أكثر من مليون لاجئ. وهو ما لم تصل إليه المصادر الرسمية الأمريكية. كما أشارت اللجنة الى الأضرار البالغة التي أصابت المنشآت الطبية، المدارس، المنازل والمراكز الثقافية في مختلف أرجاء البلاد.

على الرغم من أن جهود لجنة كنيدي، لا تصل الى نتائج دقيقة، لكنها تعطي مؤشرات قريبة الى الواقع ومؤثرة في الرأي العام. بديهي أن يستمر البنتاغون في المسؤولية عن الحروب وتغطية ما يمكن تغطيته. يظل البنتاغون في أبعد إعتراف له، بأنه لا يضرب الأهداف المدينة إلاّ عرضاً.

قد لا نعرف أبداً
إستخدم البنتاغون خلال غزو غرانادا كلمات طنانة أيضاً، مثل: ممارسة "العناية الجراحية" و"القوة المحدودة" وغيرهما من أوصاف التمويه للتعبير عن سلوك الجنود الأمريكيين. لم يمضي على الغزو سوى إسبوع واحد، حتى بدأت ماكنة البنتاغون الإعلامية بنشر خبر مقتضب عن قصف مستشفى للأمراض النفسية. خلف القصف عدد من الضحايا. جاء في البرقية: بلغ عدد القتلى 12 قتيلاً، ومن المتوقع إستخراج أربعة أو خمسة آخرين من تحت الأنقاض.

سبق البنتاغون هذا الإعتراف بالقول: إن المارينز لا يعلمون شيئاً عن قصف المستشفى. لم يشاهدوه لأنه لم تطلق عليهم نيران منه. برر عدم ذكره للقتلى، بأن العادة في غرانادا تقتضي دفن موتاهم بسرعة.

إستمر التشويش الإعلامي حول عدد القتلي المدنيين خلال غزو بنما أيضاً. وصف وزير الدفاع الأمريكي ديك تشيني غزو عام 1989 لبنما للإطاحة بحكومة مانويل نورييغا، بأنه "عملية جراحية". إتسم خلالها سلوك الجنود الأمريكيين بالحرص الشديد. نفى ديك تشيني سقوط ضحايا بين المدنيين. ثم رَفَضَ تقديمَ أعدادٍ عن الإصابات. أعقب ذلك صدور بيانات تتضمن أعداداً وتقديراتٍ متضاربةٍ كالعادة.

إنتقد المدعي العام الأمريكي رامسي كلارك الدوافع، التي تقف وتمكن خلف عدم دقة المعلومات. أكد على أن التاريخ والإنسانية والمستقبل يريدون معرفة إحصاء الحكومة للجثث. كما أوفدت منظمة أطباء بلا حدود وفداً من الأطباء لتوثيق حصيلة الغزو على المدنيين.

أشار تقرير المنظمة الى مقتل 302 شخص من المدنيين البنميين، ونحو ثلاثة آلاف مدني إحتاجوا الى خدمات طبية. هذه الأرقام أعلى بكثير من تقديرات البنتاغون، التي أشارت الى مئتي قتيل و1502 جريح. أعترفت المصادر الأمريكية بثلاثة آلاف شخص تهجروا بسبب الغرو من عدد الذين هجروا فعلاً. وقد وصل عددهم الى 18 ألفاً. وبصدد عدم تقديم المساعدات للمهجرين، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، بأنهم هم لم يطلبوا المساعدة.

تكرر ذات السلوك الأمريكي بصدد القتلى المدنيين في حرب الخليج الأولى. فقد أعلنت الرئاسة الأمريكية والبنتاغون منذ بداية الحرب أنهما غير معنيين بإحصاء عدد القتلى من المدنيين والعسكريين العراقيين.

أعلن قائد القوات الأمريكية نورمان شوارزكوف في أول مؤتمر صحفي عقده بعد إندلاع الحرب، بأن لا فكرة لديه عن الإصابات في صفوف العراقيين، ولن ننخرط في إحصاء الجثث. أما المتحدث بإسم القيادة المركزية الأمريكية في الرياض، فقال: "لا نحصي الجثث ولا ندفن الموتي". لكنه إستدرك قائلاً: "إن التخلص من الجثث يقع على عاتق السعوديين". (الكتاب ص 173)

تسأل الكتاب بسخرية لاذعة: وبعد قصف ملجأ العامرية ومقتل 200 إمرأة وطفل نتيجة للقصف الجوي: لم يجري إحصاء الجثث؟ سحب الكتاب أي إمكانية لتبرير تلك الفعلة المروعة. ذلك من خلال التأكيد، على ما أشار إليه تقرير منظمة (هيومان رايتس ووتش)، بأنه لا توجد أي دليل على وجود أي مسؤول في الحكومة العراقية بالملجأ.

فسر الصحفي الأمريكي جون كوشمان في النيويورك تايمز، الإحجام الأمريكي عن ذكر الإصابات بين المدنيين العراقيين، بالخشية من ردود أفعال وغضب شعوب الدول العربية في مصر وسوريا، التي شاركت في تلك الحرب. أشار بصفة خاصة الى الأردن. يرى أن الإصابات العالية، قد تفقد الحماسة للحرب عند الحكومات العربية المشاركة فيها، وتشعل الإضطرابات في داخلها.

كان التعتيم والصمت الأمريكي عن الإصابات المدنية في العراق مطلقاً. هاجم الرئيس الأمريكي جورج بوش نفسه المعلومات الرسمية العراقية حول أعداد الضحايا، وإعتبرها محض أكاذيب.

لكن ما نشرته الباحثة الحكومية والموظفة الأمريكية بقسم الأبحاث في مكتب الاحصاءات الدولي بيث أوزبورن دابونتي عام 1991 يُعد فضيحة مدوية. إن إختصاص ذلك المكتب، هو تقدير نفوس الدول الأخرى. كُلفت دابونتي حينذاك بتقدير عدد نفوس العراق. طلب منها تقدير أعداد العراقيين، الذين ماتوا نتيجة للحرب. توصلت دابونتي الى أن عدد الذين قتلوا على أيدي القوات الأمريكية وقوات التحالف مباشرة، كان 13 ألف شخص. وإن 70 ألفاً ماتوا نتيجة لتدمير البنى التحتية وسوء حالة الخدمات الصحية.

شعرت هذه الباحثة بمسؤوليتها إتجاه دافعي الضرائب، الذين من حقهم الإطلاع على الحقائق. عندما نشرت الصحافة مطلع عام 1992 معلوماتها، طردت من وظيفتها على الفور. نشرت المصادر الرسمية الأمريكية تخفيضاً لعدد القتلى من 13 ألفاً الى خمسة آلاف، وأزالوا الرسم البياني الذي يبين أعداد القتلى من النساء والرجال والأطفال.

كما إلتزم البنتاغون الصمت عام 2002 حول أعداد القتلى في أفغانستان. لكن الصحفيين والمنظمات غير الحكومية ذكروا أرقاماً تصل الى عشرين ألفاً من الضحايا المدنيين. كانت طبول الحرب على العراق تقرع في تلك الفترة. وقد تنبأت دابونتي عام 2003 بأن ذات السلوك سيظهر عند شن الحرب على العراق.

إحصاءات متضاربة
حافظ البنتاغون في المراحل الأولى من الحرب على العراق، على سياسة "اللاأدرية في شأن الإصابات" المدنية. كان موقف وزير الدفاع دونالد رامسفلد والناطقين الرسميين موحداً: "نحصي عدد الجثث". نشر البنتاغون في عام 2006 أولى المعلومات غير الدقيقة. بعد تزايد الضغط لمعرفة الأعداد، وبعد أن نشرت مجلة "ذي لانست" الطبية البريطانية ذات السمعة الطيبة رسوماً بيانية عن الإصابات المدنية، بعد أن رفعت السرية عنها.

لعبت المنظمات الأهلية دوراً مهماً في عمليات الكشف عن الإصابات بين المدنيين. على الرغم من ضعف إمكانياتها في توفير إحصاءات كاملة، لكنها تعطي مؤشرات مهمة عن حالة يراد طمسها تماماً. ومن تلك المنظمات: "إحصاء جثث العراق" و"الحملة من أجل المدنيين الأبرياء في النزاع".

تظل خسائر المدنيين مستمرة حتى بعد نهاية الحرب، من جراء الألغام والتأثيرات الأخرى. يعاني العراقيون الى اليوم من تأثيرات أسلحة اليورانيوم المنضب، التي إستخدمت عام 1991 و2003. وليس من السهل تتبع الحالة وتأثيراتها بعد نهاية الحرب.

إن تناول الإدارات الأمريكية لمسألة إحصاء القتلى في حروبها شكلياً، ولا يتسم بروح المسؤولية. بالنسبة لها الأمر مجرد مراوغات، من أجل تحمل أقل ما يمكن من المسؤوليات الأخلاقية عن قتل المدنيين. تنحصر المسألة الأخلاقية هنا بحدود معناها الضيق جداً والمشوه، أي بالمردود السلبي لحجم القتل على الرأي العام، والعمل على التستر الى أبعد الحدود الممكنة.

إستخدمت لجنة الإنقاذ الدولية عام 2000 عالم الأوبئة لس روبرتس لتحديد العدد الإجمالي لضحايا الحرب الأهلية في الكونغو. درس وفريقه عينة من عوائل الضحايا لتقدير أعداد الضحايا والأعداد التي يمكن إعتبارها مفرطة. وجد صلة بين العنف المباشر والموت كنتيجة غير مباشرة لذلك العنف، عبر الأمراض وغيرها. ألقى باللوم على العنف الذي تسبب بغياب المعالجة.

وصل فريق لس روبرتس الى خلاصة، تفيد بأن إرتفاع أعداد ضحايا الموت العنيف يَرفع بدوره أعداد ضحايا الأمراض المعدية وسوء التغذية، حيث الوصول الى الخدمات الصحية صعب في مناطق العنف، وكذلك بالنسبة الى الهاربين من مناطقهم للإبتعاد عن الإضطرابات.

ازدواج المعايير
رحبت الحكومة الأمريكية وسائل الإعلام بمعطيات دراسة روبرتس وفريقه. كما إستخدم وزير الخارجية كولن باول أرقام تلك الدراسة في إحدى تصريحاته، دون الإشارة إليها. وبادرت السي. أن. أن. بإنشاء موقع على الإنترنت، تحت عنوان "إحصاء الموتى في الكونغو". ثم دُعي العالم روبرتس للإدلاء بشهادته أمام الكونغرس. وأخيراً، قرر البيت الأبيض منح الكونغو عشرة ملايين دولار.

بعد مرور أربع سنوات على تلك الحماسة الأمريكية، على حقوق الإنسان المستباحة، بالحرب الأهلية في الكونغو. ظهرت حقيقتها عندما مَسَّ الأمرُ مصالحَها. قرر ذات عالم الأوبئة روبرتس وفريقه الإهتمام بقتلى العراق. عندها لم تسمح الحكومة الأمريكية له ولهم بتحقيق مشروعهم ورغبتهم في العراق، مما إضطره وفريقه الى دخول العراق متسللين عبر الأردن بسرية تامة.

كانت نتيجة الدراسة تشير الى 100 ألف حالة موت مفرط، أي خارج العمليات العسكرية، وفي صفوف المدنيين. هنا جاءت الإنتقادات الأمريكية العنيفة ضد الدراسة والتشكيك بنتائجها ومنهجها. تجاهل المسؤولون الأمريكيون، أنهم سبق لهم كيل المدائح لذات العالم المتخصص في علوم الأوبئة وفريقه ومنهج الدراسة الإحصائي المعتمد. إنه تصنيع النفاق الدائم في السلوك العملي للسياسة الخارجية الأمريكية.

أهون الشرين؟
واصل قادة دول التحالف في الحرب على العراق محاولات تقليل عدد الإصابات المدنية من الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش مروراً برئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الى الناطقين العسكريين بإسم قوات التحالف الدولي. ظل هذا الشأن أمر يؤرقهم في معظم المؤتمرات الصحفية.

لا يزال العدُ مستمراً، بوش يتحدث عن 16 ألف إصابة، وزارة الصحة العراقية الى 150 ألفاً. الى أن جاءت الدراسة الثانية لمركز اللاجئين والإستجابة للكوارث في جونز هوبكينز عن الوفيات المفرطة في العراق بين 18/3/2003 وحزيران/ يونيو 2006. قد قدرت بـ 654965 شخصاً. كما سبق هذا التقرير تقرير لـ "لانست" وأعقبه آخر أثار تساؤلات كثيرة.

فتح الخزنة
نُشرت معطياتُ البنتاغون عن الإصاباتِ المدنية في تقرير فصلي حمل أسم "قياس الإستقرار والأمن في العراق.". شرعت وزارة الدفاع منذ العام 2005 في وضع هذا التقرير. رُفعت السرية عن نهاية 2006. ففي التقارير السابقة كانت تخلط أعداد العسكريين والشرطة والمدنيين. كشف هذا التقرير تضاعف أعداد المدنيين ثلاثة أضعاف.

تبين من خلال التقرير أن البنتاغون يسجل الإصابات المدينة في الأقل من نسيان أبريل 2004. كل تقاريرهم غير متكاملة. حتى عام 2009 ظهراً 13 إحصاء متضاربة فيما بينها. إن التضارب في الأرقام يتراح بين 50 ألفاً وأكثر من مليون حتى عام2007.

تتعامل القوى الكبرى الساعية الى الهيمنة، التسلط، مدّ النفوذ، الربح التجاري وفرض مصالحها الخاصة على الآخرين بغطرسة، قد تُعميها أحياناً عن رؤية الواقع فيها وحولها. ينقص سلوكها المصداقية، خاصة حين تكون تلك الحالة، مصحوبة بقدر كبير من العنصرية والعقائد المريضة والأوهام. تتعامل القوى الكبرى مع أرواح البشر، على أنها مجرد أرقام بلا روح، وبلا قيمة، ولا موضوعات وأحاسيس وحقائق إنسانية.

يتبع: محو العراق (7)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ