الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من رواية (موطن الخيبات) فاضل العتابي

العتابي فاضل

2021 / 10 / 11
الادب والفن


تذكر الرجل الذي مد له يد العون وهو طفل كالمشرد حين كان يجوب السوق لحمل حاجيات المتسوقين مقابل مبلغ بسيط وآواه حين كانت زوجة أبيه توغل في تعذيبه والتنكيل به وتستولي على ما كان يعود به من مبلغ بسيط،
تذكر حين حدثه عن نفسه ذات ليلة باردة وهو يسهر من أجل إنجاز طباعة كتاب وهو بجانبه في المطبعة، حدثه عن شبابه وعن أيام نضاله في الحزب،
حيث قال له: ولدت في محافظة الناصرية جنوب العراق، بالتحديد في قضاء الشطرة لعائلة ميسورة بعض الشيء، كان جدي لأبي يعمل قاضياً في فترة الحكم الملكي لذلك حملت العائلة لقب القاضي،
كنا شباباً ندرس ونحمل هم الشعب نرى الفقر بأعيننا، عامة الناس بالكاد تكسب قوتها وهناك طبقتان: طبقة تستولي على كل شيء وأخرى لا تحصل على شيء، كنا ثلة شبابية نكافح ظلم المتسلطين وأصحاب الإقطاعيات الكبيرة الذين يمتصون دم الفلاح وتعيش أفواج من الخدم والعبيد في بيوتهم.
لذلك انخرطنا في النضال مبكراً وأصدرنا أول الأمر منشورات نكتبها بخط أيدينا ونوزعها على الطلبة ، ومن ثم صرنا نوزعها في أنحاء المدينة ليلاً وسراً خوفا من بطش السلطة، وكنا نملأ جدران الأحياء بكتابة الشعارات السياسة المناهضة للسلطة.
حين علم والدي بما أقوم به من خلال عثوره على بعض المنشورات في غرفتي حيث كنت أخبئها سرا في دارنا لعدم وجود أي شبهة على والدي، كوننا من العائلات الميسورة، وبخني وحذرني من مغبة أن أواصل هذه الأعمال الصبيانية.
والدي كان يعمل قائم مقام براتب جيد وورث عن جدي بعض الأملاك والأراضي الزراعية، لذلك وضعنا المعيشي يختلف عن باقي الأسر الفقيرة.
وتكررت محاولات أبي في كشف المنشورات وبعد ملاحقة السلطة لبعض المشتبه بهم قرر والدي أن يرسلني إلى بغداد للدراسة هناك كي يتجنب غضب السلطة ويبعدني عن ما كنت أمارسه من نشاط.
لكن في بغداد، وبعد قدومي بفترة بسيطة قامت ثورة تموز وتم إسقاط الملكية. واصلت دراستي وعملي الحزبي في بغداد، تخرجت من كلية الحقوق وكان أبي يتوسم أن أكون ذا شأن في سلك المحاماة.
لكنني خيبت ظنه حيث عملت في إحدى الدوائر الحكومية براتب وتعرفت على والدة شذى وهي إحدى الرفيقات في الحزب، وتزوجنا بعد رحلة حب ونضال معا حيث بدأت السلطة بملاحقة الشيوعيين وزجهم بالمعتقلات، وتم فصلي من الوظيفة بعد أن تم اعتقالي، من بعد أن أطلق سراحي ، ولدت لي فكرة إنشاء مطبعة كعمل أعيش منه وأساعد الحزب على طبع المنشورات وما يطبع من كتب تخص الحزب.
لاقينا شتى أنواع المطاردات والاعتقالات على يد السلطة بعد انقلاب شباط حيث ضجت السجون والمعتقلات بالكثير من الرفاق بعد الانقلاب وقيام الحرس القومي بممارسة دوره في القمع الممنهج من أجل إسكات الأصوات النضالية الواعية،
وكم وكم من المرات يتم غلق المطبعة ومصادرة المطبوعات ونعود من جديد لممارسة عملنا فيها بعد رفع الحضر عنها وها أنت ترى اليوم كم وكم من المضايقات نتعرض لها من السلطة التي انقلبت على نفسها في انقلاب تموز الثاني وكيف اعتلى المناصب بعض المنتفعين الذين هم بالأساس قتلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب