الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء بوتين - أردوغان ، ظروفه ، وآفاقه

محمود جديد

2021 / 10 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


========================

عُقِد اللقاء بين الرئيسين في 29 / 9 / 2021 في ظروف ضاغطة على الطرفين ، فأردوغان عاد من أمريكا خالي الوفاض ، وخائب الرجاء ، جريح الكرامة، لأنّ بايدن رفض لقاءه، إذ كان يأمل بعقد اجتماع ناجح معه، يسند عليه ظهره أثناء لقائه مع بوتين ، ولهذا كان تعليقه العنيف ضدّ الرئيس الأمريكي حادّاً ومباشراً، حيث قال: إنّ بايدن يوزّع السلاح الأمريكي على قوى الإرهاب في سورية، وإنّ بلاده لم تصل إلى "نتائج مأمولة" مع الرئيس الأمريكي جو بايدن فيما يخصّ العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أنه لم يشهد مواقف شبيهة بمواقف بايدن مع أي رئيس أميركي سابقا، ولا يجب كحلفاء في "الناتو أن نكون في مثل هذه الحالة "
وإذا أضفنا إلى ذلك،خيبة أمله من المساعدات الأوربية في السنوات الأخيرة كمساهمة من بلدانها في تحمّل الأعباء التركية المادية تجاه اللاجئين السوريين ، (وابتداء أزمة جديدة مع هؤلاء اللاجئين بسبب المعاملة السيّئةلهم مؤخّراً من السلطات التركية، والمعارضة ) ، ومن عدم إمكانية قبول تركيا في الاتحاد الأوربي ، وتراجع الاقتصاد التركي ، وانخفاض حاد في قيمة الليرة التركية تجاه الدولار .
وحول سورية، وجّهت القيادة الروسية قبل الزيارة نقداً ولوماً لأردوغان، لتقاعسه عن تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه بين الرئيسين في سوتشي قبل عام ونصف ، فيما يخص انسحاب الفصائل المسلحة من جانبي طريق : إم 4 ( اللاذقية - جسر الشغور - حلب ) بمسافة 4 كم ، كما أنّ موقف الأتراك تجاه مسألة شبه جزيرة القرم والانتخابات الروسية هناك سبّب امتعاض الروس ، وقد عبّرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية زاخاروفا بتصريح إعلامي عن ذلك ، وكذلك التباينات في الصراع الأزربيجاني - الأرمني... الخ ، وهنا من المفيد أن نشير إلى أنّ اللقاء تمّ بين الرئيسين وحيدين لمدة حوالي 3 ساعات ، بعيداً عن الصحافة ، وبدون مشاركة أيّ من المسؤولين الروس أو الأتراك، وهذا له مغزاه السياسي، وسيكشف كلّ منهما المستور للآخر دون حرج ، ومن المحتمل، أن يكون أردوغان قد سمع نقداً عالي النبرة ، وعتباً صريحاً ، وواضحاً من بوتين .

المصالح الاقتصادية المشتركة بين تركيا وروسيا :
————————————————————-
- وصول الغاز الروسي إلى الموانئ التركية ، وتصديره منها إلى بعض الدول الأوربية ، والفوائد التي يجنيها الطرفان من ذلك .
- صفقة الصواريخ إس 400 المنجزة سابقاً ، والصفقة الجديدة، وقد تعرّض أردوغان إلى نقد من دول الناتو ، وتهديد اقتصادي وتسليحي من إدارة ترامب ، ثمّ من إدارة بايدن بسبب ذلك .
- توجد مصلحة روسية لدق أسافين، وخلق تناقضات بين تركيا، وبقية أطراف الناتو .
- السياحة الروسية في تركيا المجزية إلى أردوغان، وقد بلغت قبل اشتداد أزمة الكورونا حوالي 6،5 مليار دولار سنوياّ .
- بناء مفاعل نووي روسي في تركيا ، ويطمح أردوغان بعقد صفقة مفاعلين آخرين إضافيين .
- طموح روسي - تركي لزيادة التبادل التجاري بين البلدين إلى مائة مليار دولار في المستقبل غير البعيد. .
وبذلك نستنتج أنّ كلّ منهما لا يريد التصعيد لدرجة القطيعة ، أو التصعيد لدرجة المواجهة المباشرة في الميدان بين الطرفين .

النتائج المعلنة ، والمحتملة عن اللقاء :
————————————————-
لم يصدر عن اللقاء شيء مكتوب أو مسموع مشترك ، ولذلك تبقى تصريحات كلّ منهما هي المستند الصحفي لبناء التحليل السياسي ، وكانت حصة بوتين ضئيلة كعادته ، حيث اكتفي أثناء الترحيب بقدوم أردغان بالقول : " إنّ المحادثات بيننا تواجه صعوبات أحيانا، لكنها تفضي إلى نتائج نهائية إيجابية، وتعلمت مؤسساتنا المختصة إيجاد حلول وسط تصب في مصلحة كلا الجانبين". وفي ختام اللقاء ، قال : " إنّ روسيا وتركيا تتعاونان بشكل ناجح في سوريا . "
بينما أردوغان كان غزير التصريحات ، حيث قال : إنّه بحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائهما أن الوقت حان لتطبيق "حل نهائي ومستدام" للنزاع في سوريا، وخاصة في محافظة إدلب.
ولا حظوا هنا ، أنّه لم يذكر شيئاً محدّدا حول طبيعة ، أو أسس هذا الحلّ ، فهو موقف زئبقي ، بابه عريض جداً صالح للاستعمال في المستقبل وفق تطوّر الظروف والحاجة .
وأعرب الرئيس التركي عن التزام أنقرة الثابت بكافة الاتفاقات المبرمة مع روسيا بشأن سوريا، مشددا على أنه "لا عودة عن ذلك".
وهنا نلاحظ أنّ النقطة الوحيدة التي أكّد وشدّد عليها أردوغان هي التزامه بالاتفاقات السابقة ، وهي أضعف الإيمان ، وأقلّ الالتزامات، ولا تشبع فضول المتتبعين السياسيين لهذا اللقاء ، ولا تتناسب مع ماتسرّب من أقاويل عن تهديدات بوتين بضرورة إخلاء تركيا لست نقاط تركية داخل الأراضي السورية ، وإلّا ستقوم روسيا وسورية بإخلائها بالقوة ، ويُشاع ( أكرر إشاعة ) بأن استقالة خمسة جنرالات ، و300 عقيد من الجيش التركي كان بسبب هذا التهديد ، فهم لا يريدون أن يُحاكموا بالتخاذل مستقبلاً، لأنّهم يرون أنّ المعركة ستكون خاسرة . وهنا وجدت نفسي مضطراً للتوسّع في هذه النقطة، وأعطيها حقّها ، وأترك تصديقها من عدمه للآخرين .
كتب أليكسي سيتنيكوف، في "سفوبودنايا بريسا"، حول الأسباب الكامنة وراء موجة الاستقالات الكبيرة بين كبار ضباط الجيش التركي.
وجاء في المقال: "يسعى كبار الجنرالات المسؤولين عن العمليات العسكرية التركية في سوريا إلى الاستقالة وسط تصاعد التوترات في إدلب، ما يثير تساؤلات حول سياسة أنقرة في سوريا". هذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه / متين غوركان / في مجلة المونيتور "نبض تركيا"، والذي يستحق رأيه اهتماما خاصا، على الأقل لأنه أحد مؤسسي الحزب السياسي الجديد "الديمقراطية والتقدم"، وعمل أيضا في أفغانستان وكازاخستان وقيرغيزستان والعراق كمستشار عسكري تركي من 2002 إلى 2008. باختصار، إنه شخص مطلع، والأهم من ذلك أنه مستقل عن رئيس تركيا الحالي.
للوهلة الأولى، يبدو الأمر أشبهه بالتطهير الذي جرى على خلفية "الانقلاب"، عندما تم اعتقال مئات الضباط واستقالة حوالي 120 طيارا مقاتلاً.
ولكن الاستقالة الجماعية لكبار الضباط الآن لا ترتبط بمحاولة الاستيلاء على السلطة، بحسب المعلق في المونيتور "طلبات الاستقالة المفاجئة من جنرالات ذوي خبرة واسعة وسيرة مهنية رائعة مؤهلة لترقيتهم أمر غير مألوف في التقاليد العميقة الجذور للجيش التركي، وخاصة في ذروة المهام الحاسمة".
وبحسب المونيتور "نبض تركيا"، كأن بوتين قد طلب من أردوغان إزالة ستة مواقع للجنود الأتراك، وإلا فسوف يواجهون فيها موتا محققا. الحديث يدور عن المنطقة الواقعة بين إدلب وسراقب شرقي المحافظة، الأمر الذي سيمهد الطريق لقوات الأسد لمهاجمة إدلب وتحريرها لاحقا.
وهذه الخطوة تعني أن موسكو لم تعد ترى حاجة إلى التعاون مع تركيا في إدلب.
بعد عودة أردوغان، لم يتغير الوضع بخصوص الاستقالة الجماعية لكبار الضباط الأتراك، وهو ما يعني، بشكل غير مباشر، أن الطرفين لم يتفقا، فالهجوم السوري على إدلب مؤجل في أحسن الأحوال، وكذلك سحق الجيش التركي في سوريا. ويبدو أن هذا صحيح، لأن استقالة الجنرالات والعقداء يمكن تفسيرها كمحاولة لحماية النفس من ملاحقة قضائية على الهزيمة القادمة.
( انتهى الاقتباس الطويل،فالمعذرة)
وبالإضافة إلى هذا كلّه، فإنّ الرئيس التركي أشار إلى أنه ذكّر بوتين بوجود مكتب لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية في موسكو (التي تعتبرها أنقرة تنظيما إرهابيا)، مبديا استعداد تركيا لتعزيز التضامن مع روسيا في مجال مكافحة الإرهاب.
وقال، في إشارة إلى "حزب العمال الكردستاتي" و"وحدات حماية الشعب": "يجب تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع روسيا بشأن إنهاء وجود تنظيم "بي كا كا/ي ب ك" الإرهابي بسوريا".
وأخيراً ، نستطيع القول : إنّ اللقاء لم يكن واضح النتائج ، ولهذا السبب لم يصدر بياناً صحفيّاً عنه ، وتمّت إحالة النقاط المختلف عليها إلى وزيري الدفاع والخارجية لكلا البلدين لمعالجتها ، وإيجاد القواسم المشتركة للتفاهم حولها ، وحسب تقديرينا ، أنّ أردوغان لا يزال عاقد الأمل على لقائه ببايدن في اجتماع قمة العشرين في الثلاثين من الشهر الحالي ، وعلى ضوئها يتخذ القرار المناسب كما يراه ، وخاصة أنّه يجمع بإتقان بين الديماغوجية ، والبرغماتية ، وقدرته على التوظيف الذكي للموقع الجيوسياسي لتركيا ، ولعضويتها في " الناتو " ، ولا سيّما أنّ الجيش التركي يحتل المرتبة الثانية فيه بعد الجيش الأمريكي ، ولمهارته ورشاقته في القفز على الحبال السياسية على الصعيد العالمي ، ولكنّ سقطة الشاطر بألف وقد تنكسر رجلاه .. وبالمقابل فإنّ النظام السوري يتطلّع إلى إعادة السيطرة على محافظة إدلب بعدما نجح بمساعدة الروس ، وتلاؤم الظرف الدولي على إعادة السيطرة على محافظة درعا ، كما أنّ الروس متمسّكون بفتح طريق إم 4، وإبعاد المسلحين عن جبل الزاوية ، وسهل الغاب ، والقسم الشمالي الشرقي من محافظة اللاذقية ، وبذلك تتأمّن قاعدة حميميم الجوية بنطاق حيطة وأمن كافيين من صواريخ المسلحين الإرهابيين، وغير الإرهابيين ، ومسيّراتهم ، والتي استمرّت بعد اللقاء ، والكرة الآن في مرمى وزراء الدفاع والخارجية الروس والأتراك ، والذين تعوّدوا أن تكون لقاءاتهم منجزة قبل لقاء القمة بين الرئيسين ، "وإنّ غدا لناظره قريب ". .
في 11 / 10 / 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا