الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في نص -سقوط- ق ق ج للمبدعة فاطمة الزهراء العلوي / عايده بدر

عايده بدر
باحثة أكاديمية وكاتبة شاعرة وقاصة

(Ayda Badr)

2021 / 10 / 12
الادب والفن


سقوط .. / زهراء /
عُلقت ""الـ شكارة ""على سور المدينة
حين هَبََط َالليل ، انتزعَها ..
وقبل أن يطْلق ساقيه للريح
سقطت المدينة ..

القراءة / عايده بدر


هل يمكن أن تكون مفردة ما هي بطل الومض السردي؟ ولعل نصك هذا أجاب على سؤالي .. فتيمة السقوط التي اشتغل عليها النص حققت له اتجاهين ليسا مختلفين لكنهما يصبان في جهات متعددة فقد حققت الإيجاز والعمق في ذات الوقت
لم تقتصر الزهراء فقط على اختيار هذه التيمة القوية لكنها أيضاً استخدمت أدواتها الاحترافية في تشكيل البناء مستخدمة نفس المفردة بأكثر من صورة ... فقد جاء السقوط في النص بهيئتين مختلفتين : بهيئة اسم مرة نجدها في العنوان "سقوط" ثم بهيئة فعل مرة أخرى نجدها في جملة "سقطت المدينة"
وربما هذا ما منحنا العمق الذي نستشعره فالسقوط بهذا الشكل تم على مستويين مختلفين أيضا : فهو سقوط مادي وسقوط معنوي بذات الوقت
وسندرك من خلال تتبعنا لخط النص هنا كيف أن مفردة واحدة بإمكانها أن تصبح هي بطل الومض السردي بكل جدارة

يمكننا تقسيم النص إلى ثلاث مراحل متتالية:
المرحلة الأولى: عُلقت ""الـ شكارة ""على سور المدينة
حين هَبََط َالليل ، انتزعَها المرحلة الثانية:
المرحلة الثالثة: وقبل أن يطْلق ساقيه للريح
سقطت المدينة

عُلقت ""الـ شكارة ""على سور المدينة
والشكارة كما عرفتها لنا الزهراء هي المحفظة المالية .... علقت على سور المدينة .. الصورة الأولية التي انتابتني وأنا أقرأ أن هذه المحفظة المالية سقطت من جيب أحدهم ... ولما وجدها آخر وضعها فوق أحد الأسوار ليعود إليها صاحبها وقت يكتشف فقدها
لكن هذه الصورة الأولية التي حضرتني كانت على مستوى الظاهر من المفردات ولم تتعمق أكثر فإذا اتفقنا على هذه الصورة الأولية نكون قد فقدنا خيط العمق الذي لا تكاد تخلو منه نصوص الزهراء

حين هَبََط َالليل ، انتزعَها
لعل هذالا يكمل الصورة الأولية .. فالمحفظة موضوعة فوق السور وبهذا الشكل قد تكون متاحة لأي يد تنتزعها أو أقلاً هي تغري أصحاب النفوس الضعيفة بالاستيلاء عليها .. وهذا ما حدث .. يبدو أن أحدهم انتزعها .. لم أتجه بفكري إلى أن يكون صاحب المحفظة هو نفسه الذي عاد ليلتقطها ويستعيد ماله
ذلك أن المفردات التي استخدمتها الزهراء هنا "هبط الليل" و " انتزعها" توحي تماماً أن من قام بهذا الفعل لم يكن صاحبها وإلا لجاء في وضح النهار يبحث عنها ويلتقطها من فوق السور بأمان .. لكن تزاوج الانتزاع بانتظار هبوط الليل يؤكد على أن أحداً آخر غير صاحبها من انتزعها


وقبل أن يطْلق ساقيه للريح
سقطت المدينة

رغم أن الفعلين هنا (يطلق ساقيه / سقطت المدينة) متتاليين ويوحيان بالارتباط بينهما كالقاعدة النحوية "أداة الشرط" .. إلا أن سقوط المدينة هنا لم يرتبط بإطلاق ساقيه للريح .. لكنه ارتبط بالدرجة الأولى بانتزاع المحفظة من فوق سور المدينة
إن إطلاق ساقيه للريح يعود ليؤكد مرة أخرى على أن من انتزع المحفظة لم يكن صاحبها وإلا لما فكر بإطلاق ساقيه للريح والهرب بغنيمته
نأتي للجزء الأخير والنتيجة والمحصلة من تتابع هذه الأفعال ... فكان "سقوط المدينة" وهنا نقف وقفة تأمل لأن سقوط المدينة يمكن أن يحدث على أكثر من مستوى
إذا كان سقوطاً مادياً أو معنوياً أو الاثنين معاً
هل نتصور أن سور المدينة وهذا رمز حمايتها وحصنها يسقط من جراء سقوط محفظة في يد لص؟! يمكن أن نفسر السقوط هنا بأنه سقوط معنوي أخلاقي فقدت فيه المدينة أدني صلات الترابط بين أفرادها فانتشرت أخلاق وصفات رذيلة ولم تستطع المدينة بصخبها وازدحامتها وانشغالاتها
يمكننا أيضا ان نقرأ سقوط المدينة بصورة مختلفة حيث أن السقوط قد يكون بمعنى الهبوط والاجتماع فكأن المدينة سقطت على رأسه أي اجتمع أفرادها حوله وأمسكوا به قبل أن يهرب
يمكن أيضا أن نقرأ سقوط المدينة سقوطا بأنه انهيار للمدينة وأن تلك المحفظة "الشيكارة" ليست ملكية فردية لكنها ملكية عامة للشعب الذي يسكن داخل المدينة وهنا ستعني "الوطن" وسرقة الوطن سبب أدعى لسقوطه
خالص تقديري ومودتي
11-10-2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع