الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المُتثائب

محمد جبار فهد

2021 / 10 / 16
الادب والفن


”اِعشق [وَشوشة الدَم]،
واشرب [نَغم العدَم]،
فالباقي مُجرّد عبث...“
...
جيرار دي نِرڤال - شاعر فرنسي

------------::::::::::::::::::-----------------:::::::::::::::::-----------------

أشعر بأن الكون بدأ يتقلّص ويتقلّص..

أشعر بقلبي ينبعج ويُحارب
إنفجارُه-الذاتي الذي يُريد أن يَحدُث..

أشعر بأن - في آنية عديمة الماهية -
الأشياء هي ليست ذاتُها الأشياء
التي تَعكسُها عيوني وتَبعث
بها إلى النتوء المُجرّد
الذي يقبع داخل
رأســـــي..
فكُلُّ ما
هو حَولـــي
ليس إلّا سرابٌ..
في غرفةٍ ظلماء أمكُث..
لا نوافذ موشومة بالجُدرانِ -
تَتخلَّلُها أشعة شمس - أو أغنيّة قمر -
ولا
صدى
باب يُفتح
ويُغلق باِستمرار..
أنّه الظلام، فكيف تسنّى
لي أن أعرف بأنّني في غُرفة؟..
ليس الظلامُ..
كلا...
إنّما أنا
مرعوبٌ من هذا
الوجه الذي يُحدّق فـــــــيَّ..
ذلك الوجه
الذي هوَ - لا جَرمَ -
وَجهــــــــــــــــــــــــــــــي..

.
.
.

أشعرُ بهزّةٍ أرضية
وبزلزالٍ جَبلي
وببروقٍ
سماوية
أجنبية..
لا أحد يَصرخ..
لا أحد يَهرب..
ما هذا؟......
ما الذي
يَجري؟..
لم أكن
أعلم
أن
كُلُّ ذلك يصدرُ
منّي ويَتوالدُ فــــــــــــيَّ..

.
.
.

الهواء لا يَختنق..
الماء لا يَغرق..
النار لا تَحترق..
لِمَ أنا وَحدي أحملهم
في كفّي فأختنق وأغرق
واحترق، ولكن لا أموــــــت؟..

.
.
.

السماءُ تُوسوسُ
لي وتَنصُبني إلٰهاً..
الأرضُ تَزجُرني
وتَطرُدني
وتقول؛ ”ما
كُنتَ أبداً إنسانا“..
لم أنصت.. لم يُرِق لي
السِجال الذي حاكَهُ الحيارى..
لم ألتحم.. لم أنسجم.. لم أصطدم..
خَلقوني.. ثم تركوني.. تُهــت،
فوَجدوني في مكانٍ ما..
وَهبوني جسداً، فلم
أفنى بعدها ولم
انعدـــــــم..
سَخرــــــتُ
مِن المَخلوقاتِ
بأسرها ومن الوجـ-
ودِ ذاتهِ.. سَخرـــــــتُ..
لم أحتمل.. حتى أفنيــتُ
نفسـي بنفســـــــــــــــــــــي..
وأهديتُ فنائي إلى الفناــــــــءِ..

.
.
.

إنّما ذلك التمثال
الضَجِر المُعلّــــ؟؟ق
على حاجبيَّ السوداء،
ليس إلّا تُرجمان
لغَضبِ قضيبي البربري..
يَنتظرُ زوال
القوانين الأزلية
التي سنّتها الأيادي
الإلٰهية الغير مرئيــة..
يَنتظرُ التَحرُّر
المُتمرّد، بشراسة،
مِن سلاسل الأفكار البشرية،
ليكونَ المُغتصب الأول
للرذيلة اللذيذة
والفضيلة التَعسة،
للخير المُزكّى
والشرّ المُشظّى،
للحُبّ الأعظم
والمقتُ المُوحى،
مُعلِناً حَقيقتُهُ للحقيقة..
حارقاً بيتهِ،
عائداً، كالجنينِ
النائم في كهفِ أمّهِ،
للأشجارِ الشاهقةِ، للغابِ..

.
.
.

حيثُ أجلسُ في
رِّواق وجداني المُستقل..
وحيثُ أشعرُ بقلب
العالَم يتذبذب نَحوي ببطئ..
أهجعُ على صدر
العدم وأغفو مثل
شيطانٍ نَقيٍ بريء..
فكُلَّ ما أراه لا أراه..
وعيوني شبيهة
بنبيِّ فقد عصاه..
حبيبٌ في فؤادي،
حُلمي أن أتحاشاه..
كيف بالّذي خَلقني
بسأمٍ ونفور
وقَذفني في
متاهات الظلام والنور،
كيف بوسعي أن أتناساه؟...
وُلِدتُ مثل عاصفة..
أنوحُ، وكرعدٍ في
السماوات يَدوي،
أصرخ وأصرخ..
ابتسموا لي..
رَوّضُوني،
أنا الو-
حش..
بثّوا فيَّ
جرثومة الكذبة..
فلم أكن حقيقي بعدها..
لم أكن قطُّ.. واعجباه.. واعجباه..

.
.
.

يُطاردك الواقع..
يُطاردك رأس المال..
تُطاردك الرواتب والضرائب..
يُطاردك التكرار حيثُ
لا بُقعة للتأمل ولا للاسترخاء..
تُطاردك الحياة من كل جانب..
من كل فكرة يبتدعها شغفك..
الخيال... أي خيال سيبقى
أن نحن خذلناه بالواقع
المرير الذي لا يُحتمل؟..
تَيقن بأن لا شيء مجاني..
حتى ولادتك.. تلك الهزيمة
المغروسة في جميع الكائنات..
حتى مماتك.. فالهزيمة واحدة..

.
.
.

لولا الخيال
والنسيان
والتجاهل،
لأبيد الجنس
البشري بالكامل..
غير أن الإبادة هنا
ستكون باليد التي
يحملُ فيها ”الوردة
التي ستوبّخ جوهره“..
هنا يَكمُن السِحر..
أو لا يَكمُن......

.
.
.

يُساء فهمي أحياناً..
دائماً.. لا أعلم..
الغريب في
هذا الأمر
أنّه
لا زال يَحدُث..
ويتكرّر.. كأنّنا
في مُحاكاة أبدية..
وهذا دليلٌ رُبّما على
أن هؤلاء الذين من حولي
إنّما يَعيشون من أجل الإستمرار..
لا لأجل المعرفة ولا لأجل الفهم أو
الحقيقة.. كما يُحبّ أن يطلقوا عليها
المُختلون عقلياً.. أو العُقلاء.. لا أعلم.....

.
.
.

تنام.. تَحلم.. تستفيق مُرهقاً
حاملاً كسل الوجود في جسدك..
تنسى الحُلم.. تنهض من فراشك..
تَذهب إلى الحمّام.. تمسك بعضوك
الذكري وتوجهه نحو فوهة الجحيم..
تتدرّر وأنت رأسك تِجاه السقف الأبيض..
تتأفأف.. تَغسل وجهك بالمياه المالحة التي
يَفرزها صُنبُور القرن العدمي المُزيّف..
تُجفف وجهك بالفُوطة الصغيرة المُعلّقة
على أحد أعمدة الپارثِينون.. تَذهب إلى
خزّانة الملابس.. ترتدي ثيابك.. تنتعل
حذائك.. تُهمهم وتُردّد طلاسم فرعونية
غير معروفة وغامضة.. أو ربّما تَجعل
كلمات أغنيّتك المُفضلة تتراقص على
شفتيك المُتشققة.. لا أعلم... فكثيرون
هم الجنس الغبي الذين لا يعرفون معنىً
للإستسلام.. تَقف أمام المرآة.. تَتطلع
إلى نفسك الخارجية.. تتأمل ملامحك
الأثرية التي تغزو وجهك.. تقرص وجنتاك
بيديك.. تصفعهما.. تُأفأف مرّة أخرى..
فتأتيك صعقة الوسوسة القابعة في قعر
أعماقك الشبيهة برعدٍ صامت يُتمتم..
يَنبري الصوتُ، ذلك الصوتُ
الذي تَعتريه أغلالٌ من
الشك الفائض
اللامسموع، قائلاً؛
اللعنة.. اللعنة على اللعنة..
إلى متى سأظلُّ أفعل ذلك؟..
فيُجيبَك صوت آخر، مألوفٌ
بالنسبةِ لك (المرآة ربما)؛
كل يوم يا صديقي الأحمق..
كل يوم وإلى الأبد.. إلى الأبد..
تَخرجُ من المنزل.. تخرجُ من
حياة إلى حياة.. وأنت في
سيّارتك الـ(gmc 2021)
التي تتباهى بها أمام الكرة
الأرضية التي لا تأبه بك..
تُفكر وتُفكر حتى تَشغُلَك
أولى جذور الفلسفة؛
”أين أنا؟.. مَن أنا؟..
لماذا أنا؟ لماذا؟“..
توقف سيّارتك
المثالية على جانب
الطريق الرئيسي..
تُطفئ مُحرّك السيّارة
بكبسة زرّ.. تَضع يَداك
على المِقود الدافئ..
تُرجع رأسك إلى جُمجمة
كُرسي السائق.. ببطئٍ شديد..
تتفرّس مَعالم هذه الغابة التي
ركنت سيارتك عندها.. وتقول
متبرّماً؛ أأتعرّى الآن وألِجُ الغابة
حيثُ راحتي تَقطُن أم
اُكمِلُ المَسير وأتفوّق
على زُملائي بالوظيفة؟..
هنا... (قهقهة).. هُنا أنا
اُجيبَك؛ لا تَلج الغابة..
ولا تُكمِل المَسير..
ضَع المسدس،
الذي يتواجد في
الحُجرة الصغيرة،
في فمك وأضغط على الزناد..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل