الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن والإيديولوجيا

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2021 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الحياة العضوية على سطح كوكبنا، بجميع أشكالها، هي نتيجة لتفاعلات فيزيائية وكيميائية بين عناصرها المختلفة، وعلاقات انسجام وتنافر بين تلك العناصر. علاقات أساسها الحركة وليس السكون، فالمادة ـ عضوية وغير عضوية ـ في حركتها هي المطلق الوحيد، وهي أساس الوجود, والسكون نسبي. فالسكون التام نفي للحياة.

والحياة الإجتماعية، أي علاقات البشر فيما بينهم، وبينهم وبين الطبيعة، محكومة بذات العلاقة، علاقة وحدة وصراع الأضداد، القائمة على الترابط الكلي والإستقلال النسبي.

وفي مجال الوعي الإجتماعي هناك أسلوبان للدراسة والتحليل: أسلوب النظر الى الظواهر والأحداث كلا على حدة، دون ربطها بغيرها من الظواهر والأحداث، وتأثيرها وتأثرها ببعضها. ودون إعارة أهتمام لتطورها في مجرى عمليات الحركة والتفاعل.
وأسلوب آخر يربط الظواهر والأحداث والنشاط الإجتماعي سياسيا، فكريا وعلميا ببعضه، ويسعى الى التعرف الى، والكشف، عن طبيعة العلاقة بين مختلف عناصرها، والقوانين التي تحكمها والعوامل المؤثرة في أطرافها، والمحددة لأفعالها وردود أفعالها.

وهذا الأسلوب الأخير في دراسة العلاقات الاجتماعية وتحليلها والبحث عن قوانين محتملة قد تستند اليها، هو ما يسمى بالإيديولوجيا. وهناك طبعا إديولوجيات مختلفة ومتعارضة، كل منها تحتوى على عناصر صحة، وعناصر أخرى تفتقر الى الصحة، ربما تكون ناجمة عن خطأ في المعايير التي أعتمدها واضعوا الإيديولوجيا، أو انهم قد أقحموها عن قصد لتحقيق مصالح معينة لشريحة أو فئة أوطبقة اجتماعية.

ثمة إيديولوجيات تعتبر العلاقات التي يخلقها البشر في تعاملهم مع بعضهم ومع الطبيعة وكل أشكال الوجود، والمرتبطة بمصالحهم، تعتبرها ضربا من إرادة علوية مطلقة، لا يمكن تغييرها، وهناك في المقابل إيديولوجيات لا تقر بذلك، وتربط تلك العلاقات بالمصلحة، وبوعي الفرد والجماعة للمصلحة، وأن تغير الوعي يقود الى تغير العلاقات، وبراهنها على ذلك التبدل المستمر في مواقع الجماعات والأفراد وتغير أشكال العلاقات بينهم، في مجرى عمليات صراع يأخذ أشكالا سلمية أحيانا، وأشكالا عنيفة أحيانا أخرى. ولا تتوهم الأيديولوجيات التي تنحو هذا المنحى أنها كلية الصحة، وتتبنى مبدأ نسبية الحقيقة.غير أن من تبنوها أضفوا عليها كمالا مفترضا وحولوها الى دين، وكلفهم ذلك خسارة إمكانية الإستفادة منها وتطويرها، وأدى ذلك الى فشل تجربتهم في تطبيق فهمهم لها.

وهنا يمثل أمامنا من جديد السؤال الذي سبق وأن طرحناه: هل يتعين علينا بسبب القصور المحتمل في الإيديولوجيا أن نتخلى عنها، ونعلن موتها، ونعود الى الطريقة الطفولية في الدراسة والتحليل في مجال العلاقات الاجتماعية التي أشرنا اليها آنفا، طريقة دراسة كل ظاهرة وحدث على حده، وقطع علاقته بغيره من الظواهر والأحداث؟ أم يتعين علينا الاستمرار في أعتماد الإيديولوجيا، مع التحرر من وهم إعتبارها كلية الصواب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ