الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا تُقنع مُضيفيك بالإسلام؟

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2021 / 10 / 16
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


قال لي:أنت قضيتَ نصف قرن تقريبا في أوروبا، ما بين انجلترا وسويسرا والنرويج، فهل أقنعتَ أحدًا بالإسلام؟
قلت له: ما هو المطلوب مني؟ هل أذهب إلى المضيفين الذين عشت بينهم ثلثي حياتي وأقول لهم إنهم مخطئون في عبادتهم، ومذنبون في عقيدتهم، وساذجون في إيمانهم؟
قال إنه واجب ديني إسلامي، وفرض عين عليك!
قلت: الدعوة بهذه الطريقة ليست إيمانا؛ إنما غطرسة وكبرياء واعتداء على الحياة الخاصة للآخرين!
أنا جئت إلى الدنيا ووجدت نفسي وأهلي وجيراني وكل ما حولي ينطق بالإسلام؛ فهل اللهُ أعطاني امتيازا عن غيري ممن سقطوا من بطون أمهاتهم على عقيدة أخرى، ومذهب مختلف، وأرض بعيدة؟
هل أطلب منه أن يترك الخطأ، ومذهبه وعقيدته وتاريخه وتربية أعطاه إياها والده، وحنانــًا ألقمه إياه صدرُ أمِّه حتى أقوم بانقاذه فينضم إلينا في العالم الإسلامي المليء بالرُقي والتطور والتمدن والحرية؟
ما هي الإغراءات التي أملكها كمسلم لتقنع نرويجيا أو بريطانيا أو سويسريا أنه سيستبدل التي هي أحسن بالتي هي أسوأ؟
كيف أبدأ معه؟
أشدّ انتباهَه، فيــُنصتْ إليَ ...
إذا تركتَ دينَ آبائــِك فستجد لدينا المُدن الفاضلة تحيط بها مآذن، وكلما خطوتَ خطوة وجدت ما تشتهي نفسك من حرية، وديمقراطية وعلوم عصرية، وقدرة هائلة على التسامح، وإذا لم يــَـرُق لك الإسلامُ بعد حين، فعُدْ إلى دين عائلتك، فليس لدينا حُكْم المُرتد بالسيف!
لن تجد في عالمنا الإسلامي سجونـًا ومعتقلات وأبرياء يتم اغتصابهم مع انبلاج كل فجر جديد!
ستجد في عالمِنا الإسلامي النصف الآخر للبشر، أي المرأة وهي أكرم من كل نساء العالمين، لا يتحكم فيها الرجل، ولا تعتبرها عقولُ المسلمين نجســًـا أو مثل الحمار والكلب، والقوانين تنصف المرأة.
هل أُقنعه أنه إذا اعتنق الإسلام ودخل الجنّة، فلن يحتاج لامرأةٍ اسكندنافية كأنها الشهد؛ فهي مهمة يقوم بها خالق الكون العظيم ويختار لك أكثر من سبعين ملكة جمال، تقف عن يمين كل واحدة سبعون وصيفة؛ ومهمتهن إشباعك من الجنس، فعضوك التناسلي منتصب لملايين السنين، ولن تجد دقيقة واحدة لتشكر اللهَ على الجنـّـة.
هل أقول له بأنَّ حُلم كل سويدي ودانمركي وهولندي وآيسلندي ونيوزيلاندي ويوناني و.. أن يهاجر إلى العالم الإسلامي حيث يرتوي من حقوق الإنسان؟
هل سيصبح أولادُه نُسخا مُكرَرة لقادة الحركات الاسلامية مثل طالبان وبوكوحرام والسلفيين والاخوان وشباب الصومال وداعش وغيرهم ممن يرون الدماءَ أصفى من الماء، وأن حدّ سيف المؤمن يتقرب به إلى الله؟
هل سأجعله يحلم بتغطية وجوه جميع النساء لئلا تفتنه نظرة، أو همسة، أو لمسة؟
هل أشرح له أحوالَ السجون في عالمنا الإسلامي، وسهولة إلقاء أي شخص يحتج ولو على استحياء في أحشاء زنزانة ترفض الخنازيرُ الاقترابَ منها؟
هل أقول له بأنَّ الزعيمَ المسلم يحكم بالشريعة فتأتي أحكامُه كأنها تباركتْ بالملائكة قبل المطرقة، وأن زعماء المسلمين رحماء بينهم وبين غيرهم؟
قال لي: أنت تصف لي الغربيين كأنهم أبرياء من أي جريمة أو ذنب أو اعتداء على الغير وأن المسلمين فقط هم الأشرار!
قلت: أنا أعرف تاريخ الحروب والجرائم والاستعمار والمذابح كما أعرف أصابع يدي؛فلا توجد امبراطورية أو دولة أو أتباع عقيدة أو معتنقو دين إلا وتلوثتْ أيديهم بدماء غيرهم، لكنني لا أقيم علاقاتي بالآخرين من منطلق تاريخي وإلا لعزلت نفسي عن البشر كلهم!
الطاووسية الفجّة أنْ تعيش مع قوم وتأكل من خيراتهم وتستمتع بما وصلوا إليه من سلام وأمن وحروب، كالحربين العالميتين واستعمار فرنسا للمغرب العربي وبلجيكا للكونغو وبريطانيا وهولندا لجنوب أفريقيا وايطاليا لليبيا ومئات غيرها من صراعات البشر، ثم أفتح صفحات التاريخ كلما حاورت أحدَهم، إلا إذا كان مستمرًا في ظُلمه وعدوانه كالصهيونية في فلسطيننا.
قلت له إن هناك فارقا بين المهاجر ليعيش مع قوم وفقا لما انتظموه بينهم؛ فجاء على هواي وحقق بعض أحلامي؛ وبين الذي هجر عالــَـما هو غاضب على سلوكيات شعوبه وحُكامه ورجال دينه ومزايدات الدعاة، ثم يبدأ في الاستعلاء العقيدي ويدعو من استضافوه أن ينبذوا أديانهم وعقائدهم لينضموا إلى العالم الذي هربت منه.
أحسب أن مُحدّثي لم يفهم من رؤيتي كلمة واحدة فهو يريد كل الناس بشكل واحد، ودين مشترك، لتنتظرهم جنة لا يدخلها إلا المسلمون!
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 16 أكتوبر 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي