الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمبراطورية الأمريكية في طريقها الى الزوال - 1

آدم الحسن

2021 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


ليس هنالك يوم تكون فيه أية إمبراطورية في اوج قوتها و هيمنتها و في اليوم التالي تسقط هذه الإمبراطورية و ينعدم وجودها .
إن تعاظم سلطة و هيمنة الإمبراطوريات يتم على مراحل و بشكل تدريجي لتصل الى اعلى مرحلة من مراحل قوتها ثم تبدأ مرحلة الهبوط و يكون ايضا هبوطا على مراحل و تدريجي , قد تستمر فترة هبوط الإمبراطوريات و زوالها سنوات أو عقود , هكذا هي حال جميع الإمبراطوريات دون استثناء , و أمريكا واحدة من هذه الإمبراطوريات التي ظهرت عبر التاريخ و ستزول كإمبراطورية في فترة لاحقة و ستبقى كدولة .
تاريخ أمريكا بدأ كمستعمرة بريطانية حيث تشكلت فيها امة من المستوطنين على ارض هي ليست ارضهم بعد ابادة الأمة الأصلية من سكان الأرض الأمريكية , ثم نالت استقلالها بعد حرب دموية مع امبراطورية التاج البريطاني .
خاضت امريكا حربا اهلية قاسية لتصبح دولة , و بدأت هذه الدولة مسيرتها نحو قمة قوتها التي وصلت اليها بعد مرورها بحربين عالميتين كانت هي أحد الأطراف المنتصرة فيها ثم دخلت الحرب الباردة ضد المعسكر الاشتراكي بكل إمكانياتها العسكرية و الاقتصادية و انتصر المعسكر الغربي الذي كانت تقوده امريكا في تلك الحرب الباردة حيث كانت نهاية المعسكر الاشتراكي نهاية مأسوية و تفكك الاتحاد السوفيتي و بذلك اقتربت امريكا من القمة بعد أن صارت هي القطب الأوحد في العالم .
و جاء الاعتداء الإرهابي في 11 سبتمبر 2001 ليضرب أمريكا ضربة موجعة كسرت كبريائها الإمبراطوري و هي في قمة قوتها فصرخ قادتها ( من ليس معنا فهو ضدنا ) , شمل هذا التهديد كل دول العالم شعوبا و حكومات فكان هو المؤشر الواضح من إن أمريكا كانت فعلا في تلك الفترة في قمة هيمنتها على مصائر الدول و الشعوب حيث سارت كثير من الدول خلفها ..... و تم الاحتلال الأمريكي لأفغانستان ثم للعراق فيما ظلت دول اخرى في الشرق الأوسط المشمولة في خطة الاحتلال و التوسع الأمريكي على لائحة الانتظار .
و خلال الفترة التي أدخلتْ امريكا نفسها في حروب و مشاكل في مناطق متعددة من العالم و خصوصا في منطقة الشرق الأوسط كانت هنالك قوة اقتصادية و علمية و تكنولوجية في شرق العالم تصعد بسرعة نحو القمة و هي الصين , و في حدود هذا التاريخ بدأت مسيرة الإمبراطورية الأمريكية بالانحدار نحو الأسفل .
هنالك عاملان لانتهاء عصر اية امبراطورية , العامل الأول و الأهم هو الظرف الموضوعي و هذا العامل يعتمد على الخارج المحيط بالإمبراطورية و تطور القوى في هذا الخارج و في الأغلب لا يمكن تجاوز تأثير هذا العامل في اضمحلال الإمبراطورية التدريجي .
أما العامل الثاني فهو العامل أو الظرف الذاتي و هو نتيجة جملة متناقضات داخلية و أمراض اجتماعية في داخل الإمبراطورية قد تصل الى حد الصراع المسلح و الحروب الأهلية أو التفسخ من الداخل .
إن المتتبع لصعود الإمبراطورية الأمريكية و وصولها الى قمة قوتها و هيمنتها على بلدان العالم الأخرى في العقد الأول من هذا القرن كان يرى الكثير من السياسيين في العالم و منهم بعض السياسيين من البلدان العربية و هم مبهورين بقوة الإمبراطورية الأمريكية حتى أخذوا يصفون القرن الواحد و العشرين ب ( القرن الأمريكي ) , لكن رياح الظروف الموضوعية المحيطة بالإمبراطورية الأمريكية جرت بما لا تشتهي سفن هذه الإمبراطورية و بدأ تراجع نفوذ و هيمنة امريكا على العالم .
لا شك أن تراجع الهيمنة الأمريكية على العالم يسير بشكل بطيء لكنه مستمر و أن العالم أخذ يتحول بشكل تدريجي من عالم احادي القطبية الى عالم يمتاز بتعدد القطبية و مؤشرات و أسباب هذا التراجع اصبحت واضحة و اهمها :
اولا : استعادة روسيا لشيء من قوتها و نفوذها على الساحة الدولية و يمكن اعتبار سنة 2014 نقطة انطلاق لهذا التحول الواضح في النفوذ الروسي و ذلك بعد سيطرتها على شبه جزيرة القرم و ضمها من جديد للسيادة الروسية .
ثانيا : صعود الصين كقوة اقتصادية و علمية و تكنولوجية كبرى في العالم و هنالك الكثير من المؤشرات تؤكد أن في العقد الأول من هذا القرن بدأت مخاوف امريكا من الصعود الصيني تأخذ طابعا جديا حيث أخذت هذه المخاوف تنمو مع النمو السريع للعملاق الصيني و خصوصا في المجال العلمي و التكنولوجي .
ثالثا : انبثاق منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم حاليا ثمانية دول هي الصين , روسيا , الهند , باكستان , كازاخستان , طاجكستان , قيرغيزستان , اوزبكستان و قد تم مؤخرا قبول الطلب الإيراني للانضمام لهذه المنظمة بعد أن كانت إيران عضوا مراقبا و إحالة طلبها لمرحلة تنفيذ شروط اكتساب عضوية المنظمة و هنالك دول عديدة أخرى اعضاء في هذه المنظمة بصفة مشارك أو مراقب ينتظرون استكمال الشروط التي تمكنهم من الحصول على العضوية الكاملة فيها .
أن منظمة شنغهاي للتعاون مرشحة لأن تكون اكبر تكتل اقتصادي في العالم و سيكون لها تأثير في صياغة العولمة الجديدة و نظامها النقدي المبني على التعاون الدولي و المنافع المشتركة .
رابعا : تَشَكُلْ تحالف رصين بين روسيا و الصين لأغراض التعاون الشامل في مجالات عديدة , عسكرية , اقتصادية , علمية , تكنولوجية .
خامسا : سعي الاتحاد الأوربي ليكون قراره مستقلا عن الهيمنة الأمريكية و أن يكون لهذا الاتحاد استقلاله الاستراتيجي المعزز بقوة عسكرية موحدة تَتَشَكلْ من جيوش دول الاتحاد بمعزل عن الإرادة الأمريكية .
سادسا : المساعي التي بدأت تنطلق لتشكيل اتحاد لدول امريكا اللاتينية على غرار الاتحاد الأوربي التي وجدت قبولا واسعا لدى العديد من دول امريكا اللاتينية و خصوصا الدول الكبيرة كالمكسيك و البرازيل و الأرجنتين .
سابعا : أصبحت أسلحة الدمار الشامل رادعا حقيقيا للحروب التوسعية للإمبراطورية الأمريكية خصوصا عندما تقترب التحديات العسكرية من خط التماس بين امريكا و مناطق نفوذ روسيا و الصين .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة