الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاطعون ومشاركون

حسن عزيز الياسري

2021 / 10 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


                -----------------------------------

-- حسن عزيز الياسري


-- قبول فكرة المشاركة في التصويت على الانتخابات جاءت بعد اعلان نتائجها فقط ، الامر الذي دفع المشاركين ، للتساؤل عن جدوى عدم المشاركة ومقاطعة الانتخابات !! وهذا يعني تحديث لنتاج  وعي نوعي مسبق ، جاء بعد انصهار افكار مجتمِعة ، تكرست خلال 20 عاما تقريبا وتبلورت كموقف بعد احتجاجات تشرين 2019  .


-- شكلت انتخابات تشرين لعام 2021 نقلة نوعية في تصاعد معدلات الوعي الجمعي في المنظور الاجتماعي والسياسي للمجتمع العراقي ، هذا الوعي الذي جاء بعد سلسلة من النكبات والكوارث والازمات والانتكاسات التي رافقت ركود العملية السياسية في قاع الانحطاط والابتذال نتيجة الفساد المتفشي  لمدة زمنية طويلة قاربت العشرون عاما .

انحطاطا وفسادا اثرا على كل مفاصل الحياة في العراق دون استثناء ، فالنزاهة والبناء تشكلان الاستثناء في زمن الخراب ، اما القاعدة فهي الخراب نفسه !!

[[ ان يتهرأ اي مجتمع بشري ، حد انفراط العقد الاجتماعي ، واندثار المعايير الجامعة وانحطاط الوعي بالذات المشتركة وتهشم الذاكرة الوطنية وتفتت الهاجس المستقبلي وزوال الذائقة الجمالية ( وازدراء الجدوى من اي فضيلة ) وازدهار ولع التنكيل بالاخر --  وهيمنة العدمية السلوكية وطغيان الاسطرة الكهنوتية --  ، حينذاك تختفي الغايات كلها ، ويصير الوجود محض فوضى لاستقواء اللحظة على الزمن ، واحتفاء الخواء بالالم وتجذر الموت في كل حياة . ]] *1

-- من ضمن الكلمات المأثورة لعالم الاجتماع الشهير كارل غوستاف يونغ قوله : لن يأتي الوعي دون الم ..

فكم من الزمن تحتاجه الشعوب المتأخرة لبلوغ الوعي الذاتي ، في تقرير مصيرها والسير نحو التقدم والازدهار في ظل حكومات تنشأ في اطار نظام ديمقراطي مستورد ، خصص على مقاس المستفيدين منه وقدر حجم الولاء لصاحب المشروع .

- اعتقد ان ثمن الوعي الذي اكتسبه الشعب العراقي في المصادقة على مواد الدستور وبنوده والذي سارع زرافات ووحدانا للتصويت عليه قبل اعوام طوال ، كان غاليا جدا !
الامر الذي دفعته لتحمل آلام تلك الخطيئة ، لِيّجُر بعدها اعوام الحسرة والمرارة التي اوصلته لقرارات المقاطعة التي نشات ذاتيا نتيجة لخيبات الامل المتكررة والاحباطات المتلاحقة في ان تُفضي المشاركة في الانتخابات ، نحو التغيير المنشود .

مخاض اسئلة يومية مملة ، انعكست فكريا ، في مضامين وتوجهات الاصوات الداعمة للتغيير ، شعبية واجتماعية كانت او دينية وثقافية ! ، انه نمط حضاري وان كان بطيء الفعالية والتحديث كذلك ، الا انه يبعث للامل باننا نملك في عمقنا الحضاري ، سمات الشعوب الحرة !  .

-- بين تجربة ثقافة المقاطعين وتجربة نزول المشاركين للتصويت ، ثمة نور ضبابي ، وشعاع يخفت ويقوى حسب نتاجات الحراك لكل فئة وتوجهاتها التي تنطلق منها وتسير عليها ، للوصول الى البرلمان للمشاركين ، ومحاولة فرض ارادة التغيير حسب رؤاهم المطروحة .
او عدم التصويت اساسا مع امكانية البقاء في سوح التظاهر في محاولة لكسب المزيد من عاملي القوة والتعاطف من قبل المقاطعين .

اما القوة فقد اظهرتها النتائج التي ادت الى سقوط كم من الرؤوس الكبيرة التي كانت تحكم العمل السياسي وتتحكم به ، بفعل ردة فعل المشاركين في التصويت لصالح قوى منبثقة من افكار تظاهرات تشرين المشروعة  .
واما التعاطف فلا زال يعطي زخما وتفاعلا لقادة الحراك الشباب ، وقواعده الشعبية المتمثلة بالطبقات الطلابية والجامعية والثقافية والادبية وبعض من فئة رجال الدين ، الذين يدفعون بين مدة واخرى لاشاعة تلك الروح الثورية في المجتمع للمطالبة بالحقوق ، الى باقي الشرائح الاجتماعية المساندة لتلك الاحتجاجات الثورية المشروعة .

نعتقد بأن الامر يسير بمركب واحد ، فمركب الوعي يركبه الاثنان معا ، المشاركون والمقاطعون ، لعبت في توجيه دفته ، رياح تشرين واحتجاجاتها وثورتها الفتية الدموية ، التي نجحت تحت الضغط الشعبي في تمرير قانون الانتخابات الجديد وهو احد منجزاتها ، من اجل الوصول الى اقصى حالات التغيير المرتقب !

- المقاطعة اعطت للمشاركة قيمة زخم تفاعلية ، اظهرتها النتائج فقط ، لأن قبل معرفة النتائج لم يكن لتعليل المقاطعة المتفق عليه بنسبة كبيرة ، من معنى !
اي ان المقاطعة اصبحت دافعا للمشاركة ، من عينات اجتماعية عدة مؤمنة بالتغيير .

وللمقاطعة تحسب ايجابيات تشظي ادوات الصراع السياسي واستنهاض لوعي جديد ، لم يكن موجودا بالاساس ! ادى الى هذه النتائج الايجابية نوعا وكما ، والتي جاءت من خلال مشاركة نسبة ضئيلة من جماهير تشرين والمؤمنين بقدرتها وفعاليتها في التغيير المنشود ، فكيف اذا تم مشاركة النسبة الاكبر منها ؟!

-- ‏‎للرفض والمقاطعة ثقافة نشطة ، جاءت نتيجة فكر تأسس قبل احتجاجات تشرين 2019 على مراحل عدة ، ولكنها شكلت فيما بعد ، تلك الاحتجاجات ، خارطة الطريق وحجر الاساس نحو التغيير والانطلاق برؤية شعبية وطنية صادقة ، جديدة ومؤثرة وشاملة ، لم تكن تؤثر بالمطلق ( قبل انطلاقها ) على استقرار الفكر السياسي الخامل بل الميت ، للمنظومة الحزبية الحاكمة التي وزعت السلطة والثروات على مقاساتها الطائفية والعائلية والفئوية وحتى الشخصية .

-- ان قبول فكرة المشاركة ، قد جاءت بعد اعلان نتائج الانتخابات فقط ، والذي دفع المشاركين ، بالتساؤل عن جدوى عدم المشاركة !! وهذا يعني تحديث لنتاج وعي مسبق ، جاء بعد انصهار افكار مجتمِعة ، فالرفض الذي كان لا بد منه ! أدى الى دفع المشاركين نحو البحث عن بدائل فرضتها نتائج الصراع النفسي والفكري خلال 19 عاما مضت .

ظروف غرستها المواقف السابقة بالعقل الجمعي للمجتمع ، لقوى مؤثرة كالمرجعية الدينية وشعارها العتيد الجديد - المجرب لا يجرب - والذي تحول الى ما يشبه السيف المسلط على اكثرية مؤثرة  على ارض الواقع ، تناغمت مع ثقافة تشرين المنسجمة وطبيعة ذلك الشعار .

ظروف واحداث ومواقف لم تكن مؤثرة كتأثير تظاهرات تشرين على عقول الطبقات الواعية الى التي رأت فيها ، ميناء الخلاص من جحيم دائم ومنه نحو الانطلاق صوب التغيير  .
حيث كان صداها ابقى واقوى وأنجع ، مما اكسبها صفتي البقاء والتأثير . 

ان ظاهرتي الرفض والقبول بالمشاركة في الانتخابات هما عبارة عن ظروف ومراحل ومواقف وشعارات ساهمت بنشوء صراع فكري وحرب نفسية داخلية في عمق المكون المذهبي وفي رقعة جغرافية شاسعة ، ادى الى نشوء فكر مغاير عن السابق ، انه وعي جديد لا يقبل الا بالتغيير كحل بديل ، كان لتظاهرات تشرين 2019 قولا فصلا فيها .

حسن عزيز الياسري --  16102021  .


☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆

- فارس كمال نظمي - الرثاثة في العراق - ص 11 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح