الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الملابس ثقافة ؟

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2021 / 10 / 18
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الثقافة بصورة عامة هى مجموعة من القيم والممارسات والأشكال الاجتماعية التى تعارف عليها المجتمع ويتشارك فيها الأشخاص سواءً للمجتمع ككل أو لفئة معينة عرقية أو دينية أو اجتماعية معتمدة على تطورات الزمان والمكان ، وبالتالى فالثقافة تتضمن ممارسات دينية واجتماعية وعادات وتقاليد وحتى الطهى والملابس "والموضة" وشكل ومحتوى المنزل وكل ما يمكن أن يعتمد على المجتمع فى تقبله حسب الزمان والمكان ، بل يمكن أن يمتد مفهوم الثقافة ليخترق اللغة نفسها بإحياء كلمات معينة كانت تعتبرها الأجيال السابقة كلمات فاحشة ( مثل كلمة فشخ). إذن إجابة السؤال أصبحت مفهومة الآن بأن الملابس ضمن ممارسات الثقافة وهو ما يجعلنا نرى بعض ملابس كانت مقبولة فى جيل سابق لم تعد مقبولة الآن أو العكس . لقد عاصر معظمنا منذ ما يزيد عن أربعين عاما كيف كان الكوتشى والتيشيرت والجينز غير مقبول فى أماكن العمل وربما يتسبب لصاحبه فى جزاء أو تنمر من الزملاء ، والآن أصبح الكوتشى هو الحذاء المفضل للشابات والسيدات العاملات مع البنطلون والتيشيرت وأصبحت ثقافة الفستان التى كانت أساسية منذ خمسين عاما فى طى النسيان إلا فى فساتين السهرة والأفراح فقط . إذن نحن أمام "موضة" تتغير باستمرار معتمدة على الزمان والمكان وحتى فئة معينة من المجتمع ، فما يمكن أن يرتديه الفنانون ( مجتمع الفنانين) قد لا يكون مقبولا فى المجتمع الريفى أو المناطق الشعبية أو لدى فئة المتدينين ، ومن هنا لا يستطيع العامة التفرقة بين ثقافة ملابس الفنانين التى تتبع أساليب الموضة العالمية وبين توافقها مع القواعد الدينية والأخلاقية التى يتوافق عليها المجتمع فى بلد ما فيلجأ العامة إلى التنمر على ملابس الفنانات المقبولة عالميا لتصبح مرفوضة محليا ، ولا ننسى أن بعض البلدان الأوروبية تقبلت ذلك الفكر فأصبحت تحذر سائحيها حينما يذهبون للبلاد العربية والإسلامية والهند وبعض دول العالم الثالث من ارتداء الملابس المتحررة حتى لا يلاقوا تنمرا وتحرشا من السكان المحليين ، وهذا التحذير أصبح مقبولا فى مجال السياحة بالفعل كنوع من احترام ثقافات الشعوب أكثر من كونه نوع من التحرر.
إن جذور الخلاف الإسلامى قد طال أيضا ثقافة الملابس للرجال والنساء ، حيث يرى بعض رجال الدين الالتزام بالملابس العربية القديمة كنوع من الاقتداء بالسلف الصالح - حتى لو كان للأحرار ملابس محتشمة وللإماء ملابس متحررة - بينما رأى البعض أنه بعد إلغاء الرق وتحول المجتمعات للمدنية أصبحت الملابس ثقافة تعتمد على تقبل المجتمع لها ، فقد ألغى المجتمع المصرى ثم العربى البرقع (الأقرب للنقاب) منذ مائة عام ثم عاد إليه بصورة واضحة مطلع التسعينيات كتوجه دينى ثم أصبح أقل تقبلا منذ سنوات قليلة نتيجة بعض الحوادث الإرهابية ، ونفس الشئ حدث لتطور "الطرحة" المصرية فى السبعينيات إلى حجاب ثم خمار ثم انحسار الخمار ثم تطور الحجاب لتظهر منه قصاصات شعر أول الرأس بل ربما يكون الحجاب فوق بنطلون مثير أمرا عاديا فى المدن الكبرى بمعنى تحول الحجاب من مظهر دينى إلى ثقافة اجتماعية ، ولا يجب أن نهمل أن انتقال ملايين المصريين للعمل فى الخليج اكسبهم ثقافة خليجية فتحولت "الملاية اللف" والجلباب الأسود إلى "عباية" خليجية.
فى النهاية يمكن القول إن الملابس ثقافة ولكن المجتمعات هى التى تحدد حدود المقبول وغير المقبول من ثقافة الملابس مع الأخذ فى الاعتبار أن العولمة الثقافية قربت المسافات بين الشعوب فى الكثير من العادات والتقاليد ومن بينها الملابس التى أصبحت عالمية الآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه