الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمبراطورية الأمريكية في طريقها الى الزوال - 2

آدم الحسن

2021 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


يعود سبب زوال اية امبراطورية لعاملين , فبالإضافة الى العامل الموضوعي المرتبط بالقدرة العسكرية و الاقتصادية للدول التي تنافس أو تتحدى و تُضْعِفْ هيمنة و نفوذ الإمبراطورية هنالك عامل آخر يعمل من داخل الإمبراطورية نفسها يُضْعِفْ نفوذها و قوتها و يساهم في زوالها و هذا العامل هو العامل الذاتي .
العامل الذاتي هو نتيجة جملة متناقضات في داخل الإمبراطورية قد تصل الى حد الصراع المسلح و الحروب الأهلية أو نتيجة لأمراض مجتمعية تؤدي الى تفسخ الإمبراطورية من الداخل , و هنالك علاقة جدلية بين العامل الموضوعي و العامل الذاتي , فكل واحد منهم بقوم بتقوية الأخر .
الإمبراطورية الأمريكية كأي امبراطورية ظهرت عبر التاريخ لها عمر قد يطول أو قد يقصر لكن في النهاية ستنحدر نحو الزوال .
لقد اصبح واضحا أن العامل الموضوعي الذي يُضْعِفْ الإمبراطورية الأمريكية هو في تراكم مستمر يقربها يوما بعد يوم من مرحلة زوالها الحتمي , أما أهم عناصر العامل الذاتي الذي يُضْعِفْ الإمبراطورية الأمريكية هي التالي :
اولا : انتشار تعاطي المخدرات لدرجة يمكن وصفها بالظاهرة الخطيرة فلقد وصل عدد المواطنين الأمريكان الذين يتعاطون المخدرات بشكل مستمر أو كونهم مدمنين الى حوالي 20 مليون مواطن و في ذات الوقت أخذ عدد الوفيات بسبب تعاطي جرعة زائدة من المخدرات يصل الى ارقام مخيفة فهو بآلاف الضحايا سنويا .
لا شك ان الأعداد المرتفعة للمتعاطين للمخدرات في امريكا يدل على خطورة هذه المشكلة الاجتماعية التي تؤدي الى تفسخ المجتمع الأمريكي و اضعافه .
إن قادة امريكا يتحدثون كثيرا عن ضرورة مكافحة آفة المخدرات لكن دون افعال حقيقية فالحكومات الأمريكية المتعاقبة فشلت في ايجاد حل لمعالجتها و كأن هنالك إرادة تعارض أية خطوة حقيقية لمكافحة المخدرات مصدرها مافيات لها جذور عميقة في الدولة الأمريكية .
ثانيا : ارتفاع معدلات العنف و الجرائم على أنواعها , اغتصاب , سرقة , سطو مسلح , جرائم قتل و غيرها من الجرائم .
و قد وصل عدد جرائم القتل لأسباب متنوعة في الولايات المتحدة الأمريكية الى مستويات قياسية مرتفعة و خطيرة ففي سنة 2020 وصل عدد جرائم القتل الى أكثر من 21 الف و 500 جريمة ....!
لقد حذر الرئيس الأمريكي بايدن في مؤتمر صحفي من البيت الأبيض بتاريخ 24/6/2021 من خطورة ارتفاع معدلات الجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث قال ( تجار الموت ينتهكون القانون من أجل الأرباح ) و هو لا يعرف أن تقديس قوانين اقتصاد السوق الحر و جعلها المحرك و صاحبة السلطة المطلقة على اخلاقيات المجتمع يقود الى هذا التفسخ الداخلي .
ثالثا : فشلت الدولة الأمريكية و لحد الآن في حصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الأمريكية العسكرية و الأمنية حيث لازال عدد قطع السلاح الناري الذي بيد المدنيين في ارتفاع مفزع حيث وصل العدد الحالي الى حوالي 434 مليون قطعة سلاح ( اي أكثر من قطعة سلاح لكل امريكي ) , و رغم أن ضحايا هذا السلاح بالآلاف لكن مكاسب شركات السلاح في امريكا بقت هي الأهم .
أن الملكية الخاصة للسلاح في أمريكا تجد لها من يدعمها من القادة السياسيين في الحزبين الجمهوري و الديمقراطي بدرجات متفاوتة , و لكن الغريب أن السياسيين الذين يدافعون عن حق الأمريكيين في حيازة الأسلحة النارية يقولون :
هذه هي امريكا ...!
و كأن امتلاك المدنيين للسلاح الناري هو جزء من الثقافة الأمريكية و إن الأمريكي لا يستطيع تخيل نفسه بدون سلاح شخصي , قد يعيد هذا للأذهان صورة مجتمع الكابوي الأمريكي , مجتمع ما قبل نشوء الدولة .
رابعا : توسع نطاق الجريمة المنظمة حيث اصبحت الجريمة المنظمة في أمريكا تحكمها مافيات متعددة الجنسية .
خامسا : ارتفاع حالات الانتحار و يستطيع المهتم بهذا الموضوع تتبع الأرقام السنوية لحالات الانتحار في أمريكا فسيجدها في خط بياني تصاعدي و بأعداد يصعب تصديقها لضخامتها ...!
سادسا : التمايز العرقي الذي لازال ينخر بالمجتمع الأمريكي و لا وجود لمؤشرات حقيقية تدل على أن المجتمع الأمريكي يسير نحو الانسجام بين مكوناته .
سابعا : ظهور نشاطات من الداخل الأمريكي مناهضة للهيمنة الأمريكية على الدول الأخرى و على مصائر شعوبها و منها حركة انتيفا ( انتي فاشيست ) المعادية للفاشية الجديدة .
هذه الأمور و غيرها تسببت في تراجع السيطرة الأمريكية على مصير شعوب دول العالم الأخرى و ستنحسر الإمبراطورية الأمريكية تدريجيا لتصبح شيء من الماضي , فأمريكا كإمبراطورية ستزول و تتحول الى مجرد دولة حالها حال باقي دول العالم .
لا شك أن اركان الدولة العميقة في أمريكا بدأت تَتَشَكلْ من جديد هدفها تحقيق امريكا أولا , و المقصود بهذا التعبير هو أمريكا الدولة في حدودها الجغرافية و ليس امريكا الإمبراطورية .
أن عصر الإمبراطوريات سينتهي و أمريكا هي أخر الإمبراطوريات في التاريخ الإنساني اذ لا تستطيع اية دولة في المستقبل فرض سيطرتها و هيمنتها على الدول الأخرى , فعالم المستقبل سيكون عالم متعدد الأقطاب و ستكون خيارات جميع الدول مفتوحة من خلال عولمة جديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يكشف عن مقترح روسي لـ -سلام واقعي- في أوكرانيا


.. قمة سويسرا للسلام.. حشد دولي كبير في محاولة لعزل روسيا




.. حرائق إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا جنوب لبنان


.. بعد سنوات من التخطيط.. مسار ركوب الأمواج الاصطناعي يفتح أبوا




.. حصاد ثقيل لسبعة عشر عاما من حكم حماس في قطاع غزة | #نيوز_بلس