الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفكرة مهووس 1993(ماركو فيريري):تاريخ مضطرب مع النساء

بلال سمير الصدّر

2021 / 10 / 19
الادب والفن


وكان النهاية تنعكس في البداية،على ان مخرجنا لن يكون ابدا بطلا من ابطال السرد أو مهتم بالشكل أو عكس تقنية السرد،فشخص ما-كالعادة-يمشي في البحر ويوحي بانه سينتحر،وهذه هي النهاية المفضلة عند ماركو فيريري،وهي نهاية فيلم البحث عن ملجأ،ونهاية فيلم قصة فييرا،كما ان بطلة فيلم حريمها تنتهي أنوثتها المتحورة في البحر ايضا.
لعل كلمة روبرتو في البحث عن ملجأ معبرة جدا...هل تعتقد صحة مقولة أن البحر هو أمنا...؟
من عنوان الفيلم،يتضح العديد من الأشياء،أولها أن هناك شخصية مركزية في الفيلم،والهوس لابد أن يكون- jerry cale بدون اي تعدد للخيارات-هوس جنسي،وهذا مؤكد،أي ان بينيتو بطل الفيلم-الممثل –
يعاني من كبت جنسي لايمكن مماثلته مع نقطة اجهاد البالون ولا مع بطل فيلم (رجل مع بالونات) الذي قام بدور البطولة فيه مارسيلو ماستروياني.
رجل في اواسط الثلاثينات من عمره،يعيش وحيدا في غرفة مع امرأة عجوز تقوم على خدمته وستطرده لاحقا بوصفها مالكة المنزل،وهو منذ البداية يركز على طول قضيبه مسترشدا بصورة يحاكي فيها البدائيين،وهي حالة ليست غريبة على مخرج نزع بطل اقوى افلامه وافضلها الى العودة الى البدائية-ديلنجر قد مات-ويلمح طويلا الى كانبالية مشتركة مزدوجة خاصة من التهام الرجل للمرأة...كانبالية من الماضي السحيق وذات حضور حتى اليوم.
نكتشف لاحقا ان بينيتو طالب فلسفة،وهو الذي سوف يساعدنا أن نقول بأنه ينظر الى الأمور بطريقة اخرى ونظرة مختلفة،ومنها انه يقوم بالتأريخ لنفسه وتاريخه ذو عنوان عريض...فقط المرأة.
قلنا اعلاه،أن ماركو فيريري ليس بطلا من ابطال السرد،على ان بطلنا يعيش في ماضيه،ويسترجع ماضيه الديني بشيء من الألم...بشيء من الذكرى ذات العلاقة الكبرى بالحياة،خاصة القسوة الشديدة بالمنع والضد من قبل رجال الدين،والمقصود بالضد طبعا هو الحلال والحرام،ومن ثم المنع أي تطبيق العقوبة الدينية الصارمة على مرتكبيها.
إذا،بنية الفيلم ذات نواحي متعددة،ولكنها في نفس الوقت تقليدية في الطرح والمعالجة،على ان البنية السردية مختلفة تشكيلا عن ما عهدناه عند المخرج ماركو فيريري،كما ان الشخصية لا تعاني من عقدة نفسية محددة،فكل هوسه هو تاريخه المضطرب مع النساء،وتصرفه التلقائي مع العاهرات وجرأته الجنسية بحيث انه لا يجد اي خوف من ممارسة تحرش على الملأ،كما أنه مخادع وليس بريئا تماما،أو ربما ضعيف الشخصية كما نعتقد...هو ببساطة مهووس بالنساء وبتحليل علاقاته معهن بشكل اكثر تعقيدا من الآخرين حتى تتأطر علاقته بلويجا التي بدورها تأطر علاقته بالنساء،أي يتحقق الهدف المنشود من الارتباط،على ان هذا الارتباط مرفوض من قبله غير قادر على تقبله،وهذا شيء بالنسبة اليه يوحي بالتساؤل:هل هو الحب أم الدمار...الهلاك...الجحيم؟
ما هو المعطي الأول في التكوين:الزواج أم الدافع الجنسي؟
أم كلاهما وجهان لعملة واحدة...؟
في لقطة متخيلة من قبل بينيتو،تظهر لويجا على خلفية شاشة توحي بالغروب...تتقدم...تتقدم أكثر نحو الكاميرا وهي بلباس العرس...تنادي عليه:بينيتو أنا حمامتك الصافية
يظهر بينيتو من خلفها...من مكان بعيد،من اقصى عمق للشاشة ويظهر معه ظله بوضوح:أنها تحبني
ومن دوون قطع مونتاجي أو لقطة حركة...يظهر وجهه على الشاشة قائلا:
ولكن بالطبع...أنا لي تحفظاتي
تعود لويجي أدراجها عارية تماما...ينظر اليها ويطلب منها ان تضع شيئا على نفسها
هناك عنصر انثوي مثير للإشمئزاز...بينيتو يعتقد بأنه ضحية ارتباط عنصري...من الواضح بانه يريد الجنس Perfect Womanفقط ولا يبحث عن العنصر الكامل للمرأة.....
ضحية ارتباط عنصري:المرأة بالنسبة اليه كائن لايصلح الا للجنس
وغير ذلك،لايوجد شيء غير طبيعي في ارضاء هذا الرجل لغاياته الجنسية،كما انه لايوجد هناك حاجز سردي يفصل بين الواقع والمتخيل سوى اللقطة السابقة-لقطة لويجا بثوب الزفاف-بالاضافة الى ارتداده أو نكوصه الى الماضي-الذي بات واضحا-لتوضيخ نشأته الدينية الصارمة،والتي بحد ذاتها عقدة بالنسبة اليه Don Giuseppeممثلة بشخصية رجل الدين:
وهو والذي اتهمه ذات يوم بسرقة أموال الكنيسة...
ماهي نقطة جنون بنيتو...اهتمامه الزائد بالمرأة...هل هذا هو تعريف الهوس؟!
حتى الآن،نموذج بنيتو ملفت للنظر،ولكن حماسة فيلم رجل مع بالونات ممتعة أكثر من حبكة هذا الفيلم.
ولكن،بالنسبة الينا-يحدث الانقلاب عندما يقع بنيتو ضحية الشعور الذي يدعى بالحب،الحب هو مسمى آخر للامتلاك،الأنانية المتطرفة ذات الشكل السادي أحيانا او الغيرة الامتلاكية...ولكن:
ما هو الواقع المنعكس للفكرة...لويجا ماذا تفعل حقا...؟
لقد تحولت الى راقصة تعري،ويزيد ماركو فيريري من تطرف العقدة لأنها ستتحول لاحقا الى ممثلة بورنو،وهو الأمر الذي في حقيقته يدفعه الى العصبية والاحباط،والرغبة في الالتهام لتحقيق حالة حقيقية ومعنوية في نفس الوقت للالتهام الكامل...
في الحقيقة،بينيتو حسب ما نراه،هو ضحية شعو ربشري كامن حتى لو كان غير مؤمن به،فهو ان كان يريد ان يمتلك كل النساء ذات مرة،اصبح تفكيره موجها الى لويجا بطغيان امتلاكي،نحو امراة واحدة هي ملك كل الرجال الآن...
هل نتجه نحو البدائية...أي نوع من المشايعة الجنسية؟!
توفي ماركو فيري في 9 مايو من عام 1997،حيث لم يتبقى لهذا المخرج الشيء الكثير ليقوله،وهذا الفيلم جيد ولكنه مغلف بضباب ولايعبر عن رؤية واضحة ولا مقنعة.
ختاما،نعتقد ان ذروة عمل ماركو فيري هو (ديلنجر قد مات)،غير مختلفين مع النقاد أبدا،وبعده مباشرة يأتي فيلم الجمهور وحريمها في المرتبة الثانية،والثالث هو رجل مع بالونات بنسخته الثانية وليس الأولى،وربما الرابع هو فيلم وداعا أيها القرد،وطبعا كما هو ملاحظ اسقطنا فيلم الوليمة الكبيرة من هذه المفاضلة.
23/07/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الفنان السعودي سعد خضر لـ صباح العربية: الصور المنتشرة في ال




.. الفنان السعودي سعد خضر يكشف لـ صباح العربية سبب اختفائه عن ا


.. الفنان السعودي سعد خضر يرد على شائعة وفاته: مزعجة ونسأل الله




.. مهرجان كان السينمائي : فيلم -البحر البعيد- للمخرج المغربي سع