الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق الاسلم رغم مرارته

تقي الوزان

2006 / 8 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مثلما تمكن المجرم صدام ونظامه المقبور من ايصال المجتمع العراقي واحزابه الوطنية الى قناعة بعدم التمكن من اسقاط نظامه , تمكن الامريكان وبأشكال مختلفة من خلق القناعة ايضاً بأن حامي التوازن بين مختلف المكونات وحامي وحدة العراق هي سلطات الأحتلال الامريكي . وطيلة الثلاث سنوات والنصف التي أعقبت سقوط النظام أضعفت أغلب المشاريع الوطنية . ودخل صراع المكونات السياسية العراقية في آتون المشروعين الرئيسيين في المنطقة , النووي الإيراني الداعي لتصدير الثورة الأسلامية , وأدخال المنطقة تحت جناح حمايتها النووية , والأمريكي الداعي لمنع النووي الإيراني , وخلق شرق أوسط جديد بمواصفات العولمة الأمريكية . ولا وجود فاعل للمشروع الوطني حالياً , وبهذا " اللاوجود " تسارع الأنحدار في كل الأتجاهات , والكل يركض لأقتناص أي شئ , وبكل الطرق . ولحظة التصادم بات الكل يشعر بقربها .
المشروع الأمريكي لف حوله أغلب الأحزاب السياسية العراقية المعارضة ايام النظام المقبور , والتحقت به في الفترة الأخيرة بقايا حزب البعث بعد ان تأكدت من عدم وجود تعارض بين مشروعها القاضي بعدم معاقبة أغلب مجرمي النظام السابق , وأستعادة السلطة , او قسم منها , وبين المشروع الأمريكي . اما الطرف الآخر لف تنظيمات "القاعدة" والسنة التكفيريين , وبعض الأطراف الشيعية المرتبطة بالمشروع الإيراني . ومن هذه النقطة لايستبعد بعض المراقبين من تعاون ايران وجماعتها مع تنظيمات "القاعدة" لتنفيذ بعض التفجيرات الأنتحارية في مناطق شيعية مغلقة , لزيادة التوتر الطائفي , ودفع اكثرالبسطاء الشيعة لطلب حماية الأحزاب الطائفية, والقبول بتنفيذ مشاريعها السياسية مثل اقامة فيدرالية الوسط والجنوب الطائفية .
ان دوران الأحزاب العراقية في فلك سلطات الأحتلال صاحبة الأدارة الحقيقية , يوضح أملها في تثبيت تجربة الديمقراطية وتعميقها , وامكانية تحقيق مصالح اكثر جذرية للعراقيين بعد استتباب الامن وعودة الحياة الطبيعية الى الواقع العراقي . والسؤال : متى ستسمح سلطات الاحتلال بهذه العودة ؟! . ورغم صعوبة التوقع فهي اهون من نفق الظلام الذي تنوي ايران ادخالنا فيه كما تقول بعض الأحزاب .
والتجربة اللبنانية الأخيرة توضح مسار الطريق المجهول الذي سيق لبنان اليه , اذ ان الجمر لايزال ساخنا بعد ان غلفه رماد ايقاف العمليات العسكرية , ولاتزال نفس التوجهات قائمة لجولة أخرى . فايران لم تستطع اعاقة تقدم مشروع محاسبتها على مشروعها النووي , وسورية لم تتمكن من الخروج من عزلتها وايقاف التحقيقات وانشاء المحكمة الخاصة بأغتيال رفيق الحريري المتهمة بها , وحزب الله الذي اظهر كل هذا الصمود والبسالة يلملم اشلاء الدمار الذي لحق بلبنان واهله , ويحاول تخفيف ثقل المأساة عن طريق بعض التعويضات المالية التي استلمها من ايران . اسرائيل والأمريكان من جهتهم لم يتمكنوا من قص الجناح الايراني في لبنان , نتيجة تماسك الشعب اللبناني ووقوفه خلف صمود "حزب الله " البطولي في رد جبروت الآلة العسكرية الجهنمية الأسرائيلية .
الطرفان يستعدان لجولة جديدة , ولا يعرف هل ستكون بين اسرائيل و"حزب الله " مرة أخرى , ام بين "حزب الله " وباقي اطراف الحركة الوطنية التي تريد اخراج لبنان من دائرة صراع المشروعين الرئيسيين الايراني والامريكي , وهذا الاستعداد ظهر واضحا من خلال كلمة الرئيس السوري بشار الاسد الذي هاجم فيها الحركة الوطنية اللبنانية , وباقي الدول العربية , والغرب . وكذلك من خلال تمنع ارسال قوات حفظ السلام من قبل دول ساهمت بشكل اساس في صنع القرار الأممي 1701 مثل فرنسا ,ايطاليا ,المانيا . والتي لاتريد ان تضع جنودها في الطاحونة التي ربما ستدور رحاها مرة اخرى .
والذي يهمنا عدم تكرار التجربة اللبنانية والسقوط بين فكي رحا المشروعين الايراني والامريكي , وتجنيب العراق خسائر جديدة لايقوى العراق على حملها . والحدود مع ايران ودخول قوات ايرانية لن يكون عامل نصر للمشروع الايراني بقدر ما هو سفك لمزيد من الدماء العراقية , وتدمير ما تبقى من مظاهر الحياة .
والطريق الوحيد للخلاص هو في مشروع " المصالحة الوطنية " الذي قدمه رئيس الوزراء السيد المالكي . رغم مرارته , وتسرب الكثير من البعثيين تحت جناحيه . ان الصراع الدموي الطائفي الحالي سوف لن ينتهي بأنتصار احد الطرفين طالما توجد سلطة الاحتلال التي وجهت هذا الصراع وقادته ليكون بالصورة الحالية , والذي جاء متماشياً مع الرغبة الايرانية في الكثير من مراحله .
لقد ابتلت شعوب المنطقة بأنظمة حكم اشبه بالإيدز , قمعتها بشكل عنيف , وانهت مناعتها ضد مشاريع الأستغلال الأجنبية , ووجدت هذه الجماهير نفسها لاحول لها ولاقوة, ولا مؤسسات سياسية تدافع عنها , ووجدت التدخل الأجنبي هو المنقذ لتغير واقعها المزري , رغم الأنتشار السرطاني للعولمة الأمريكية , وما سيولده من مضاعفات تستنزف الجميع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج