الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتخابات جديدة بخلافات قديمة

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2021 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


المتتبع للشأن العراقي، منذ عام 2003 إلى نهاية انتخاباته الأخيرة، يخلص إلى نتيجة مفادها أن لا شيء يراد له أن يتغير في هذا البلد، وخاصة في صيغته وخارطته ووجهته السياسية.
فرغم أن انتخابات العاشر من تشرين أول/ أكتوبر الحالي قد جاءت كنتيجة لعملية ضغط شعبي طالب بعملية تغيير سياسي شاملة، وهي التي ترتبت وجاءت كنتيجة حتمية لجملة من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن نتيجة هذه الانتخابات لم تأت بعملية التغيير المنشودة، والتي كانت أهم أهدافها المرجوة، عملية تغيير للطبقة السياسية المسيطرة على مقاليد السلطة، وليس لتغيير مواقعها في خارطة السلطة من الخارج، أي تغيير مراكزها في مواقع صنع القرار وعدد مقاعدها في البرلمان وحصصها من الوزارات.
نتيجة انتخابات العاشر من أكتوبر الحالي تؤشر إلى عدة أمور إشكالية في الحياة السياسية العراقية، أولها وأهمها هو هيمنة الطبقة السياسية على السلطة وعدم رغبتها في تركها مهما كان الحال. ثاني هذه الأمور هو إن عملية التصويت عبر صناديق الاقتراع هي مجرد اجراء شكلي لإتمام الصورة ولا أحد، من هذه الطبقة السياسية، يؤمن به كعامل تغيير للخارطة السياسية. أما ثالث هذه الأمور أو المؤشرات وهو أهمها فهو أن الوضع السياسي والسلطوي يجب أن يبقى على ما هو عليه، وكما تريد وتخطط هذه الطبقة حتى لو ذهب العراق وشعبه إلى قعر الجحيم، لأنه بالفعل ومن الناحية العملية، ومنذ عقدين، هما في الجحيم بالفعل.
فما أن أعلنت مفوضية الانتخابات عن النتائج الأولية (وهو كما توحي تسميته، فإنه اجراء مبتدع لجس نبض أحزاب وكتل الطبقة السياسية المسيطرة، سواء من قبل المفوضية ذاتها أو من قبل جهة ما) حتى بادرت أحزاب وكتل السلطة إلى رفض هذه النتائج واتهام المفوضية بالتحيز والتزوير، وبالتالي، وبعد تثبيتها بشكل رسمي كنتائج نهائية، إلى رفضها وتخوين المفوضية والحكومة معاً، والمطالبة بإعادة الانتخابات ككل، وإلا لجأت هذه الطبقة وأحزابها إلى السلاح لتغييرها بالقوة.
لماذا أجريت الانتخابات ولماذا ضيعنا عليها ملايين الدولات إذاً؟
من أجل أن تقول الطبقة السياسية أنها استجابت لانتفاضة الشعب وحققت له ما طالب به، انتخابات مبكرة تلت عملية إزاحة الحكومة التي طالب بإزاحتها عن السلطة، أما أن تصل مطامع الشعب إلى إزاحة الطبقة السياسية المهيمنة على كامل البلاد ومقدراتها وثرواتها وقرارها السياسي السيادي، فهذا هو (عشم ابليس في الجنة)، كما يقول المثل الدارج.
على ماذا ثار الشعب في تشرين/أكتوبر عام 2019 ، ودفع أكثر من ألف ضحية بريئة ومئات المغيبين وما يقرب من ثلاثين ألف مصاب إذاً؟ أمن أجل إزاحة حكومة كارتونية وإجراء انتخابات صورية، يجب ألا يطال تغييرها خارطة الأحزاب السياسية وسلطاتها، أم من أجل، وهذا ما كان أول مطالب الثائرين، إزاحة الطبقة السياسية التي تختطف البلد ومقدراته وقراره السياسي وإلى الأبد؟
ما قيمة انتخابات حزبية (هي بالفعل انتخابات بين حصص الأحزاب من السلطة وليست انتخابات برلمانية) تبقي ذات الأحزاب والوجوه في مواقع السلطة، لتبقي بدورها ذات المشاكل والخلافات القديمة التي ثار الشعب من أجل التخلص منها ومن ارثها المدمر؟
انتخابات شبه صورية وفاقدة للشرعية، لأنها لم تحظ بنسبة مشاركة شعبية تمنحها الشرعية، ولأنها فقط قللت نسبة حصص الطبقة السياسية في البرلمان، تقابل بالتخوين والرفض والمطالبة بإعادتها، ترى كيف كان سيكون الوضع فيما لو لم تحصل أحزاب هذه الطبقة على أي حصة في البرلمان وما يتفرع عن عضويته من مناصب وسلطات وثروات؟ ألم تكن ستقلب عالي أرض العراق سافلها وتحرق المعبد على رؤوس الشعب؟
السؤال الذي دوخ أركان وأحزاب الطبقة السياسية في هذه الانتخابات هو: كيف حصل أن تغيرت نتيجة انتخابات هذه المرة عن نتائج سابقاتها، التي كانت تبقي كل كتلة سياسية في مكانها، وكل حزب من أحزاب كل كتلة في مواقعه من مقاعد السلطة، مع تغيير بعض الوجوه الثانوية؟
هنا الطبقة السياسية لا تلتفت إلى أمر أن انتخابات هذه المرة قد جاءت كنتيجة لثورة شعب، ظلمته هي وحرمته من أبسط حقوقه الإنسانية والمدنية وطوحت بكرامته وكرامة بلده، بل لم تفكر إلا في أنها كانت ضحية لمؤامرة من قبل الحكومة ومفوضية الانتخابات وبدعم من أطراف خارجية، متناسية أن ما تسميه حكومة هي ممثلة في وزاراتها، وبنسبة حصص تفاوضوا هم عليها وأقروها بقبولهم الشخصي؛ وأيضاً متناسية أن ما يسمى بمفوضية الانتخابات ذاتها، في إدارتها وهيئتها العليا المتحكمة بقرارها، هي أيضاً ممثلة فيها ووفق نظام المحاصصة الحزبية.
المهم هو، وفي هذه الانتخابات بالذات، وعلى خلاف كل توقعات المواطن العراقي، أن دور وأثر ومطالب الشعب غير داخلة وغير محسوبة في معادلة عملية التغيير السياسي وما يتبعها من عملية تقسيم مقاعد السلطة ومراكز النفوذ، وإن كل ما حسبت بموجبه، الطبقة السياسية، نتائج صناديق الاقتراع هو أن نتائج الانتخابات كانت مدبرة وبفعل فاعل، بقصد إقصائها من مناصبها الحكومية والسلطوية وصناعة قرار الدولة، وبالتالي من أجل الإضرار بمصالحها وحرمانها من نصيبها من ثروات البلد، ولم تكن عملية التغيير التي جاءت بها أصوات الناخبين، كنتيجة لقرار المواطن وباختياره الحر، بعد أن صبر وعانى لعقدين كاملين من عمره وعمر بلده، من دون أن تبدي هذه الطبقة أي بادرة لتغيير سلوكها تجاهه وتجاه مصالح البلد.
لم تحسب الطبقة السياسية وأحزابها نتائج الانتخابات إلا وفق نظرية المؤامرة، مصطفى الكاظمي ومن يقف وراءه من أطراف خارجية مشبوهة زوروا نتائج الانتخابات بقصد إزاحتهم عن مواقع السلطة، وإلا فإن أصوات الناخبين كان معظمها لهم ومن أجل بقائهم لأربع سنوات أخرى في السلطة. لماذا؟ لما قدمتموه من عزة وحرية ورفاه وخدمات للمواطن؟ إذاً لماذا ثار الشعب عليكم في أكتوبر/ تشرين من عام 2019 وأسقط حكومتكم وطالب بهذه الانتخابات؟
أمن أجل إقامة انتخابات صورية لم يذهب إليها سوى أتباعكم المستفيدين مما تقتطعون لأنفسكم ولهم من ثروات البلد ومراكز سلطته؟
هل أخبركم بالنسبة الحقيقية لمن صوتوا في هذه الانتخابات؟ 11% فقط من مجموع 22 مليون ممن يحق لهم التصويت. هل وصلت الرسالة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران