الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ياسين وجميلة

احمد عبدول

2021 / 10 / 22
الادب والفن



ابو ياسين رجل كادح في منتصف العقد السادس من العمر اسمر البشرة اشيب الراس مائل للقصر يخرج منذ الصباح الباكر لبيع الشاي بالقرب من اكاديمية الفنون الجميلة في الوزيرية ولا يعود الى البيت الا عند حلول الظلام وهو يقود دراجته النارية المتهالكة المسماة (ام الدوبة) والتي كانت تتسع لنقل ثلاثة اشخاص
رزق ابو ياسين بثلاث بنات وولد كان ياسين اخر العنقود والذي اسمته امه بهذا الاسم بعد ان نصحتها جارتها ام وليد المرأة التي كانت تأخذ الخيرة وتقرأ الطالع لنساء (الدربونة ) وتصنع الاحراز والادعية والتي كانت تدسها داخل لفافات ورقية صغيرة وتقوم ببيعها للنساء المتزوجات وغير المتزوجات طلبا للرزق ودفعا للمكروه لقد اشارت ام وليد ان تقوم ام زكية بنشر المصحف الشريف على بطنها اثناء الاشهر الاولى للحمل وان تقرا لها احدى بناتها سورة ياسين لكي يكون المولود ذكرا ولم تتم الام شهرها التاسع حتى رزقها الله بمولود ذكر اسمته ياسين ليكون بذلك سندا ومعينا لأخواته زكية وانتصار واحلام كما كان يردد والده وقد طار فرحا وسرورا
لم تستطع ام ياسين ان ترضع ولدها فقد تمت ولادته عبر عملية قيصرية كبرى كادت ان تودي بحياة الام لذلك حرم من حليب والدته فكانت اخته الكبرى زكية تقوم برعايته بعد بقاء الام داخل مشفى الكرخ الجمهوري للولادة نهاية ستينيات القرن الماضي
كانت زكية تذهب ال بيت ابو صالح الذين كانوا يربون الابقار في الساحة التي تقع قبالة دارهم وكانت تشتري منهم قناني الحليب الدافئ بكميات كبيرة بالماء ثم تأتي به لتقوم بتسخينه ثم تشربه لياسين والذي كان لا يستفاد منه كثيرا بل كان وبالا عليه كون حليب الابقار يكون دسما حتى لو خفف بالماء
ظل ياسين على هكذا حال حتى بعد ان خرجت والدته من المشفى وقد مكثت هناك (20) يوما
ام ياسين امرأة متوسطة الطول ذات بشرة بيضاء وانف مدبب يحبها اهالي المنطقة لجميل خصالها وطيبة قلبها وحلاوة طباعها وطلاقة محياها فهي تلقي بالسلام على كل من تصادفه صغيرا كان ام كبيرا غريبا ام قريبا والابتسامة لا تفارق محياها اما صوتها فكان صوتا جنوبيا يمتلئ بمشاعر الطيبة والبساطة والعفوية
تستيقظ مبكرا لتجمع اكوام الحطب الذي يأتي به زوجها ايام الجمع ثم تزجر التنور وتقوم بإعداد الفطور لزوجها الذي يسارع قبل كل شيء لتدخين سيكاره سومر ويكتفي بتناول لقيمات اما الشاي فكان يشرب كوبين او ثلاث بسرعة فائقة وكان اذا هم بالخروج القى بنظراته لأولاده وكانه سوف لن يراهم مرة اخرى فكانت زوجته تعاتبه في ذلك
يسكن ابو ياسين دارا متواضعة لا تتجاوز مساحتها ال (100) متر مربع في احد احياء العاصمة بغداد في جانب الكرخ استطاع ان يشتريها بعد ان تم بيع بيت واله ووالدته رحمها الله وقد قدم له اخوته المساعدة عندما تنازل احدهم من حصته لأخيه فقد كان اخاه الاكبر ابو طارق واخته فضيلة افضل حالا منه وراح هو يستدين مبلغا من المال من اقارب ام ياسين فكان ان اشترى ذلك البيت

كانت قوافل الشهداء تترى فلم يمض تسبوه او اسبوعين الا وكان هناك سردق للعزاء لشهيد من ابناء المنطقة جراء المعارك المستعرة على طول الخطوط الحدود العراقية الايرانية اما صوت القارئ عبد الباسط عبد الصمد فقد كان لا يفارق اسماع اهالي المنطقة وقد امتلأت افئدتهم حزنا وكما على فراق احبتهم وابنائهم

الرفاق البعثيون ممن يرتدي البزة ذات اللون الزيتوني ويحملون بنادق الكلاشنكوف كانوا يقومون بتهيئة واعداد حملات تطوعية للانخراط في صفوف المقاتلين حسب ما يأتيهم من برقيات من الجهات العليا فكانوا يطاردون طلاب المدارس الاعدادية وكبار السن بين اونة واخرى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح