الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنتظر جنوني

دنيا الأمل إسماعيل

2006 / 8 / 23
الادب والفن


الموت الذي يشاركنا لقمة الصباح والمساء ونزهة الشاطيء وخروج الأبناء الصباحي، أمات فينا خوفنا الإنساني، وأحيا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب عدو.
أنتظر جنوني، فأحبل بالبحر لعل ثورة تنبع من بين اليدين، لكنّي أفيق على صمت أخضع له وبه، في انتظار هدايا الاعتذار المخفورة باستعراض ريفي.
سيمر الليل بخمسة عشر غارة جوية، وما يزيد من فائض الموت، سيمر الليل عامراً بالأخبار، مما لا يسرّ نزهة المشتاق، وقطفة للحبيبة على غير انتظار0
يرتفع الآذان والطائرات لم تتهيب، إذ لا صلاة إلاّ للواصلين، وأنا لم أصل بعد، لا إلى صلاة ولا إلى غيرها، لكنّ قلبي ذائب من هيبة الآذان، مشرّعة أبوابه على دفقة الكتابة والعروج، فأيٌّ الطريقين أقرب وصلاًً0
أنا المنسيّة تحت أجنحة الليل، وعصافيري مهاجرة مع وليها، ولا وليّ لي سوى ألم الكتابة وعسرّ سريانها، فأبوابها لا تفتح بغير ألم ودمعٍ ودمٍ وصراخ000 الأبواب مغلقة على خوفها من قلة الخوف والبصيرة ووفرة الأبم0
لمرة مكررة، تضيق مسافاتها، فتحكم حضورها في ارتجاج المنزل - لم يعد بيتاً- تحول منزلاً، مؤقتاً ربما، ثابتاً ربما، عابراً غالباً، وإن طال بقاؤه0
تبكي صغيرتي بغير دموع، وهي ممددة على سريرها، تحوش السمع عن أذنيها فلا تقدر، فيهوي الصوت مزعزعاً ترتيب حلمها، فلا تعرف عودة إليه سوى صحوها المضطرب وهي تساند جسمها الصغير بجسدي الواهن0 من يسند من يا طفلتي الصغيرة، أولا تدرين أنني أخاف موتي خوفاً عليكنّ، إنه كلام الأمهات000 أجزم الآن أنّ درويش كان نسوياً صادقاً في قصيدته "أحن إلى خبز أمي"، أنا أيضاً أحنّ إلى خبز أمي، غير أنني في الوطن وأمي خارجه، لا تقدر هي على الدخول، ولا أقدر أنا على الخروج0
بان الصباح0 لي مساحة مسيّجة من الفضاء بحجم باب شرفتي، أكره السياج وأكره الفضاء الضيق وأحنّ إلى صباح بالنعنع طالع من دفتر الطفولة، أردّه إلى طفولتكنّ يا بناتي الصغيرات0

بان الصباح ولم تبن لي طريق للأمل، فأراود عمري بالانتظار مرات كثيرة، وبالتمرد أحياناً، فأتمنى الجنون في غير محله0 حالة هروب من العجز وقلة الحيلة وتقييد المصير0
الزنّانة تعود ترشق نغماتها على صباح الحصار المائتين وواحد وعشرين0 كم مئة أخرى ستحتاجها لتثبت تفوقها وقلة حيلتنا0
عابراً من جنونه إلى جنوني هذا البيت، هادراً في ألاعيب الجنوسة، واقفاً على قسمة ضيمى، مسنوداً على حدّ الانتظار وسوء التأويل، موبوءاً بوعي الذات وخرافة التحرر. أنتظر جنوني لحل أمثل لوقف الاستيطان وانتهاك الخصوصية وقلة الرومانسية وانعدام الفهم وازدواجية اللغة وقهر المعرفة0
أنتظر جنوني كي أهرب من قهر الأمومة وحلم الكتابة وعزلة العينين وضيق الأمل وما لايحصى من أشياء صغيرة لا تغتفر0
لم أعد بحاجة إلى فهمٍ ما، لقد تأقلمتُ جيداً جداً، أكثر مما توقعت حواسي وهي تركض نحو سباتها العميق.
لا أنتظر000
فعلياً قد جننتُ في بهاء كلمةٍ كلما اقتربت تباعدت0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا