الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءات في كتاب - الثروة، الفقر والسياسة- العوامل الثقافية1(8)

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2021 / 10 / 26
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يستهل الدكتور سويل الفصل الثاني - العوامل الثقافية بمقولة مقتبسة من كتاب ديفيد س لانديز الموسوم " ثروة وفقر الأمم: لماذا البعض غني جدًا والبعض الآخر فقير جدًا": "إذا تعلمنا أي شيء من تاريخ التنمية الاقتصادية، الثقافة تصنع كل الفرق تقريبًا. شاهد مشروع الأقليات المغتربة - الصينيون في شرق وجنوب شرق آسيا، والهنود في شرق إفريقيا، واللبنانيون في غرب إفريقيا، واليهود والكالفينيون في معظم أنحاء أوروبا، وما إلى ذلك. ومع ذلك، فإن الثقافة، بمعنى القيم الداخلية والمواقف التي توجه السكان، تخيف العلماء"*
بعدها يستمر الدكتور سويل في طرح وجهات نظره حول الموضوع. { يُرجى ملاحظة كلما تَرِدْ داخل هذا النمط من الأقواس { } من تعليقات وتوضيحات مضافة من قبلنا}:
الجغرافيا هي تأثير ليست الأقدار. يعتمد الكثير من تأثيرات الجغرافيا على الدخل والثروة على حجم العالم الثقافي المتاح لشعوب مختلفة في بيئات مادية مختلفة. قد يكون إعتبار الأماكن ذات التركيزات الغنية بالموارد الطبيعية، مثل النفط في المملكة العربية السعودية أو الذهب في جنوب إفريقيا، دليلًا سيئًا للغاية للأماكن ذات الدخل المرتفع للفرد، حيث وصفت مجلة الإيكونوميست نيجيريا، بأنها دولة "غنية باحتياطيات النفط ولكنها فقيرة للغاية". { وصف د. حميد عبدلله من جانبه العراق ب:"أغناه الله وأفقره الفاشلون". هل أنت مقتنع بهذا الوصف؟ التفاصيل على الرابط : https://www.facebook.com/588666114586423/posts/4326159714170359/ }
بدون توفر المتطلبات الثقافية الضرورية المسبقة لإرتقاء الموارد والخامات الطبيعية وتحويلها إلى ثروة حقيقية، فإن هذه الموارد والخامات بذاتها ذات قيمة إقتصادية ضئيلة أو معدومة. كانت الموارد الطبيعية التي نستخدمها اليوم أكثر وفرة في عصر رجل الكهف، لكن الناس طوال عصر ما قبل التاريخ لم يتمكنوا من استخدام معظمها بسبب موانع ثقافية -{المقصود معرفية}.
حتى رأس المال المادي يكون ذا فائدة قليلة أو معدومة بدون المتطلبات الثقافية الأساسية لتشغيله وصيانته وإصلاحه واستبداله عندما يبلى. وعلى النقيض من ذلك، فإن الدمار الشامل لرأس المال المادي، كالذي حدث في أوروبا الغربية خلال الحرب العالمية الثانية، أعقبه انتعاش اقتصادي خلال سنوات قليلة نسبيًا بعد انتهاء الحرب. غالبًا ما يُنسب هذا الانتعاش إلى المساعدة من الولايات المتحدة بموجب خطة مارشال؛{لربما كانت الثقافة والفكر الألمانيين أرض خصبة الى جانب محاولات غربية مستميتة لخلق "فردوس جذاب" على جانب الغرب الرأسمالي كإستراتيجية لإنهاء وجود "جحيم مذموم " في الشرق الاشتراكى وهزيمته الى الأبد خلال الحرب الباردة}. لكن الجهود اللاحقة لتعزيز التنمية الاقتصادية المماثلة في العالم الثالث من خلال تحويل كل من رأس المال المالي المادي إلى حكومات تلك البلدان، على مدى عقود طويلة، فشلت مرارًا وتكرارًا في إنتاج أي شيء مشابه. الفرق هو أن المتطلبات الثقافية - رأس المال البشري - التي أنتجت رأس المال المادي في أوروبا الغربية قبل الحرب نجت من الحرب قادرة على إنتاجه مرة أخرى. لكن رأس المال البشري المحدد، الذي تطور عبر القرون في أوروبا الغربية، لم يكن موجودًا على نفس النطاق في العالم الثالث، ولم يكن من الممكن إنشاؤه بين عشية وضحاها، أو حتى على مدى عدة عقود، في مجتمعات ذات مجموعة مختلفة تمامًا من الثقافات. لم يُطلب من دول العالم الثالث إعادة إنشاء مجتمعاتها الخاصة بعد بعض الكوارث،{ لم يقفوا عند هذا الحد، إنما أجهضوا جميع المحاولات التي جرت لأجل تجاوز حالتى التخلف والجمود اللتان تركتهما الكولونيالية خلفها في مستعمراتها أثناء مغادرتها ظاهىرياً. لقد طُلب منهم بشكل أساسي إنشاء اقتصادٍ جوهره التبعية للاقتصاد الغربي و لخدمته في المقام الأول} بدون قرون من التطور الثقافي المعين الذي أدى إلى تلك الاقتصادات في الغرب**، { ارتأيت الاشارة إلى القليل مما ذكره إدوارد سعيد في كتابه "الاستشراق - ص319-320 "# لتوضيح الخلفية التاريخية لهذا الاتهام المعيب وغير العادل للعالم الثالث وإلقاء مسؤولية ظاهرة الفقر عالمياً عليه. # الاستشراق - المفاهيم الغربية للشرق، تأليف: إدوارد سعيد ترجمة:د محمد عناني. صدر عن دار رؤية، للنشر والتوزيع عام 2008}

الهوامش:
* نشرت The New York Times مقال Douglas Martin الموسوم: "توفى المؤرخ والكاتب ديفيد س لانديز 89 عاماُ يوم 2013-8-17 " بتاريخ 7-9 - 2013 جاء فيه:
وصَفَ ميت رومني، المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية في عام 2012 البروفيسور لانديز باعتباره مؤثرًا. وأضاف رومني: (هناك ثقافات متفوقة superior وثقافتنا إحداها) في الكتاب الذي أصدره عام 2010 تحت عنوان:
(No Apology: The Case for American Greatness - لا اعتذار: حالة العظمة الأمريكية) "كما لاحظ ديفيد لانديز ـ `كل الفروقات سببها الثقافة`".
تكمن آراء البروفيسور لانديز وراء ملاحظة السيد رومني المثيرة للجدل. في يوليو 2012 أثناء حملة لجمع التبرعات في القدس. وفي كلمة ذكر فيها "ثروة وفقر الأمم" اقترح السيد رومني أن الثقافة المتفوقة تُفسر سبب نجاح الإسرائيليين اقتصاديًا أكثر من الفلسطينيين. وصف الفلسطينيون التصريح بالعنصرية وانتقدوا السيد رومني لعدم اعترافه بالقيود التجارية التي فرضتها إسرائيل عليهم.
لكن نجل البروفيسور لانديز، ريتشارد، مؤرخ في جامعة بوسطن، تحدث عن نفسه ونيابة عن والده، قال لصحيفة The Boston Globe أنهم وافقوا على تصريحات رومني حول الثقافة الإسرائيلية.
كما سعى ريتشارد لانديز إلى الثناء على الفلسطينيين من خلال الإشادة بثقافتهم والإشادة بنجاحهم الاقتصادي مقارنةً بثقافة الشعوب العربية الأخرى، وقال عن الفلسطينيين "الكثير من ذلك يأتي من ارتباطهم الوثيق بالصهاينة".
غالبًا ما كان البروفيسور لانديز وثيق الصلة بفرع الأكاديمية والسياسة المعروف باسم المحافظين الجدد جزئيًا لمدحه للنموذج الثقافي الاوروبي للتطور على تلك الخاصة بالثقافات الأخرى. لكن مواقفه لم تكن متوقعة دائمًا.
لقد انفصل عن الاقتصاديين المحافظين من خلال التشكيك في وجهة نظرهم بأن التجارة الحرة مفيدة دائمًا للتنمية. وعلى الرغم من اعتقاده أن الاستعمار ليس المسؤول عن ركود المستعمرات السابقة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأماكن أخرى، فقد شبه فظائع كولومبوس ضد السكان الأصليين في العالم الجديد بمحرقة هتلر.

في عام 1964، كتب رسالة إلى صحيفة نيويورك تايمز ينتقد فيها الاحتجاجات المعروفة باسم حركة حرية التعبير، والتي وصفها بأنها "أخطر اعتداء على الحرية الأكاديمية في أمريكا منذ عهد مكارثي".
تصحيح: سبتمبر. 15 ، 2013
ورد في بريد إلكتروني الى حقل التعليقات يوم الأحد الماضي حول نعي المؤرخ ديفيد س. كتبها ريتشارد لانديز لوحده، وليس "بيان مشترك" من ديفيد وريتشارد لانديز، وعبر البريد الإلكتروني عن دعم الرجلين للملاحظات التي أدلى بها ميت
رومني حول الثقافة الإسرائيلية، وليس للسيد رومني نفسه.

** بعض ملاحظات إدوارد سعيد ورد في كتابه"الاستشراق" ص 319-320:-
كانت الأطروحات الخاصة بتخلف الشرق وانحطاطه وعدم مساواته مع الغرب ترتبط بيسر بالغ في أوائل القرن التاسع عشر بالأفكار الخاصة بالأسس البيولوجية للتفاوت العنصرية وهكذا فإن التصنيفات العنصرية التى نجدها فى الكتاب الذى وضعه كوفييه بعنوان المملكة الحيوانية، وكتاب جوبينو وقال عن تفاوت الأجناس البشرية، وكتاب روبرت نوكس بعنوان أجناس البشر السمراء، وَجَدَت في الاستشراق الكامن شريكا يرغب فى العمل معها. ثم أضيف إلى هذه الأفكار مذهب دارويني من الدرجة الثانية، وكان فيما يبدو يؤكد ويبرز الصحة " العلمية" لتقسيم الأجناس البشرية إلى أجناس متقدمة وأجناس متخلفة، أو إلى أجناس أوروبية آرية، و أجناس شرقية إفريقية. وهكذا كانت مسألة الإمبريالية ومعارضيها، فى أواخر القرن التاسع عشر، تزيد من دعم التقسيم الى نمطين منفصلين: ما هو متقدم وما هو متخلف (أو محكوم) من الأجناس و الثقافات و المجتمعات……..كانت النظرة إلى الشرقيين- التي تجمع بينهم وبين سائر الشعوب التي كانت توصف إما بالتخلف أو بالانحطاط أو بعدم التحضر أو بالتأخر - تُقّدَّمْ فى إطار يجمع بين الحتمية البيولوجية و’التوبيخ’ الاخلاقى والسياسى معاً. وكانت هذه الأذهان تربط ما بين الشرقي وبين عناصر معينة في المجتمع الغربي (كالمحترفين، والمجانين، والنساء، والفقراء) باعتبار أنها تشترك فى هوية ٍ أفضل ما توصف به أنها أجنبية أو غريبة إلى حد جدير بالرثاء. ونادراً ما كان أحدٌ يرى الشرقيين أو ينظر اليهم، ولكن المفكرين كانوا يبحثون أمرهم ويحللون أحوالهم لا باعتبارهم مواطنين، أو حتى باعتبارهم بشراً، بل باعتبارهم مشكلات تتطلب الحل، أو فرض القيود، أو - بسبب طمع الدول الاستعمارية السافر في أراضيهم - تولي أمرهم. والمسألة هي أن مجرد وصف شيء ما بأنه شرقى كان يتضمن حُكمًا سبق النطق به على قيمته، وأما فيما يتعلق بالشعوب التي تسكن ولايات الدولة العثمانية التي تدهورت، فقد كان الوصف يتضمن برنامج عمل مضمراً. ولما كان الشرقى ينتمي إلى ’جنس محكوم’ كان لا بد من إخضاعه وحكمه: كانت المسألة بهذه البساطة. وأما المثال المأثور الذي يوضح مثل ذلك الحكم وطبيعة العمل المبني عليه فموجود في الكتاب الذي كتبه جوستاف لوبون الفرنسي بعنوان القوانين السيكولوجية لتطور الشعوب(1894).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا