الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بدون عمل/قصة قصيرة

رمزى حلمى لوقا

2021 / 10 / 26
الادب والفن


قصة قصيرة
،،،،،،،
بدون عمل
،،،،،،
شهورٌ طويلةٌ بلا عملٍ، بلا مورد رزقٍ، كانوا جميعهم يعلمون ذلك، ولم يفكر أحدهم أن يقدم لى السنارة؛ ولا حتى السّمكة ، إستدارت الدنيا لتواجهنى بوجهها القبيح، لعنة الأيام وتقلبات الزمن لا ترحم، طلبتهم ، وعدوني بالخير.

وقفت خارج أبوابهم في خشوع، نزل أحدهم من سيارته الفارهة، أشار من بعيدٍ بتحية خاطفةٍ؛ وانطلق إلى الداخل في حيويةٍ مفتعلةٍ ،اجتمعوا في مكاننا المعتاد، في مقعدي جلس آخر،
رُصّت أمامهم الأطباقُ الفاخرة، من خلال الواجهة الزجاجة ؛ عرفت ما بتلك الصحون التي يتصاعد منها الدخَّان، فلم أكن غريباً عن تلك الموائد العامرة.
تحسست جيبي، لم يكن معى حتى أجرة العودة إلى بيتي فى الجهة الأخري من العاصمة.
كان علىّ الإنتظار، فلم يعد لى خيارٌ آخر، كانت شلة الأمس القريب تمرّ من أمامي، واحد تلو الآخر، نصحني أحدُهم بالصبر عندما وجدنى أهمّ بالإنصراف، وربت آخر على كتفى، وألقى على مسامعى إحدى نكاته البذيئة، وانصرف إلى الداخل، وأخذ أحدهم آخر مليم كان معى، كى يدفعه بقشيشًا لركن سيارته.
كانت رائحة الشواء تلكُم معدتى الخاوية، بلا رحمة،أعرف تلك الروائح جيدًا، فكم كانت لي بهذا الركن صولات وجولات.
وأعرف أن فاتورة تلك المائدة تكفى لأسرتي اسبوعًا على الأقل.
لا أفهم لماذا حددوا لي هذا الموعد،، ولماذا لم يدعوني احدهم للدخول في صحبته، لقد وقفت معهم جميعًا في أزماتهم، وكنت نعم العون و السّند.
نعم تغير الحال، ولابد من الإعتراف بذلك وحفظ المقامات، حتى ملابسي لم تعد تليق بهم او بالمكان
إنتظرت طويلا
وكل الأفكار تتصارع داخلي، بيتي بلا طعام،زوجتي تبكى على الدوام، أطفالى يأكلهم الهُزال، آخر مليم أخذه هذا الصديق
الإنتظار لم يعد مملاً لمن في مثل حالتي، فليس لديّ ما أفعله، ولكن الأفكار المتصارعة بداخلي؛ تلح على بالحركة؛ تستعجلني وتضغط علىّ، لا يمكن أن يستمر هذا الوضع أكثر من ذلك، بعت ما يمكن أن يُباع، واستدنت بحيث لم يعد هناك مجال للإستدانة مجدداً.
لم أفكر طويلاً في الإنتحار، رفضت الفكرة مرارًا، رغم أنها الحل الأمثل، أصبحت عبئاً على الحياة ذاتها، أصبحت منبوذاً وعالة على أسرتي وعلى المجتمع، فهل لا يأتي الموت من تلقاء نفسه؛ بعد أن لفظتنا الحياة،لماذا يجب أن نذهب إليه بأنفسنا للخلاص من الألم والحسرة ووخز الضمير.

إذن، لم يعد لي غير الإنتظار، كيف أعود ولم تعد معى حتى أجرة العودة. وكيف أعود للأفواه الجائعة التى شارفت على الهلاك؛ بعد أن وعدتهم بالخير؛ كما وعدنى هؤلاء.
هل يمكن إن يتخلوا عنى، وقد كانت بينا شئونٌ وشجون.
طال الإنتظار، و الأطباق توضع محملة بخيرات الله، وتحمل وهي فارغة، ويتكرر المنظر فهم يعشقون الأكل ولهم معه طقوسهم المعهودة.
لماذا تُركت هكذا فى العراء؟
ربما تركونى؛ كي أفهم شيئًا كان لابد لي أن أفهمه من تلقاء نفسى، ولكن لا، يجب أن أكون صبورًا و حسن الظن،فالأمر الآن لا يحتمل إلا حسن الظن.
لم استوعب الأمر حتى بعد أن قدموا طعامي المفضل لكلابهم، تذكرت كيف كانوا ينتظرون خارج أبوابي، وكيف كنت أكرمهم.
هم يعلمون الآن إني بلا عمل، وأن معدتي وجيبي خاويان.
أراهم من بعيد، من خلال الحوائط الزجاجية الشفافة، أرى ضحكاتهم الماجنة، أعرف نكاتهم التي يرتج لها المكان، رغم قدمها وتكراراها عشرات المرات.
الوقت يمر، والجوع يزداد وحشية، قدماي استهلكتهما وقفة طالت أكثر مما ينبغى، كان المتفق ان أدخل معهم، ولكن لم يدعونى أحدهم للدخول، كم كنت كريمًا في تلك الجلسات، اللعنة على الأيام.
بدأت حركتهم في التثاقل والتململ، وبدا انهم يستعدون لمغادرة المكان، نعم هم يستدعون أحد العمال، ربما يطلبون الشيك.
أشاروا بأيديهم نحوي، يا فرج الله، أخيرًا تذكروا صديق عمرهم، أحسست بالبشر أخيرًا، و ازداد الأمل والرجاء، كنت متيقنًا أن صداقة العمر لن تهون عليهم بهذه البساطة
قد أخطأت كثيرًا عندما لم ألجأ إليهم منذ البداية، هم قادرون بلا شك على إيجاد عمل مناسب لى، لا أريد شيئًا أخرًا.
هيأت ملابسي وأزلت عن كتفى قشر الشعر الذي يلازمني منذ شهور،استعداداً للدخول أخيرًا إلى مكاني المفضل، وتهلل وجهي عندما وجدت النادل يقبل نحوى بخطوات واثقة، أخيرًا استجاب الله لدعواتى ودعوات زوجتي وأطفالى، ثقتي في الله لا تتزعزع، لا يمكن أن يتركنا دون استجابة بعد أن صبرنا كل هذا الصبر الجميل
أقبل النادل، ابتسمت له إبتسامة واسعة، فقد كنت من زبائنه المفضلين، ومن المؤكد أنه يحمل لي الكثير من الود و الإحترام، ولعله يتذكر سخائي معه في الأيام الخوالى
اتسعت ابتسامتى
نظر نحوى بعينين جامدتين ووجهٍ متحجر، وقال بحدة:
إبعد من هنا لأنك تسبب إزعاجًا لعملائنا
وأشار ناحية المطعم الفخم، حيث يقف أصدقائي وهم يشيرون نحوى في حدة وغضب مفتعل
خطوت إلى الخلف في خطوات ذاهلة،
كتمت دمعة أصرت على النزول ، وانا أتجه في طريقي نحو بيتي في الجهة الأخرى من العاصمة مشياً على الاقدام.

،،،،،
بقلم
اكتوبر٢٠٢١








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري